براعة منقطعة النّظير في مسائل التّخطيط والتّصميم الاستراتيجي
مراتب متقدمة ومشرّفة في تصنيفات أبرز الجيوش المحترفة بإفريقيا والمنطقة العربية
ضباط وجنود وإطارات يصنعون ملاحم النصر والبطولات في السلم والحرب
تقدّم عصري سريع في الأمن السيبيراني والحروب التكنولوجية والدعائية الهجينة
تعدّ المؤسّسة العسكرية أمّ المؤسّسات في الجزائر، وتتبوّأ مراتب جدّ متقدمة في تصنيفات أبرز الجيوش المحترفة في القارة الإفريقية والمنطقة العربية والشرق الأوسط، حيث لعبت دورًا حيويًا في استعادة استقلال البلاد، واسترجاع السيادة الوطنية، وحماية الأمن القومي الجزائري عبر كل مراحل التأسيس والبناء للجمهورية، خاصة في عشرية الإرهاب الإجرامي الدموي في تسعينيات القرن العشرين.
مسيرة تطوّر الجيش الوطني الشعبي الناجحة عبر العقود والمراحل السابقة، جعلت منه مواكبًا للتحديات والتهديدات العسكرية الداخلية والإقليمية والدولية، بداية بدحره لأعتى قوى الاستعمار الحديث، وتحرير الجزائر من براثن المحتل الفرنسي الغاشم، ثمّ انتصاره على جيش نظام المخزن الذي حاول التّوغّل بغباء للإستيلاء على أراض غرب الوطن، وطرده مهزومًا خاسئًا وصاغرًا منها، مرورًا بمشاركته الفعّالة في حرب أكتوبر 1973 ضد الكيان الصهيوني، وانتصر فيها العرب لأول مرة، آنذاك، بحضور وفعالية أداء قوات السليل.وكانت أبرز محطّة أبان فيها الجيش الجزائري عن غلبة وجاهزية قصوى في مواجهة المحن والإضطرابات الأمنية والسياسية، في فترة العشرية السوداء، حين تصدّى بلا هوادة لفلول الجماعات الإرهابية المسلحة التي أرادت السوء بالوطن، وصنع جنوده وضباطه وإطاراته ملاحم النصر المفعمة بالبطولات على هذه الظاهرة الخطيرة المدعومة من دوائر وجهات داخلية وخارجية تكفيرية، وقطع دابرها وقضى عليها، وحال دون سقوط الجمهورية وتفكيكها في أحلك المراحل التي عرفتها، وهي اليوم تزهو أمام العالمين بمكانتها الدبلوماسية الدولية الرفيعة والمهابة، وإنجازاتها التنموية والاقتصادية والاجتماعية الكبرى التي بلغ صداها أقاصي المعمورة.
كما أظهر الجيش الوطني الشّعبي سليل جيش التحرير الوطني، خلال التمارين والمناورات العسكرية بالذخيرة الحية التي أجراها في السنوات الأخيرة عبر نواحيه الستة، نموذجًا عسكريًا محترفًا يُحتذى به في فنون الحرب والاشتباك والقتال الحديث، وبراعة في مسائل التخطيط والتصميم الاستراتيجي، والقيادة الحكيمة التي استخلصت الدروس والعبر من المحن والنوازل، وقوة وردع رهيبة حطّمت آمال كل من أراد شرًّا بهذا الوطن العزيز المفدّى بدماء ملايين الشهداء أثناء المقاومة الشعبية وثورة التحرير المجيدة، وعشرية مكافحة التطرف العنيف والإرهاب البغيضيْن.
علاوة على ذلك، أبدت المؤسسة العسكرية الجزائرية في ظل كل هذه الظروف، التزاما كبيرا بمبادئ ثورة أول نوفمبر المجيدة 1954، وحفظت وديعة الشهداء الأبرار والمجاهدين الأبطال الذين صنعوا مجد الأمة، وصانت أمن الوطن وأرست استقراره الشامل ووحدة ترابه كاملا رغم التحديات الجسام التي مرت بها البلاد.
تحوير جيش التّحرير
يؤكّد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة ولاية تيزي وزو، الدكتور جلال حدادي، أن القيادة السياسية والعسكرية شرعت بعد الاستقلال واسترجاع السيادة الوطنية في جويلية 1962، في تشكيل جيش نظامي حديث “الجيش الوطني الشعبي” كسليل لجيش التحرير الوطني، الذي حقّق الهدف الأسمى ألا وهو التحرر من نير الاستعمار الفرنسي الهمجي، وبعدها تصدّت المؤسّسة العسكرية بكفاءة ونجاح للعديد من الأزمات والمؤامرات التي واجهتها الجزائر، ولا تزال تحديات تفرض مزيدًا من اليقظة والاستعداد الدائمين للالتزام بحماية وحدة الجمهورية، والوفاء لرسالة الشهداء الأطهار.وقال الدكتور جلال حدادي، في تصريح خصّ به “الشعب”، أن التاريخ العسكري يبين جذور الجيش الجزائري القديمة قدم المعارك التي خاضها أهل هذا البلد الطيب ضد الاحتلال الأجنبي في كل مراحله، مرورًا بالاستعمار الفرنسي الذي واجه مقاومات شعبية ضارية، ووصولا إلى اندلاع الثورة التحريرية المظفرة في الفاتح من نوفمبر 1954 التي هزمته، وقذفته وراء البحر يجرّ أذيال الخيبة.وأوضح حدادي أنّ الشعب الجزائري واجه مع بداية مرحلة الاستعمار الفرنسي أشكالا من الجرائم الفظيعة في مختلف مناطق البلاد، قاومها الجزائريون بوسائل كفاح مسلح في مناطق مختلفة، لكن العدو كان قوّة عسكرية لا تماثلية متفوقة بكثير عمّا كان يحوزه الجزائريون، في ذلك الحين، مما جعل هذا الأسلوب لا يحقّق ردًا على العدوان والاحتلال.كما اعتمد الجزائريون على نشاط الحركة الوطنية والنضال السياسي بعد الحرب العالمية الأولى بدايات القرن العشرين، وبعد جملة من التحولات والأحداث الداخلية والدولية خاصة وقوع أحداث 08 ماي 1945م إثر انتهاء الحرب العالمية الثانية، أدرك الشعب الجزائري بأنّ ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، وشرع أبناء الوطن الأفذاذ في التحضير السري لاندلاع ثورة الفاتح من نوفمبر 1954م، وجمع السلاح والمعدات اللازمة، والتخطيط الذكي المعتمد على الاستفادة من أخطاء مرحلة المقاومات الشعبية والحروب التي نشبت في ذلك الأوان، أين أعلنت القيادة الثورية انطلاق حرب التحرير الكبرى التي حققت الاستقلال المخضب بدماء ملايين الشهداء، بفضل التلاحم الكبير الذي حصل بين الشعب وجيش التحرير الوطني، يضيف الدكتور جلال.
مواكبة التّطوّرات التّكنولوجية العسكرية
من جانبه، أكّد أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة ولاية بشار، البروفيسور نبيل صالح العرباوي، أنّ الجيش الوطني الشعبي بذل جهودًا جبارة منذ الاستقلال لتحقيق الأمن وبسط الاستقرار في الجزائر، ورافق كل محطات بناء المؤسسات وتشييد أركان الجمهورية، ولعب دورا أساسيًا في القضاء على الإرهاب والتطرف العنيف داخل البلاد.
وأضاف البروفيسور نبيل صالح العرباوي، أنّ الجيش الجزائري الذي تأسّس كأداة ووسيلة دفاع عن الحقوق المشروعة للشعب والدولة الجزائرية إبان ثورة التحرير الخالدة في التاريخ، كان دائما وما زال في الرّيادة، حاملاً للواء الأمّة وآمال الجزائريين وتطلّعاتهم.
وأبرز العرباوي في اتصال مع “الشعب”، أن الجيش الوطني الشعبي تطوّر بشكل مستمر منذ استرجاع السيادة الوطنية، فأصبح واحدًا من أقوى الجيوش وأكثرها احترافية في منطقة الشرق الأوسط والقارة الإفريقية.كما أوضح محدّثنا، أنّ المؤسسة العسكرية السليلة تسعى دائمًا إلى مواكبة التطورات الحاصلة في مجال التكنولوجيا الأمنية الحديثة، وتجهيز الوحدات بمختلف تشكيلاتها بأحدث أنواع الأسلحة والمعدات الأكثر تطورا في العالم، مع الاعتماد بشكل مستدام على تكوين الموارد والإطارات البشرية، بغية جعلها مؤهّلة لمواجهة التحديات العسكرية الميدانية.
عصرنة وسائل الدّفاع الوطني
أفاد أستاذ كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة بشار، البروفيسور نبيل صالح العرباوي، أنّ قوات الجيش الوطني الشعبي بلغت تطورًا عملياتيًا عالي المستوى، وتقدمًا عصريًا سريعًا في مجال الأمن السيبيراني، والحروب التكنولوجية والدعائية الهجينة، وتسعى إلى تعزيز آليات التعاون الأمني المشترك مع العديد من الدول المجاورة والحليفة، بغية الحفاظ على استقرار حدود البلاد وأمنها، وكذا إحباط كل المخططات التي تستهدف أمن المنطقة واستقرارها.ولفت المتحدث ذاته، إلى أنّ وزارة الدفاع الوطني نجحت بالفعل في بناء جيش حديث وعصري وقوي مهاب الجانب، قادر على مجابهة كل التهديدات والتحديات وصون وحدة وسيادة واستقلال الجمهورية والحفاظ على وحدة ترابها.كما منح رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، السيد عبد المجيد تبون، للجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير، عناية مخصوصة من أجل تطويره وتسليحه وتكوين أفراد وحداته، لكي يكونوا على جاهزية مستديمة لحماية جزائر الشهداء، يختم البروفيسور نبيل صالح العرباوي.