كان النقد الأدبي والمسرحي الجزائري حاضرا، أمس الثلاثاء، في ندوة «الأدب الساخر» التي نظّمها النادي الثقافي بالعاصمة العمانية مسقط. وقدّمت الأكاديمية والناقدة المسرحية، وعضو المجلس الوطني للفنون والآداب، أ.د جميلة مصطفى الزقاي، مشاركة حول مستويات السخرية في السينما والمسرح. فيما تطرّقت د.زينب لوت من المدرسة العليا للأساتذة بمستغانم إلى سوسيولوجيا المجتمعات العربية ودلالات التناص التطابقي في أدب النكتة، وهذا قبل مشاركتها في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي.
سجّلت الجامعة الجزائرية، وبالأخص النقد الأدبي والمسرحي، حضورا بارزا في الندوة التي نظمها النادي الثقافي بعاصمة سلطنة عمان، والتي تمحورت حول الأدب الساخر. وجاءت هذه الندوة ضمن «جهود النادي في دراسة الأدب الساخر ونقده، وتسليط الضوء على مدى تأثير هذا الأدب على المجتمع العربي بشكل عام، والمجتمع العُماني بشكل خاص».
وشهدت الندوة مشاركة نخبة من الباحثين المتخصصين من داخل السلطنة وخارجها، كان من بينهم الأكاديمية والناقدة المسرحية، وعضو المجلس الوطني للفنون والآداب بالجزائر، أ.د.جميلة مصطفى الزقاي، التي تطرقت في ورقتها إلى «مستويات السخرية في السينما والمسرح بين الضحك والنقد».
وكانت مداخلة الدكتورة جميلة مصطفى الزقاي الأولى في الجلسة الثانية من الندوة، التي أدارتها الدكتورة آمنة الربيع، وهي نفس الجلسة التي قدمت فيها الجزائرية الثانية، الناقدة والأستاذة بالمدرسة العليا للأساتذة بمستغانم، الدكتورة زينب لوت، ورقة تحت عنوان «سوسيولوجيا المجتمعات العربية ودلالات التناص التطابقي في أدب النكتة دراسة في تمظهرات النص».
وإلى جانب هاتين المداخلتين، نجد مشاركات عربية كالتي قدمها المغربي د.محمد الصافي تحت عنوان «الجذور التاريخية لنشأة وتطور الأدب الساخر ضمن السياقين العربي والغربي من الفترة القديمة إلى الحديثة»، والمصرية هبة بركات حول «التراث العربي الساخر والمسرح العربي الحديث»، والعماني د.مرشد راقي حول «تمثل الأدب الساخر في المسرح: شهريار نموذجاً»، والمغربية د.سعاد مسكين التي تطرقت إلى «أنماط السخرية في الحكاية المرحة: نماذج نصية من ألف ليلة وليلة»، والسورية د.نجاح إبراهيم بعنوان «تمثل الأدب الساخر في الشعر والنثر: محمد الماغوط أنموذجا»، والعمانية د.مريم الغافري بعنوان «السخرية في السينما والمسرح أدب: أحمد مطر أنموذجا».
يُذكر أنّ الندوة ركّزت على أربعة محاور أساسية، أولها الأدب الساخر من حيث النشأة والتطور وأهم الكتّاب، وثانيها من حيث تمثل الأدب الساخر في الشعر والنثر، أما المحور الثالث فتناول تمثل الأدب الساخر في المسرح والسينما، فيما تطرق المحور الرابع إلى تمظهر النُكتة في المجتمعات العربية.
وتمثيل في مهرجان القاهرة للمسرح التّجريبي
من جهة أخرى، تشارك الدكتورة زينب لوت في فعاليات الدورة السادسة والعشرين من مهرجان القاهرة الدولى للمسرح المعاصر والتجريبي، وذلك بتنشيطها محاضرة الأحد المقبل، تحت عنوان «تكوين اللغة والسياسات في المسرح الأفريقى ما بعد الاستعمار».
وتندرج هذه المحاضرة ضمن مؤتمر فكري حول ماهية المسرح الأفريقي وخصوصيته، يشهد مشاركة شخصيات عدّة، على غرار السفير علي مهدى من السودان سفير اليونسكو للسلام والأمين العام للهيئة الدولية للمسرح وكينيه إيجوينو من نيجيريا رئيس مؤسسة المسرح الأفريقي ومؤسس جماعة العمل البحثية حول المسرح الأفريقي والكاريبي بالهيئة الدولية للبحوث المسرحية.
للإشارة، رغم أن مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي يشهد أيضا تكريم المخرج الجزائري زياني شريف عياد، فإن الجزائر سجلت غيابها على مستوى العروض في هذا الموعد الدولي، الذي انطلقت فعالياته على المسرح الكبير بدار الأوبرا، وتستمر إلى غاية التاسع عشر من الشهر الحالي، بنزول الولايات المتحدة الأمريكية ضيف شرف عليها.
حضور قوي في السّاحة النّقدية
وتعدّ الناقدة والأكاديمية أ.د جميلة مصطفى الزقاي، عضو المجلس الوطني للفنون والآداب، من أهمّ الأسماء الفاعلة في الساحة النقدية الجزائرية، هي من مواليد 1961 بمنطقة صفرو (المغرب)، حصلت على البكالوريا سنة 1980 بسيدي بلعباس، دخلت ميدان التعليم منذ 1984، قبل أن تحصل على الليسانس من جامعة السانيا بوهران سنة 1986، ثم الماجستير في تخصص «الإبداع وكتابة السيناريو (سينما الطفل)» سنة 2002، لتتمّ شهادة الدكتوراه في تخصص نقد مسرح الطفل بأطروحة حول «شعرية المشهد في المسرح الطفولي المغاربي».
وإلى جانب نشاطها المكثف على مستوى التظاهرات الوطنية والدولية، وكذا نصوص إبداعية ومسرحية، نجد لها عددا كبيرا من الإصدارات، على غرار كتاب «سينما الطفل، الإبداع السينمائي للطفل، الجزائر نموذجا» وهو كتاب في النقد السينمائي من دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة (الإمارات)، وكتاب «فاطمة قالير 5 مسرحيات» في ترجمة خمس مسرحيات للكاتبة الجزائرية الفرنسية فاطمة قالير (عن الهيئة العربية للمسرح، الشارقة، 2015)، وكتاب «شعرية مسرح الطفل العربي – التجربة المغاربية نموذجاً».
من جهة أخرى، نجد الدكتورة زينب لوتي، أستاذة بالمدرسة العليا للأساتذة بمستغانم، ورئيسة قسم اللغة العربية بالنيابة التخصص العلمي: دكتوراه علوم تخصص نقد حديث ومعاصر بجامعة ابن باديس مستغانم. ولها العديد من المؤلفات على غرار رواية «حصار المرايا» (دار الكتاب مستغانم، الجزائر، 2015)، والكتاب النقدي «حواس اللغة تعريب النص وتوليف عروبته» (دار المنتهى، الجزائر، 2016)، وكتاب «شعرية الانفتاح، قراءة فلسفية في لزوميات المعري» (دار المنتهى، الجزائر 2016)، و»الملتقي العربي للرواية العربية (تأليف مشترك) الكتابة الروائية والمنجز التخيلي» (المغرب 2017) وكتاب نقدي جماعي «الرواية في الوطن العربي الخصوصية والتلقي» (مطبعة الجسور، المغرب 2016)، المجموعة القصصية «فاكهة الصمت…. تنضج» (دار الفراهيدي، بغداد 2017)، «أثر الفراشة في رواية فراشة التوت للونا قصير، دراسة في فيزيائية المعنى السردي» (دار ماهر، الجزائر2017)، «الصورة الجمالية واستراتيجية الكتابة السردية، دراسة نقدية في أعمال أمنة برواضي» (دار الماهر، الجزائر، 2017)، . وكتاب «نون النسوة دراسات في السرد النسائي» مع د.محمد دخيسي أبو أسامة من المغرب (دار الماهر، الجزائر الطبعة الأولى والثانية 2018).
ومن الشهادات في زينب لوت، نذكر ما قالته الروائية الكويتية فاطمة يوسف العلي، عن أن لوت فتحت «مساحات عريضة لأسلوب نقدي جديد يعتمد على التساؤل والتشريح لجسد النص الإبداعي وروحه في آن واحد»، فيما وصفها المصري شريف الجيار بأنها «صوت نقدي متميز، تسبر أغوار النص الأدبي عبر رؤية واضحة، ومنهج نقدي يتكئ على علم اجتماع الأدب، وهي تمتلك لغة نقدية علمية، تساعدها على التقاط شعرية النصوص وجمالياتها، ومحاولة ربطها بمحيطها الذي تَوَلدَت منه».
أما الجزائري عبد القادر مزاري فيعتبرها «من الذين يتمتعون بالمرونة في المعلومات وطلاقة الإنتاج وأصالة الأفكار»، وهي «من القلائل الذين يجمعون بين النقد والإبداع، فهي حين تبدع تنقل المتلقي إلى عالم غير عالمه ليلامس حضور ذات الأنا بذات الآخر، فتستعين بالرمز والإيحاء، كما أنها تميل إلى المباشرة والتصريح»، كما أنها «ناقدة لها خصوصيات تميزها متمكنة من آليات العمل النقدي وفنياته تجمع بين أدبية النصوص السردية وشعريتها في تناسق منسجم بالاعتماد على آليات جديدة تربط بين مميزات النثر بمميزات الشعر في قالب مقنع جذاب».