يرى البروفيسور حمزة قريرة بأنه لا وجود لما يسمى بالمسرح الإلكتروني أو الرقمي في الجزائر ولا في الوطن العربي، باستثناء بعض التجارب القليلة مثل مسرحية “مقهى بغداد”، التي كتبت سنة 2003، مشيرا إلى أن هناك استخدام للوسائط أو الملتيميديا أو المؤثرات الرقمية داخل المسرح، أو المسرح التفاعلي الذي يشارك الجمهور ويكسر الجدار الرابع.
يضيف حمزة قريرة لـ “الشعب” أنّ المسرح التفاعلي بمفهومه “التفاعلي الرقمي” غير موجود، قائلا “المسرح التفاعلي الحقيقي هو مسرح يتم كتابته داخل الوسائط الإلكترونية وداخل مواقع محددة، كما أن النص في المسرح التفاعلي يتضمن العلامات غير اللغوية وهي ملتيميديا الصور، الصوت الموصول بروابط برمجية ولغاتها المتعددة مثل (الجافا) وغيرها”، وأضاف “كما يضمن المسرح التفاعلي أيضا الجوانب التفاعلية التي تسمح للجمهور بأن يساهم في بناء النص المسرحي أو المشهد المسرحي، على اعتبار أنّ المسرح التفاعلي لا يعتمد على الخشبة أو على المسرح الحقيقي أو على الجمهور الحقيقي، بل على مسألة مركبة ينقل فيها المسرح إلى الوسائط الإلكترونية، ويجعل من الجمهور يدخل إلى صالات العرض الالكترونية، كما تجعل منه منتجا ثانيا للنص، وهذا عمليا غير متوفر في الجزائر أو حتى في الوطن العربي”، يقول المتحدث.
ويرجع البروفيسور حمزة قريرة غياب المسرح الرقمي إلى ضعف في تكوين المسرحيين الجزائريين، تكوينا رقميا دقيقا يستطيعون من خلاله أن ينتجوا نصّا رقمياً، مشيرا إلى أن عملية إنتاج النصوص الرقمية التفاعلية تحتاج إلى تقني وأديب وفنان في نفس الوقت، وهذا جوهر الاختلاف بين السابق والحاضر، وقال إنّه في السابق كان الفنان والمخرج يستعين بالتقنيّين من أجل إنتاج شيء معين، أما الآن في المسرح التفاعلي أو الأدب التفاعلي بشكل عام، فالاختيارات التقنية في حد ذاتها هي جزء من عملية بناء النص التفاعلي والابداعي.
كما تحدّث الأستاذ في ذات السياق، عن أبرز التحديات التي يطرحها المسرح الرقمي وسيناريو تجاوز المسرح التقليدي، بالقول إن المسرح التقليدي سيبقى موجودا مثلما بقي الكتاب المخطوط، غير أن المسرح التفاعلي الرقمي سيطغى لاحتوائه في حد ذاته على المسرح التقليدي، مبرزا بأنّ أهم تحدي يواجه المسرح الرقمي هو مسألة بناء النص التفاعلي، وأي جمالية يمكن أن نحافظ عليها في بناء النصوص المسرحية التفاعلية، والابتعاد ـ حسبه ـ على ثنائية البعد والطول والعرض الورقي التي تعتمد على التأويه وعلى تقنيات كلها ورقية، وأوضح أنّ عملية البناء في النصوص التفاعلية للمسرح التفاعلي والأدب التفاعلي تنطلق من أساس رقمي تتضمن بعدا أولا وثانيا وهما الكتابة، وبعدا ثالثا وهو العمق وبعدا رابعا وهو الزمن، متحدثا في ذات السياق أنه أكبر إشكال وتحدّ يطرح اليوم، هو هل سيحافظ المسرح التفاعلي الرقمي عن الجمالية ويطورها في المستقبل بالنسبة لذائقة الجزائري أو العربي، أم سنطمس الذائقة ونتحول إلى مجموعة من المسوخ التي لا تتذوق الأدب والمسرح؟ يضاف إليها يقول “تحدي الذكاء الاصطناعي الذي بدأ يطرح نفسه في مسألة انتاج النصوص وفق ذائقة جمالية انسانية أم ذائقة جمالية روبوتية”.
ويؤكّد البروفيسور حمزة قريرة في الختام على ضرورة اقتحام القائمين على الاخراج والفن من ممثلين ومسرحيين، مجال الرقمنة، وعدم فسح المجال لمن لا علاقة لهم بالمسرح، فيتأسّس جمهور لا علاقة له بأبي الفنون، وقال إنّ دراسة الرقمنة على أصولها ينتج عنها نصوص جيدة تحافظ على الذائقة، وتنقل المسرح التقليدي من شكله الحالي إلى شكله الرقمي لتنقله نقلة أمينة”.