أسماء صنعن مجد التّاريخ، وأنرن صفحاته النّاصعة البياض، وتركن بصماتهنّ على مراحله، محور الملتقى الدّولي حول «مقاومة المرأة في شمال إفريقيا..من التّاريخ القديم إلى القرن التّاسع عشر»، افتتحت فعالياته بتبسة، أشرف عليها عطا الله مولاتي والي الولاية، بمعيّة بدر الدّين سالمي رئيس المجلس الشّعبي الولائي، والهاشمي عصّاد الأمين العامّ للمحافظة السّامية للأمازيغية، وصالح بريكة رئيس جمعية تيفستيس، وبحضور السّلطات الإداريّة، الأمنية والعسكرية.
لدى إعطائه إشارة انطلاق الملتقى الأوّل من نوعه بالولاية، رحّب والي بالمبادرة وأهميتها في استقراء التّاريخ وإنارة جوانبه المظلمة، والاستفادة منه بما يخدم الحاضر، مؤكّدا أنّ هذا الملتقى فرصة لسرد بطولات الأسلاف الذين قاوموا الاستعمار عبر جميع مراحل التّاريخ، وصولا إلى العصر الحديث، والشّهيدة «بن جدّة مهنّية» - يضيف - نموذجا للمرأة التبسيّة، الشّامخة، المقاومة، الرّافضة للظّلم، القاهرة للمستعمر، آملا أن يساهم في وضع لبنة جديدة لإعادة بناء الشّخصية الجزائريّة، وربطها بتاريخها ومقوّماتها، واسترجاع ثقتها بموروثها وماضيها.
محافظ الملتقى الهاشمي عصّاد، وفي كلمته ركّز على أهمّ محاور فعاليات الملتقى، الذي سيساهم ـ حسبه ـ في بلورة رؤية جزائريّة جديدة لقراءة التّاريخ، ومدى ارتباطه بالمتغيّر السّياسي والاجتماعي، وتأثير ذلك على الإنسانيّة جمعاء، ويأتي ملتقى تبسّة - يضيف - لقراءة ثانية علميّة ومنصفة لجوانب تاريخيّة معيّنة، من خلال وجوه نسائيّة لها حضورها وإسهاماتها في بناء الحضارات المتعاقبة على شمال إفريقيا وحوض المتوسّط.
وعلى هامش حفل الافتتاح، تمّ تكريم وجهين نسائيين لهما مساهمات أثرت الجانب السّوسيولوجي للشّخصية الجزائرية، علاوة على تكريم رمزي لروح امرأة جزائريّة وبطلة تبسيّة، شهد لها المستعمر الفرنسي ذاته بقوّة الشّخصية والشّموخ، ورفض الظّلم، وقهر العدو، الشّهيدة «بن جدّة مهنّية» الملقّبة «بالشّهيدة العذراء»، إحدى جميلات الثّورة الجزائريّة المجيدة.
توصيات في مستوى الحدث
أهمّ التّوصيات التي انبثقت عن الملتقى الدّولي، تدعيم إجراءات حماية المواقع الأثريّة بولاية تبسّة، لأهميّتها وارتباطها العميق بتاريخ البلاد، والمطالبة بإدراج مساهمات شخصيّات تاريخيّة وطنيّة في المقرّرات المدرسيّة، إطلاق أسماء تاريخيّة ساهمت في محاربة المستعمر عبر كامل المحطّات التاريخيّة الوطنيّة، على مرافق عموميّة وتشجيع القطاع الخاصّ على ذلك، ترقية الإنتاج الأدبي والسّمعي بصري، بغرض تقديم الصّورة الصّحيحة عن تاريخ البلاد بأوجهه المتّصلة بالكفاح والمقاومة، ودور وحضور المرأة فيه والتّرويج لذلك، إعادة الاعتبار للتّراث الشّفوي كمصدر لقراءة علميّة للتّاريخ، تشجيع إنشاء منبر للبحث والتّنقيب عن تاريخ المنطقة، بما يسمح برفع اللّبس المتّصل بالوقائع التّاريخية، وتجنيب تقديس الميثولوجيا.