أمضى اليمن كغيره من بلدان ما يسمى بالربيع العربي سنة كاملة من الشد والجذب بين نظام علي عبد اللّه صالح السابق والمعارضة، وتحولت الاحتجاجات والاعتصامات التي ملأت الميادين والساحات إلى اصطدامات ومواجهات وسقوط ضحايا، وكاد الوضع أن ينزلق إلى احتراب أهلي لولا أن البلدان الخليجية تدخلت لتلعب دور رجل الإطفاء وتطرح مبادرة للتسوية السلمية والانتقال السلس للسلطة.
فكانت المبادرة الخليجية التي برغم الانتقادات التي وجهت لها خاصة وأنها مدت صالح بالحصانة، فإنها أخرجت سفينة اليمن من البحر الهائج إلى بر الأمان، حيث بدأ اليمن يتحسس طريق إعادة بناء مؤسسات الدولة وأطلق حوارا وطنيا يعول عليه الجميع لتجاوز كل العراقيل والتحديات.
وقد توقف أمس ضيف «الشعب» شايف جار اللّه مستشار وزارة حقوق الإنسان في اليمن عند المراحل التي قطعتها العملية السياسية حتى الآن والحوار الوطني التي شارفت مرحلته الثانية على الانتهاء، حيث أورد بأن المبادرة الخليجية كانت بمثابة سترة النجاة التي أخرجت اليمنيين من مرحلة صعبة بأقل الخسائر، وأصبحت مرجعية سطر من خلالها اليمنيون ملامح مرحلته القادمة.
لقد كانت هنالك عوامل لنشوب حرب أهلية ـ كما قال ـ شايف جار اللّه، فالشعب اليمني قبلي والسلاح منتشر بكثرة، حيث يتم تداول٦٢ مليون قطعة سلاح بمعدل ضعف سكان اليمن ولولا المبادرة الخليجية لحصل المحظور.
واليوم قطع اليمنيون شوطا كبيرا في سبيل إرساء دعائم الأمن والاستقرار حيث تم إجراء انتخابات رئاسية مسبقة توجت باقتراع نائب الرئيس المشير الأول عبد رب منصور هادي رئيسا مؤقتا، وتم إنشاء حكومة يتقاسم حقائبها مناصفة حزب المؤتمر الشعبي العام واللقاء المشترك.
وفي مارس الماضي كما أضاف السيف شايق، أطلق اليمن الحوار الوطني وهو من أهم المحطات المشمولة في المبادرة الخليجية، وتم تقسيم فرق الحوار الوطني إلى ٩ فرق وكل واحدة مختصة بقضية محددة، وعلى رأس هذه القضايا، مسألة الحراك الجنوبي والانفصال الذي يهدد الوحدة الوطنية، وقضية صعدة والحوثيين في الشمال.
وبالإضافة إلى هاتين المسألتين حظي الاهتمام بإعادة هيكلة الجيش بحصة الأسد في لقاءات الحوار الوطني الذي من شأنه أن يعطي دفعا قويا لبناء الدولة المنشودة على أسس المشاركة والتوافق والوحدة.
كما أشار ضيف «الشعب» شايف جار اللّه إلى إكتمال صياغة الدستور المزمع عرضه للتصويت في ١٥ أكتوبر القادم، ومن شأن المصادقة على هذه الوثيقة الهامة تحديد شكل الدولة والسياسة المستقبلية وإنشاء عقد اجتماعي يقوم على التغييرالإيجابي الذي ينشده اليمنيون.
وتتويجا للحوار الوطني ووضع الدستور الجديد سيكون اليمنيون في فيفري القادم على موعد مع انتخاب رئيس جديد يواصل قيادة اليمن والعمل على تجاوز المصاعب المطروحة وهي كثيرة حتى يقطف الشباب اليمني ثمار تضحياته وينعم بحصاد التغيير.
وختم ضيف «الشعب» تدخله أمس بالثناء على عقد مؤتمر الحوار الوطني الذي جمع ٥٦٥ عضوا من مختلف التوجهات والحساسيات وقال بأن الشعب اليمني يعول كثيرا على نتائجه لانتشال البلاد من حالة التيهان ووضعها على سكة التقدم والتطور وقبل ذلك الاستقرار والأمن.