أحدث التراجع الكبير لأسعار البترول في السوق العالمية وضعا غير مريح بالنسبة للاقتصاد الجزائري، أين ترتسم مؤشرات تقلص عائداتنا من العملة الصعبة بالإجراءات المتخذة في قانون المالية 2016 من أجل التخفيف من الأزمة في حالة استمرارها .
لكن النظرة التفاؤلية قد تتغلب على “ الحسرة “، تطبيقا لمقولة” الأزمة تلد الهمّة “، لأن الوضع الحالي قد يكون انطلاقة فعلية للمهارة الجزائرية في الاعتماد على “السواعد” وإعطاء الأولوية والقيمة الحقيقية للمجهود في العمل المنتج لتحقيق مكاسب اقتصادية كانت منتظرة منذ سنوات .
وبذلك فالدافع المعنوي لتجاوز الأزمة سيكون بمثابة “ الدينامو “ الحقيقي لنهضة اقتصادية جزائرية، لاسيما و أن البنية التحتية قد وفّرت في السنوات الأخيرة بقرارات جريئة في التجهيز بمستويات قياسية بفضل الإمكانيات المالية التي ساهمت كثيرا في مضاعفة نسب نجاح المشاريع الاقتصادية وتشجيع الاستثمار على نطاق واسع ببلادنا.
وضعية الجزائر في الوقت الحالي تؤهلها لتجسيد الأهداف الاقتصادية على الميدان، وتقليص نسبة الاعتماد على الواردات بأرقام معتبرة .. وفقا لاستراتيجية فلاحية وصناعية في آن واحد .. بتشجيع إنشاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي ستكون ضمانا لتقليص البطالة ورفع الإنتاج.
وكم من مثال ناجح لمؤسسات جزائرية “ دفعت “ فعلا المستهلك الجزائري إلى التخلي عن السلعة المستوردة نظرا للجودة العالية لـ “ منتوج بلادي “ الذي سيكون فعلا تنافسيا بشكل واسع بفضل النظرة الجديدة للاقتصاديين الجزائريين .
ففي مثل هذه الظروف، يكون الابتعاد عن “الاتكالية” هو المخرج الرئيسي للاقتصاد الجزائري الذي يريد التمركز في مرتبة مرموقة بين البلدان، خاصة و أننا نسعى إلى التحضير لمرحلة ما بعد البترول نظرا للوضعية التي أصبحت تعرفها أسعاره حاليا بحكم وجود “ تخمة “حقيقية لهذه الطاقة في السوق العالمية .. و التي اعتبر الخبراء بشأنها أن تدني أسعار الذهب الأسود هو نتيجة معادلة بسيطة مرتبطة بمبدأ “ العرض والطلب “ .
التحدي الجزائري مرتبط بالمسافة التي يبتعد بها اقتصادنا عن “ تيرمومتر “ أسعار البترول على المستوى العالمي بالتحكم في الآليات بإرساء عقد اجتماعي يمكّن الجزائر من الوصول إلى توازن اقتصادي متين بالاكتفاء الذاتي لنسبة كبيرة من المواد، بالإضافة إلى النظر للأسواق الخارجية .. للتصدير بالدرجة الأولى و ليس العكس .