تمسك بالثوابت النوفمبرية والتزام بصون أمانة الشهداء
ضمان كرامة المواطن وحقوقه الأساسية.. هدف تحقق
أكد الخبير الاقتصادي والنائب البرلماني الدكتور عبد القادر بريش، أن الجزائر أثبتت مكانتها كدولة اجتماعية بامتياز، متمسكة بثوابتها الوطنية والتزاماتها تجاه الفئات الهشة، رغم التحولات الاقتصادية العالمية وضغوط السياسات النيوليبرالية.
جاء هذا التأكيد في مقال تحليلي عبر «الشعب»، وسمه بعنوان: «الجزائر في طليعة الدول العربية والإفريقية: نموذج في العدالة الاجتماعية والسياسة العمومية المتوازنة»، تطرق فيه إلى دلالات تصنيف الأمم المتحدة الأخير، الذي وضع الجزائر في المرتبة الأولى عربياً وإفريقياً ضمن تقرير الأهداف الإنمائية (LNOB/LNMB) من حيث الأداء الاجتماعي، متقدمة على دول مثل موريشيوس، تونس والمغرب، بنقطة إجمالية بلغت 76,74.
وأوضح الدكتور بريش، أن هذا التصنيف الأممي اعتمد أربعة محاور أساسية لتقييم الأداء الاجتماعي، شملت: فرص الوصول إلى الخدمات، الحد من الفقر المدقع، تقليص الفوارق الاجتماعية والنوعية وضمان توزيع عادل للدخل. وبيّـن أن تفوق الجزائر في هذه المؤشرات يعود لـ»فعالية السياسات العمومية الاجتماعية» التي ترجمتها الدولة في برامج دعم الأسعار، التعليم المجاني، السكن الاجتماعي، التغطية الصحية المجانية، آليات التضامن الوطني ودعم الإدماج المهني للنساء والشباب.
وقال الخبير الاقتصادي، إن تمسك الجزائر بالعدالة الاجتماعية لم يكن خياراً ظرفياً، بل هو نابع من «عقيدة دولة تأسست على مبادئ بيان أول نوفمبر 1954، الذي أكّد على إقامة دولة تضمن كرامة المواطن وحقوقه الأساسية»، وهو ما عكسته، بحسبه، السياسات الواقعية التي ظلت تضع المواطن في صلب الاهتمامات، رغم التحديات المالية المتكررة.
وشدّد الدكتور بريش على أن السياسة الاجتماعية في الجزائر «تتجاوز وظيفة التوزيع، لتتحول إلى رافعة استراتيجية للتماسك الوطني والأمن المجتمعي»، حيث ساهمت في تعزيز الثقة بين المواطن والدولة، ومجابهة محاولات الاختراق الخارجي، وتحقيق قدر كبير من العدالة الجهوية التي تدعم الوحدة الوطنية.
وتثمينا لهذه الإنجازات، دعا النائب البرلماني إلى مواصلة تحديث أدوات السياسة الاجتماعية، من خلال مواصلة إدراج مبادئ الحوكمة الرشيدة، لتحقيق فعالية أكبر في الإنفاق وتحسين جودة الخدمات، محذراً من «الركون إلى النجاحات المحققة دون تجديد في آليات التنفيذ». وقال في هذا السياق: «الحفاظ على المكتسبات يتطلب الانتقال من الكم إلى الكيف، ومن الاستهلاك إلى الإنتاج، ومن الحماية إلى التمكين».
وفي ختام تحليله، قدم الدكتور بريش جملة من التوصيات العملية لتثبيت النموذج الجزائري وتعزيزه، أبرزها تعزيز الشفافية والحوكمة في البرامج الاجتماعية، إضافة إلى إشراك الجامعة في التقييم المستمر للسياسات، و»تحويل الطابع الاجتماعي للدولة إلى طابع إنتاجي تنموي»، ثم العمل على «تطوير آليات الاستهداف الذكي للفئات الهشة وتسويق التجربة الجزائرية كقوة ناعمة في العمل الدبلوماسي الدولي.
واعتبر الدكتور بريش، أن تصدّر الجزائر لتصنيف الأمم المتحدة، بداية لمرحلة جديدة عنوانها «التنمية العادلة والمستدامة» التي تضع الإنسان في قلب كل السياسات.