عد تصنيف عدد كبير من المجلات العلمية

النّشر الأكاديمي الجزائري..يتنفّس

أسامة إفراح

تلقّى المشهد الأكاديمي الجزائري بارتياح كبير التحديث الأخير لقائمة المجلات العلمية المصنفة، المقبولة لمناقشة الدكتوراه وللتأهيل الجامعي. وفي هذا الصدد، أكّد لنا رئيس تحرير مجلة «روافد» المصنفة حديثا، أن استحداث منصة المجلات العلمية الجزائرية حسّنت ظروف وشروط النشر العلمي، ما سينعكس على ترتيب الجامعات الجزائرية في التصنيفات العالمية، فما ثمّن رئيس تحرير مجلة «أنثروبولوجيا» نجاح وزارة التعليم العالي في مرافقة المجلات وتحريك قطاع النشر الأكاديمي في الجزائر.


شهد الأسبوع الماضي تحديث قائمة المجلات العلمية صنف «ج»، وذلك بموجب القرار رقم 442 المؤرخ في 22 أفريل 2021، حيث ضمّت القائمة 287 مجلة علمية وطنية مقبولة في مناقشة الدكتوراه والتأهيل العلمي، ما من شأنه تخفيف معاناة للباحثين في نشر مقالاتهم.
وحسب منصة المجلات العلمية الجزائرية، فإنّ الصنف «أ» ما يزال خاليا من المجلات، فإن الصنف «ب» يضم 15 مجلة لغاية الآن، فيما ارتفع عدد المجلات المصنفة في الصنف «ج» إلى 287 مجلة، بينما يبقى عدد المجلات التي تنتظر التصنيف 342 مجلة. وارتفع عدد المجلات المحكمة الوطنية بما يعادل 92 مجلة، بعدما كان عددها 552 مجلة سنة 2018. ونشير هنا فقط إلى أن مجموع المجلات، المصنف منها وغير المصنف، يساوي 644 مجلة، وليس 642 كما تشير إليه منصة المجلات العلمية الجزائرية في واجهتها.

- انفتاح على المكوّنات الجديدة للسّاحة العلمية
من المجلات التي تمّ تصنيفها نذكر مجلة «أنثروبولوجيا»، التي تواصلنا مع رئيس تحريرها د - مبروك بوطقوقة، وهو أيضا المشرف العام لمركز «فاعلون»، وأعرب لنا، في تصريح خاص، عن سعادة أعضاء المركز بهذا التصنيف، باعتبار «أنثروبولوجيا» أو «المجلة العربية للدراسات الأنثروبولوجية المعاصرة» أقدم مجلات المركز، و»أول وأهم مجلة تتخصّص بالكامل في الأنثروبولوجيا في العالم العربي منذ 2015».
واعتبر د - بوطقوقة أن هذا التصنيف «يعكس المجهودات الجبارة التي قام بها فريق المجلة على مدى ست سنوات كاملة من العمل المتواصل، في ظل ظروف صعبة وغير مواتية، وبتطوع كامل من الفرق التقنية والعلمية للمجلة، والحمد لله أن تلك الجهود آتت أكلها وأثمرت بتصنيف المجلة».
كما أشار د - بوطقوقة إلى خصوصية حالة مجلة أنثروبولوجيا، فهي كما قال «تابعة لمؤسسة علمية أهلية غير ربحية وغير حكومية، وتصنيفها يشير إلى تفتح الوزارة الوصية على مختلف المكوّنات الجديدة للساحة العلمية، بما فيها المراكز البحثية غير الحكومية، وهو أمر نثمّنه بشدة ونرى أنه خطوة في الطريق الصحيح لأنّنا نرى أنه من المهم أن يتم الاستفادة منها في تأطير هذه المراكز ضمن السياسة الوطنية للبحث العلمي، والاستفادة من الزخم البشري والمعرفي الذي يمكن أن توفره هذه المراكز على قلتها في الوقت الراهن بما يخدم البلاد».
وفي رأي د - بوطقوقة، فإن الوزارة الوصية، ومن خلال مجهودات مديرية البحث العلمي، «نجحت إلى حد كبير في مرافقة عدد كبير من المجلات للوصول إلى الحد الأدنى من المعايير المطلوبة، وفي تحريك قطاع النشر الأكاديمي في الجزائر، من خلال مشروع البوابة الجزائرية للمجلات العلمية، الذي وفّر منظورية دولية للمحلات الجزائرية، ثم من خلال عملية التصنيف التي أجبرت أصحاب المجلات على احترام مجموعة من المعايير المطلوبة ولو في إطارها الشكلي حاليا، وهو ما ساهم في فرض ثقافة التطوير الإجباري، فمنذ سنتين أو ثلاث كانت هناك فوضى عارمة في المجال، واليوم، ورغم الصعوبات، هناك نوع من التحكم في الأمور وتوجه جماعي في الجامعة الجزائرية نحو الارتقاء بالمجلات، والعديد من الجامعات اتخذت إجراءات لتحسين المجلات التابعة لها ووضعت سياسات للارتقاء في مختلف التصنيفات».
وخلص د - بوطقوقة إلى أن هذا التصنيف ليس هدفا في حد ذاته بالنسبة لمركز «فاعلون»، بل هو «خطوة أخرى في سبيل تحقيق أهداف سياسات النشر التي وضعها المركز، والتي تهدف إلى الارتقاء بمجلاتنا إلى المستوى الدولي، عبر تبني مجموعة من الممارسات السليمة التي تؤطرها الحكامة الرشيدة في هذا المجال، ويبقى الهدف هو النجاح في إدراج المجلات في كبرى قواعد البيانات العلمية المعترف بها دوليا مثل سكوبيس وشبكة العلوم».

- التّصنيف نتاج استراتيجية مدروسة
من الأمثلة الأخرى التي شملها التصنيف الجديد، «مجلة روافد للدراسات والأبحاث العلمية في العلوم الاجتماعية والإنسانية»، التي تصدر بجامعة عين تموشنت، وهي من المجلات حديثة النشأة حيث تأسّست قبل أربع سنوات فقط (2017)، وهو ما يؤهّلها لأن تكون أحدث مجلة في التصنيف الأخير الذي أصدرته وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بخصوص المجلات الوطنية العلمية التي تستجيب للمعايير الدولية، حسب ما أكده لنا د - موفق كروم رئيس تحرير المجلة ومؤسسها.
ويشير د - موفق كروم إلى أن هذا الحدث يتزامن وترقية المركز الجامعي لعين تموشنت إلى مصاف جامعة، وهو تتويج لجهود كبيرة من العمل الدؤوب.
ويشرّح لنا أستاذ علم النفس بجامعة عين تموشنت مسيرة تصنيف «روافد»، قائلا إنها نتاج خطة محددة، تضمنت في أولى مراحلها الإشهار للمجلة في العديد من قواعد البيانات العالمية، لتقريبها من القارئ العربي بالخصوص، وكذا إنشاء صفحة خاصة بها بمواقع التواصل الاجتماعي، ثم الاتصال بكبار الباحثين العرب للمشاركة أو للانضمام إلى المجلة من أجل إعطائها الصبغة الدولية.
وأكّد محدّثنا أن التصنيف ليس هدفا بحد ذاته، لكنه خطوة نحو ترقية البحث العلمي بالجامعة. والخطة المرسومة تتضمن أيضا هدف بلوغ التصنيف «ب» في غضون سنتين إلى 3 سنوات، والتصنيف «أ» في غضون 4 إلى 7 سنوات القادمة، وهو ما يعطي الانطباع أن القائمين عليها يعملون وفق استراتيجية محددة وليست عشوائية.
وذكّر د - موفق كروم بأن البوابة الجزائرية للمجلات العلمية منصة إلكترونية استحدثتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي من أجل ضبط النشر العلمي، وقد تمّ تصميمها بطريقة تسمح للباحث بتتبع مختلف مراحل تحكيم مقاله منذ إرساله إلى غاية قبوله، مرورا بمختلف مراحل التعديل، «وهو ما يضفي شفافية على عملية النشر العلمي التي كانت سابقا تتسم بالمحسوبية»، يقول، مضيفا أن ذلك يمكّن أيضا «الباحثين الجزائريين من عرض موادهم العلمية بما يضمن مقروئية (visibilité) أوسع للمواد العلمية، و»سينعكس ذلك على ترتيب الجامعات الجزائرية في التصنيفات العالمية».

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024