ثالث كتـاب لأسـتاذ عـلوم الإعــلام والاتصـــال محمـد أمـين رزيـن

«السينما والسياسة».. بين بلاغـــة الصـــورة ورمزيـــة الخطاب

أسامة إفراح

يغوص كتاب «السينما والسياسة: دراسة نصية سيميولوجية لمجموعة من الأفلام الجزائرية» لصاحبه محمد أمين رزين، في علاقة الفن السابع بالسياسة، وحضور هذه الأخيرة في السينما الجزائرية. هذه العلاقة التي تأسست بحكم الظروف، مما أدى إلى بروز السينما كوسيلة تواصل سياسي لبث الخطابات والرموز والشعارات والمشاريع. ويتطرق أستاذ علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجيلالي ليابس بسيدي بلعباس، في كتابه الصادر عن دار «الماهر» للنشر، إلى مسألة الجمع بين وسيلة تعبير جماهيري ووسيلة ممارسة السلطة.

جاء الكتاب في قسمين، قسم أول يتناول علاقة السينما بالسياسة، وينقسم بدوره إلى أربعة فصول؛ الفصل الأول عنوانه «عن السينما: الخصائص والنشأة»، أما الفصل الثاني فجاء تحت عنوان «السينما والسياسة»، فيما تطرق الفصل الثالث إلى «نشأة السينما الجزائرية وتطور موضوعاتها»، بينما خصص الفصل الرابع لـ»السياسة في السينما الجزائرية».
بالمقابل، ورد القسم الثاني من الكتاب في شكل دراسة نصية سيميولوجية لمجموعة من الأفلام الجزائرية، وتفرع إلى ثلاثة فصول. الفصل الأول هو دراسة للنظام النصي لفيلم «معركة الجزائر» للمخرج الإيطالي جيلو بونتيكورفو، والفصل الثاني دراسة النظام النصي لفيلم «الفحام» للمخرج محمد بوعماري، أما الفصل الثالث فهو دراسة النظام النصي لفيلم «يوسف أسطورة النائم السابع» للمخرج محمد شويخ.. فيما يستعرض الكتاب في ملاحقه مجمل الدراسات السابقة المتعلقة بعلاقة السينما بالسياسة.
«السينما والسياسة» عنوان مركّز يلخص فحوى الكتاب، الذي يقدمه لنا الأستاذ محمد رزين في 260 صفحة، حينما يبحث العلاقة بين هذين المتغيرين. يقول رزين في ملخص كتابه هذا: «في البداية كان المجاهد ببندقيته، والسينمائي بكاميرته، ولذلك عرفت السينما الجزائرية منذ ميلادها في الجبال كسلاح نضالي من أجل قضية عادلة، فصوّرت الأفلام الأولى واقع معاناة المجاهدين، وجزء من نضال ممرضات جيش التحرير بإمكانيات بسيطة وتكاليف زهيدة بلا سيناريوهات ومن دون استوديوهات تصوير».
ويستطرد قائلا: «ثم رافقت السينما الجزائرية بعد استعادة السيادة الوطنية جل الأحداث الحاسمة التي عرفتها البلاد، وترجمت ذلك من خلال أفلام تحمل أهمية سياسية واجتماعية وحتى تاريخية».. ويضيف رزين أن كتابه يتطرق إلى «أصول علاقة السينما بالسياسة، هذه العلاقة التي تأسست بحكم الظروف، مما أدى إلى بروز السينما كوسيلة تواصل سياسي لبث الخطابات والرموز والشعارات والمشاريع».
من جهته، قدم الكتاب البروفيسور محمود إبراقن، وهو رئيس تخصص دكتوراه «السينما ووسائل الاتصال التفاعلية» بجامعة الجزائر 3. ومما ورد في تقديم البروفيسور إبراقن: «السينما والسياسة موضوع يجمع بين وسيلة تعبير جماهيري ووسيلة ممارسة السلطة، وقد تبلورت هذه العلاقة انطلاقا من باحثين كبار من بينهم الباحث الفرنسي كريستيان زيمر Christian ZIMER الذي تطرق إلى ميلاد عقيدة العرض spectacle  السينمائي، باعتبار أن هذا الأخير كثيرا ما يوصف بممارسة سلطة على المشاهد المستسلم كليا للقصف الهائل من صور الخطابات الفيلمية الاستهلاكية».
ويضيف إبراقن في تقديمه، أن علاقة السينما بالسياسة ظهرت أيضا «كتوثيق لمرحلة عصيبة مرت بها شعوب العالم الثالث التي كانت تركن تحت نير الاستعمار الغاشم، فجاءت أفلام حرب التحرير كصرخات انعتاق و»معارك صور»Batailles d’images  موازية لحملات الغزو العسكري». وأثناء حرب التحرير الجزائرية، كانت السينما ذات أهمية بالغة، يؤكد إبراقن، حيث أنها لعبت «دورا مفصليا في النضال الذي خاضه الشعب الجزائري من أجل التحرير بعامة وتدويل القضية الجزائرية بخاصة». وذكّر إبراقن بأن الحكومة الجزائرية المؤقتة قد أنشأت «لجنة السينما» ثم «مصلحة السينما»، دون نسيان ذكر «مصلحة السينما» التابعة لجيش التحرير الوطني وكذا «مدرسة التكوين السينمائي».
ويعتبر إبراقن أن صاحب الكتاب انطلق من السينما «كظاهرة اتصالية تملك كل عناصر التأثير والإقناع، ثم يمر على أمثلة ومحطات تاريخية مهمة من تاريخ السينما السياسية، ليستقر أخيرا على إبراز مجمل الأفلام الجزائرية التي لها علاقة بالسياسة... لأن السينما السياسية غالبا ما تلجأ إلى رمزية الخطاب وبلاغة الصورة، ولأن التحليل السيميولوجي يعد أحسن المقاربات لتحليل الخطابات السمعية-البصرية، فإن الباحث رزين محمد عالج في كتابه هذا ثلاث محطات تاريخية وسياسية جزائرية عكستها ثلاثة أفلام جزائرية مهمة: «معركة الجزائر» للمخرج اليساري جيلو بونتيكورفو، «الفحام» لمحمد بوعماري، و»يوسف أسطورة النائم السابع» لمحمد شويخ.» ويخلص إبراقن إلى أن المؤلف الباحث يعالج هذه الأفلام «انطلاقا من شبكة تحليل متكاملة مستمدة من مقاربة التحليل النصي السيميولوجي لرولان بارث».
للإشارة، فهو ليس الكتاب الأول الذي يصدر للكاتب محمد رزين، حيث صدر له أيضا «مخرج يناضل بالكاميرا» عن دار «الوطن اليوم» (2018) وهو عبارة عن بورتري عن المخرج الإيطالي جيلو بونتيكورفو، وقبل ذلك صدر للكتاب «فيلوصوفي» عن دار «أجنحة» (2017) وهو عبارة مجموعة نصوص وتأملات.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024