فتـــــــــــــــح الخـــــــــــــــــطّ الجــــــــــــوّي مــــــــــــع أبوجـــــــــــــا سيفتـــــــــــــــــح آفاقـــــــــــــــــــا جديــــــــــــــــــــدة
شهدت العلاقات الاقتصادية بين الجزائر ونيجيريا، انتعاشا لافتا خلال السنوات الأخيرة بسبب المشاريع المبرمة بين الطرفين، ما عزّز التعاون التجاري وأعطى دفعا قويا ليس للتعاون الثنائي فقط بل للتعاون الإفريقي البيني ككل، باعتبار أنّ البلدين وازنين قاريا وقويّين باقتصادهما المصنف ضمن أقوى الاقتصاديات القارية، وقد توّج هذا النشاط المتسارع بالإعلان عن فتح خط جوي يربط الجزائر بأبوجا ما سيفتح آفاقا جديدة لتكريس هذا المسعى.
تم إطلاق خطّ جوي جديد لشركة الخطوط الجوية الجزائرية، الأحد الماضي، بمطار هواري بومدين الدولي بالجزائر العاصمة، يربط الجزائر العاصمة بمدينة أبوجا، عاصمة نيجيريا، وسيكون هذا الخط المباشر متاح أسبوعيا، حيث تنطلق الرحلة من الجزائر إلى أبوجا كل يوم أحد على الساعة 19سا30د مساءا، مع امتداد نحو مدينة دوالا الكاميرونية، فيما تم برمجة رحلة العودة من أبوجا نحو الجزائر كل يوم جمعة على 03سا30د فجرا.
وعلى ضوء ذلك أكّد البروفيسور والخبير الاقتصادي مراد كواشي، على أنّ فتح الخط الجوي بين الجزائر وأبوجا عاصة نيجيريا، يكتسي أهمية استراتيجية بالنسبة للبلدين، باعتبار أنّ هذا البلد الإفريقي يعدّ من أكبر الاقتصاديات في القارة السمراء، حسب تصنيفات الهبات المالية الدولية التي تعنى بهذا الأمر.
وقال كواشي في حديثه مع “الشّعب”، إنّ نيجيريا التي تلقّب بعملاق إفريقيا نظير كثافتها الديمغرافية، حيث أنّ عدد سكانها يعتبر الأكبر في القارة بحوالي 300 مليون نسمة وتتربّع على مساحة إجمالية تقدر بـ 923،769 كيلومتر مربّع، وتتوسّط مجموعة من الدول الإفريقية على غرار التشاد، الكاميرون، النيجر وخليج غينيا الذي يمثل جزءا من المحيط الأطلسي، فضلا عن أنّ نيجيريا تتميّز بتنوّع مواردها الطبيعية.
وأضاف المتحدّث، أنّ الجزائر وأبوجا تربطهما علاقات تاريخية منذ سبعينات القرن الماضي، مبرزا أنّ العديد من المتتبّعين والمختصّين يعتبرون أنّ محور “الجزائر - أبوجا ـ جوهانسبورغ” هو العمود الفقري للقارة الإفريقية. وأبرز الخبير الاقتصادي ذاته في السياق، أنّ البلدين تربطهما علاقات اقتصادية وتجارية، من خلال مشاريع استراتيجية على غرار أضخم مشروع طاقوي يتمثل في مشروع أنبوب الغاز العابر للصّحراء بمشاركة الدولة الحدودية النيجر، حيث تجسّد هذه المنشأة القارية ذات البعد الدولي في تكريس الروابط الاقتصادية بين الدول المعنية. وفي هذا الإطار، أوضح كواشي أنّ فتح خطّ جوي بين الجزائر ونيجيريا يعتبر بمثابة لبنة أخرى نحو توطيد العلاقات بين هذين البلدين، حيث سعت الجزائر لتعزيز عمقها الإفريقي منذ خمس سنوات، ونيجيريا واحدة من أهم الدول التي تأتي في مقدمة الدول الإفريقية التي تعول عليها الجزائر كثيرا لتحقيق هذا المسعى.
وبعد أنّ شدّد على أنّ الجزائر تسعى للولوج إلى السوق الافريقية الواسعة جدا بكثافة سكانية تقارب 1.5 مليار نسمة، وذلك من خلال الاتفاقيات المبرمة بين البلدين، خاصة وأنّ الجزائر و نيجيريا عضوين في منطقة التجارة الحرّة القارية الإفريقية (ZLECAF).
وضمن هذا السياق، أكّد ذات الخبير أنّ فتح خط جوي مباشر بين البلدين يعتبر خطوة هامة و استراتيجية نحو تعزيز العلاقات الإقتصادية. خاصة التجارية، حيث شهدت السنوات الأخيرة تطوّرا كبيرا في حجم التجارة بين البلدين، بمبادلات بلغت 111،35 مليون دولار سنة 2022 مقابل مبادلات بـ 8. 1 مليون دولار فقط سنة 2021، مع ميزان تجاري ثنائي لصالح الجزائر، وفق بيانات رسمية.
وتستطيع الجزائر المساهمة في تلبية متطلّبات السوق النيجيرية الكبيرة التي تضم 300 مليون نسمة، من خلال تصدير مختلف المنتجات الزراعية ومختلف الصناعات التي باتت الجزائر تصدّرها خاصة للسوق الإفريقية، كما بإمكان الجزائر الاستفادة من حجم السوق و الخبرة النيجيرية في مجالات أخرى.
وأشار إلى أنّ فتح خط جوي سوف يسمح بتعزيز الحركة التجارية من انتقال الأشخاص ورجال الأعمال بسلاسة بين البلدين وتحقيق الأهداف المرجوة، سواء كانت التجارية او الاستثمارية أو الاجتماعية في إطار تشجيع السياحة بين البلدين. وتقريب المتعاملين الاقتصاديّين للبلدين، وهذا نظير الحركية الكبيرة للزيارات الرسمية التي قام بها مسؤولو هذا البلد. خلال السنوات القليلة الماضية.
وأوضح كواشي في هذا الإطار، أنّ ما يعزّز هذا التعاون بين البلدين هو المشاريع الاستراتيجية التي يعمل البلدان على تجسيدها من أجل تعزيز العلاقات الثنائية، لاسيما مع إنشاء آليات ثنائية وإبرام اتفاقيات من شأنها أن تسمح للبلدين، بالتطلّع لآفاق واسعة لتعزيز الشراكة الإقتصادية بتجسيد مشاريع استراتيجية هيكلية تحمل أبعاد قارية، خاصة وأنهما يملكان إمكانات كبيرة لإعطاء دفع أكبر لهذا التعاون بالاستفادة من الفرص التي تتيحها الاتفاقيات الثنائية المبرمة خلال السنوات الأخيرة.
جدير بالذكر، أنّ البلدين عقدا عدة اتفاقيات ثنائية في هذا المجال، مثل اتفاقية إنشاء مجلس رجال أعمال ثنائي، سنة 2022، لتطوير مشاريع في الطاقة والزراعة والصناعة و تبادل المعارف، إلى جانب توقيع مذكّرات التفاهم في إطار مشروع أنبوب الغاز العابر للصّحراء، وإحراز تقدّم هام في مجال إنشاء الطريق العابر للصّحراء، وخط الألياف البصرية العابر للصّحراء الرابط بين أبوجا والجزائر.