أثبـت قدرتــــــــــه على الصمود خلال جائحــــة كورونـــــا

الاقتصـاد الوطنـــي..مناعةٌ مُتزايدةٌ ضدّ التقلّبات الخارجية

فضيلة بودريش

 

 تحفيــــــز الابتكــــــار وتشجيـــــــع خرّيجـــــــــي الجامعـــــــــات علـــــــى إنشـــــــــــاء مـــــــــــؤسسات مصغـــــــــرة

 يشهد الاقتصاد الوطني تحوّلًا نوعيًّا، حيث انخرط في مسار تنموي مرن وحيوي أتاح له الانفتاح على تنوّع الإنتاج، وبدأ يتّخذ موقعًا متقدّمًا في عدة أسواق خارجية، لاسيما الإفريقية والعربية، بالإضافة إلى الأسواق الأوروبية. ويُعدّ من أبرز الاقتصادات الإفريقية الواعدة، مدعومًا بمؤشّرات قوية تعكس إمكانياته الكبيرة. كما شرع في وضع الأسس لقاعدة صناعية متينة تشهد توسّعًا مستمرًّا. ومن أبرز عوامل تعزيز المنظومة الاقتصادية الحالية، الانطلاق في تنفيذ مشاريع إستراتيجية واعدة، إلى جانب استثمارات ضخمة من شأنها دفع عجلة التنمية ودعم التموقع الاقتصادي الإقليمي والدولي للجزائر.


تملك الجزائر العديد من التجارب، نجحت من خلالها في مواجهة والتغلّب على العديد من التقلّبات والصّدمات الخارجية التي يعرفها الاقتصاد العالمي، ولعل جائحة كورونا خير دليل على صلابة ومرونة أداء الاقتصاد الوطني الناشئ والمتّجه نحو المزيد من النمو والحركية، بفضل إستراتجية دقيقة تجسّد في الوقت الحالي على أرض الواقع.
وأعطي الضوء الأخضر من أجل تنفيذ مختلف المشاريع المهيكلة بسرعة قياسية، ينتظر منها أن تحدث التفوّق الاستثنائي الذي تترقّبه الجزائر، على ضوء جهود وخطط تنموية ذكية، يضاف إليها اعتمادها على تطوير وتوسيع النسيج المقاولاتي، وإنشاء حاضنات عبر مختلف الجامعات الوطن لاستقطاب الابتكار وتشجيع خرّيجي الجامعات على إنشاء مؤسّسات إنتاجية مصغّرة.
 وإلى جانب ذلك تراهن الجزائر على الاستثمارات الضخمة الأجنبية المباشرة، بالنظر إلى القيمة المضافة التي ستطرحها، وفي ظل هذه الحركية، يمكن القول أنّ الجزائر تملك فرصا ثمينة من أجل تحقيق المزيد من القفزات التنموية، في ظل فرض الولايات المتحدة الأمريكية لتعريفات جمركية جديدة على جميع دول العالم، من خلال، التوجّه لمزيد من التطوير لمنظومتها الصناعية وكذا الفلاحية.
علما أنّ الجزائر تملك أسواقا مهمة من ضمنها أسواق القارة السّمراء، وفي ظل السير نحو تشجيع التجارة البينية وكذا أسواق أوروبية يوجد بها العديد من الشركاء التاريخيّين. وأمام الجزائر فرص متاحة لتنويع زبائنها وشركائها سواء في الإنتاج الفلاحي ذا الجودة العالية أو الصناعة الواعدة، واغتنام هذه الفرص من أجل استقطاب أسواق جديدة، ويتطلّب منها ذلك المزيد من التطوير لأدائها الصناعي والإنتاجي.
وأثبت الاقتصاد الجزائري، قدرته الكبيرة على التكيّف وتجاوز أي أزمات عالمية أو تقلبات اقتصادية، قد يشهدها الاقتصاد العالمي، ولعل التعامل الذكي مع جائحة كورونا، يعكس المرونة التي يتمتّع بها اقتصاد أكبر بلد إفريقي، ولعل ما سجّلته على ضوء الأرقام الأخيرة، يؤكّد نجاعة الخيارات الاقتصادية، حيث سمحت بتكريس نمو اقتصادي متين ومستدام، لا يقل عن مستوى 4.5 بالمائة مرتقب خلال عام 2025.
إلى جانب تحقيق ناتج داخلي خام يناهز حدود 278.71 مليار دولار وكذا صادرات سلع لا تقل عن مستوى 50.90 مليار دولار، كما أنه يتوقّع ارتفاع احتياطي الصرف إلى 72.95 مليار دولار، حيث أنّ قطاع الصناعة سينمو في حدود 6.2 بالمائة، وأما القطاع الفلاحي سيسجّل نموا بنحو 4.4 بالمائة، فيما قطاع البناء والأشغال العمومية، سيحقّق نسبة نمو تُقدّر بـ 4.3 بالمائة، في حين قطاع المحروقات، ينتظر أن تبلغ نسبة نموه بـ 2.4 بالمائة، إلى جانب انكماش التضخّم إلى أقل من 5 بالمائة.
ومقارنة بالأداء الاقتصادي المسجّل خلال الجائحة، فإنّ الأرقام تعكس القفزة القوية خلال أربع سنوات فقط، على اعتبار أنّ نسب النمو المسجّلة خلال سنوات 2021 و2022 و2023، تراوحت بين 3.8 بالمائة، و3.6 بالمائة و4.1 بالمائة، بعد الركود الكبير المسجّل سنة 2020 والمتمثّل في نسبة (-5 بالمائة)، في سياق جائحة كوفيد-19 العالمية التي عصفت بجميع اقتصاديات العالم.
وينبغي التذكير، أنّ انتعاش العديد من القطاعات، من بينها الصناعة التحويلية والفلاحة وكذا الصناعات الاستخراجية، سمحت في بعث حركية تنموية وتسجيل نسب نمو إيجابية للاقتصاد الوطني، علما أنّ الميزان التجاري للجزائر، شهد عجزا بقيمة 1.7 مليار دولار خلال السداسي الأول من 2021، مقابل 7.6 مليار دولار خلال السداسي الأول من 2020.
واعتبر الركود الناتج عن جائحة كوفيد-19، أنه كان عاملا زاد من تحديات النمو، بالإضافة إلى الارتفاع اللاّحق في أسعار المحروقات نتيجة التعافي العالمي حيث أدى إلى زيادة كبيرة في عائدات الصادرات الجزائرية.
وبالموازاة مع ذلك، ينتظر أن يبلغ الناتج الداخلي الخام 37863 مليار دج، أي ما يعادل 278.71 مليار دولار سنة 2025، كما أنه يتوقع أن يقفز إلى 40850.54 مليار دج أي ما يعادل 300.71 مليار دولار سنة 2026 و 41859.30 مليار دج (308.13 مليار دولار) في آفاق 2027. وتراهن الجزائر على مشاريع ضخمة ستغيّر من وجهها التنموي وترفع من قدراتها الصناعية والاقتصادية، وكذا من حجم ثرواتها وعلى رأسها مصنع خام الحديد المستخرج من منجم غارا جبيلات، ويعدّ أكبر استثمار منجمي في الجزائر منذ الاستقلال. والجزائر مستمرة في تجسيد خيارتها التنموية ولن تتأثر بأي تقلّبات خارجية، في ظل حضور البدائل من أسواق متنوعة، وقوة الأداء التنموي الذي يسير بخطى ثابتة وثقة إلى غاية تحقيق جميع ما سطّر من أهداف اقتصادية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19741

العدد 19741

الأحد 06 أفريل 2025
العدد 19740

العدد 19740

السبت 05 أفريل 2025
العدد 19739

العدد 19739

الجمعة 04 أفريل 2025
العدد 19738

العدد 19738

الأربعاء 02 أفريل 2025