أهــــمــــيــــة الـــنـــظــــافــــة في حـــيـــــاة المـــســــلــــــــم

أثرها البالغ في حفظ حفظ المجتمع من كثير الأمراض والشرور

قد جاء الحثّ في الكتاب العزيز والسنة المطهرة على امتثال الأوامر واجتناب النواهي، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}، (الأنفال الآية 24)، ومما جاء الحث عليه ما يحتاجه الناس في حياتهم، من النظافة بشتى صورها، ولا يوجد دين أو نظام أو مذهب يحث أهله على النظافة كما جاء في الإسلام.
إن صحة الأجسام ونظافتها محلُّ عنايةٍ كبيرةٍ، ولا يكون الإنسان قريباً من الله محبوبًا إليه إلا إذا كان يتعهّد قلبَه بالتطهّر من أدران النجاسة الباطنة من الشرك والكبر والعجب والغرور، وبدنَه بالتنظيف والتهذيب، ومطعمَه ومشربَه وهيئته الخاصة بعيداً عن الأدران والأكدار والأحوال المنفِّرة، ومن تأمّل هدي الإسلام في الطهارة والنظافة والتزين والتجمّل، وجد منهجاً متكاملاً وهدياً جمالياً شاملاً في شتى مناحي الحياة الفردية والاجتماعية.
لقد اعتنى الإسلام ببدن الإنسان بشتى أجزائه، فشرع الاغتسال المسنون في أي وقت يريده المسلم، وجعل الغسل المفروض في الحالات الموجبة له، بل إنه لم يدع أمر الغسل الكامل للظروف التي تفرضه فرضاً، فقد يتكاسل بعض الناس عن الاغتسال ما دامت دواعي فرضه لم تقم، لذلك وقّت للغسل يوماً في الأسبوع، لقوله ـ صلى الله عليه وسلم:
((غُسْلُ يَومِ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ)). رواه البخاري، ولقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ((حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَغْتَسِلَ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا يَغْسِلُ فِيهِ رَأْسَهُ وَجَسَدَهُ))، رواه البخاري ومسلم.
وجعل الإسلام الوضوء شرطًا لابد منه لأداء الصلاة، وهو يتضمن غسل الأعضاء والأطراف الظاهرة من الإنسان التي تتعرض للأتربة والغبار، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ :((أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسًا مَا تَقُولُ ذَلِكَ يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ، قَالُوا: لا يُبْقِي مِنْ دَرَنِهِ شَيْئًا، قَالَ: فَذَلِكَ مِثْلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا))، رواه البخاري ومسلم.
وأما الفم والأسنان؛ فقد عُني الإسلام بها عناية كبيرة؛ فقد حثّ على استعمال السواك والمواظبة عليه، والترغيب فيه وجعله من السنن المؤكدة حيث أنه سبب لتطهير الفم وموجب لرضا الرب، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ((السواك مَطْهرة للفم، مَرْضاة للرب))، رواه النسائي وأحمد، والمسلم مأمور بأن يغسل فمه ويده قبل الطعام وبعده، وأن يتخلّص من فضلاته وروائحه وما يعلق منه بالأسنان.
 ومن النظافة المطلوبة للمسلم اجتناب الروائح الكريهة من الثوم والكراث والبصل وملابس العمل الكريهة، ويتأكد ذلك في المساجد التي يؤمّها المسلمون للطاعة وذكْر اللهِ والصلاةِ. وفي مقابل ذلك أكد على الحرصِ على الطيب والحثِّ عليه، ونبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يحب الطيب ويكثر منه ولا يرده، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ((حبّب إليّ من الدنيا النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة))، رواه الترمذي.
وتشمل النظافةُ أيضاً المظهرَ الاجتماعي الجميل، فلقد وجه بذلك ربنا جل وعلا في كتابه بقوله: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ.}، (الأعراف الآية31)، والرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمر بالعناية بجمال المظهر وحسن الهيئة في الجسم والملبس والمركب، فقد قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ((لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ)). قَالَ رَجُلٌ إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً. قَالَ: ((إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ))، رواه مسلم.
وقد سُنَّ للمستطيع أن يكون له ثوبُ عملٍ وثوبُ صلاةٍ ليوم الجمعة يلبس النظيف منهما، قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ((ما على أحدكم إن وجد أن يتخذ ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته))، رواه ابن ماجة.
والتطهر والتنظف يمتد أيضاً إلى البيوت والطرقات والمساجد ومجامع الناس؛ قال تعالى: {وَطَهّرْ بَيْتِىَ لِلطَّائِفِينَ وَٱلْقَائِمِينَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ}، (الحج الآية 26). وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ((وتميط الأذى عن الطريق صدقة))، متفق عليه.
إن عدم النظافة في حياة المسلم يترتب عليه الإصابةُ ببعض الأمراض سواء كان عدم النظافة في مآكل البيت أو في بعض المطاعم التي لا تلتزم بالضوابط المطلوبة فيما تقدّمه للناس من أطعمة فيترتب على ذلك الأمراض والأوبئة، وينتج مشاكل صحية وبيئية، وكم سمعنا عن بعض الأوبئة التي أصابت بعض الدول وترتب عليها وفاة الكثير من الناس بسبب إهمال المطاعم وعدم التقيد بالشروط الصحية الضرورية.
علينا أن نعلم أن  للنظافة دوراً بالغ الأهمية في حفظ المجتمع من كثير من الأمراض والشرور، وفي بلادنا تسعى الدولة جاهدة إلى المحافظة على سلامة البيئة ونظافتها انطلاقاً من هدي الإسلام الذي هو النظام الكامل الشامل لمناحي الحياة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19471

العدد 19471

الأربعاء 15 ماي 2024
العدد 19470

العدد 19470

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19469

العدد 19469

الثلاثاء 14 ماي 2024
العدد 19468

العدد 19468

الأحد 12 ماي 2024