يعد المتحف الولائي للمجاهد الكائن بطريق تازولت (جنوب شرق مدينة باتنة) بشهاداته الحية والقطع المتحفية التي يزخر بها، حافظا للذاكرة الوطنية وتاريخ الجزائر المجيد على مر الأجيال.
وقد استطاع الفريق العامل بالمتحف منذ انطلاقه في النشاط سنة 2000 إلى حد الآن، أن يجمع أزيد من 970 شهادة حية عن الثورة التحريرية المجيدة بإجمالي 470 ساعة مسجلة، حسبما أكده، لـ(وأج)، مدير ذات المتحف، نبيل بدلة.
وتتجلى أهمية هذه التسجيلات، يضيف المصدر، في كونها “توثق بالصورة والصوت لشهادات أغلب مجاهدي الرعيل الأول ورفقاء الشهيد مصطفى بن بولعيد، الذين عايشوا التحضيرات الخاصة بالثورة التحريرية المظفرة، ثم تفجيرها وأدلوا بتفاصيل عنها قبل وفاتهم من ذلك اجتماع لقرين التاريخي ولقاء توزيع الأسلحة بدشرة أولاد موسى ليلة الفاتح نوفمبر 1954، إلى جانب عديد المعارك التي شهدتها المنطقة”.
ويتوفر هذا الصرح التاريخي أيضا، يردف ذات المسؤول، على أزيد من 1.017 قطعة متحفية من أسلحة ومعدات كانت تستخدم إبان الثورة التحريرية، وما يفوق 1.800 وثيقة تتضمن تقارير ورسائل لعناصر جيش التحرير الوطني، إلى جانب أكثر من 2.400 صورة فوتوغرافية، خاصة بمجاهدين وشهداء من الولاية التاريخية الأولى أوراس النمامشة، موزعة على قاعتي عرض يمكن للزائر الاطلاع عليها.
ويضم المتحف جناحا خاصا بالشهيد مصطفى بن بولعيد فيه صور ووثائق، وكذا بعض اللقى التي تم العثور عليها، وفق السيد بدلة، في سنة 2011 في قبو سري أسفل منزل ذلك البطل بمدينة آريس أثناء عملية ترميمه، بعد أن حول من طرف وزارة المجاهدين وذوي الحقوق إلى متحف.
ويعرف المتحف إقبالا لافتا للزوار من مختلف الأعمار طيلة أيام السنة ومن عديد ولايات الوطن، لاسيما خلال العطل والمناسبات التاريخية والأعياد الوطنية، بحسب مدير المرفق.
ووفق ذات المتحدث، فإنه إلى جانب تلاميذ المؤسسات التربوية ومتربصي مؤسسات التكوين المهني والمنتسبين للجمعيات، وأيضا السياح الوطنيين والأجانب، يستقطب هذا الصرح اهتمام الباحثين في التاريخ من أساتذة جامعيين وطلبة، حيث أحصى سنة 2024 وحدها 14.600 زائر من بينهم حوالي 8 آلاف شخص زاروه في أسبوع الـ5 من جويلية، تاريخ استرجاع السيادة الوطنية عام 1962.
كما تحظى الندوات التاريخية والأنشطة المختلفة التي تنظم بالمتحف تزامنا وإحياء الأعياد الوطنية والمناسبات التاريخية، بالتنسيق مع مختلف الهيئات الفاعلة، إقبالا من طرف المهتمين بالتاريخ، يضيف ذات الإطار، موضحا بأن الأنشطة تشرف عليها اللجنة العلمية لهذا الصرح والتي تتكون من أساتذة مختصين في التاريخ من جامعة باتنة 1.
ويتواصل، وفق السيد بدلة، جمع ما أمكن من الشهادات الحية حول الثورة التحريرية المجيدة والتوثيق لأحداثها بالمنطقة، متطرقا إلى الدفع الذي ستعطيه التجهيزات الحديثة التي استلمها المتحف مؤخرا في إطار عملية رقمنة المتاحف عبر الوطن، التي انتهجتها الوزارة الوصية لهذه العملية، من ذلك استديو كامل لتسجيل الشهادات الحية وشاشات عملاقة تعمل باللمس.
وستساهم هذه التجهيزات الذكية، يردف ذات الإطار، في تحسين طريقة العرض والتنشيط المتحفي وأيضا عرض الوثائق والشهادات حول الثورة التحريرية المظفرة، التي تم جمعها إلى حد الآن، عبر وسائط رقمية مما يمكن من المحافظة على الأصلية منها للأجيال القادمة وصون الذاكرة الجماعية.
يذكر أن المتحف الولائي للمجاهد بباتنة التابع حاليا للمتحف الجهوي للمجاهد بخنشلة وضع حيز الخدمة في 22 مارس 1997 بافتتاح قاعة العرض التي تمتد على مساحة تقدر بـ780 متر مربع، لتتقرر بعد فترة وجيزة من ذلك عملية توسيعه ليتضمن عدة مرافق أخرى منها قاعة عرض ثانية وقاعة محاضرات كبرى تتسع لحوالي 350 مقعد، حيث أنجز هذا الصرح التاريخي على مساحة تزيد عن 3 هكتارات حوالي 15 بالمائة فقط منها مبنية.