الحديث عن المجلّات الرياضية في السنوات الأخيرة يعني مباشرة تضاؤل عددها في الجزائر وتجنب العديد من المحترفين الخوض في تجارب قد لا تكون ناجحة، نظرا للعديد من المعطيات التي دخلت المجال الرياضي فيما يخص الإعلام المتخصص.
فالتطور التكنولجي الكبير في الاتصال كان له تأثير مباشر على الأحداث الرياضية وطريقة متابعتها من طرف الجمهور العريض، الذي يتحصل على المعلومة أو الأخبار مباشرة عن طريق الانترنت أو الاذاعات، إلى جانب متابعة مختلف الأحداث عبر القنوات التلفزيونية لا سيما التي تعنى بالرياضة.. الأمر الذي جعل المتلقي يتحصل على نسب عالية من الأخبار التي يحتاجها.
وهو الأمر الذي غيّر الكثير من المعالم الخاصة بالإعلام الرياضي في جانب “المجلاّت” المتخصصة التي كانت تحتل “الريادة” إلى غاية تسعينيات القرن الماضي وحتى السنوات القليلة الماضية.
تجارب عديدة بالجزائر...
فالجمهور الرياضي كان يترقب بشغف كبير صدور أعداد المجلات الشهرية ونصف الشهرية والأسبوعية لمطالعة مواضيع بمادة “دسمة” عن الفرق والنجوم من “تحقيقات” وحوارات تزيد من نوعية المنتوج الإعلامي الرياضي، وعرفت الجزائر الكثير من التجارب في هذا المجال. أين كانت تطغى الصور بطريقة جيدة في المساحات المخصصة كما كان يجري في العالم، ويتهافت الجمهور الرياضي بكثرة عن هذه المجلات باقتراب الأحداث الكروية الكبرى ككأس العالم وكأس افريقيا لكرة القدم.
كما أن بعض الفرق اختارت هذا النوع من الاتصال بجمهورها العريض، على غرار ما فعله فريق مولودية الجزائر خلال السنة الذهبية للفريق 1976 التي فاز خلالها بكأس افريقيا للأندية البطلة، كان جمهور نادي “الأحمر والأخضر” يتابع خطوات بتروني، باشي، باشتا، دراوي من خلال مجلة
«العميد” التي استمرت إلى غاية 1990.. لكنها اختفت بعد أن سايرت أحلى مراحل هذا الفريق العريق.
ويمكن القول أن الإعلام الرياضي كان غنيا من خلال الأسبوعيات التي كانت متمكنة من حيث متبابعة الأخبار الرياضية بطريقة فريدة أكسبتها اهتماما كبيرا، على غرار أسبوعية “الهدف” التي كانت تصدر عن مؤسسة النصر.. قبل أن تدخل أسبوعية “المنتخب” عام 1986 الساحة الإعلامية الرياضية والتي كانت تصدر عن مؤسسة الشعب.. ثم في التسعينات عرف هذا المجال إنتعاشا بصدور أسبوعية “صدى الملاعب”.. وبروز تجارب أخرى على غرار مجلاّت “سبور انترناسيونال” و«أفريك فوتبول”.. لكن هذه التجارب اختفت، لا سيما وأن الأسبوعيات ظهرت بقوة في التسعينات أمثال “كومبيتيسيون” و«الهداف”.. والتي أضطرت إلى مسايرة التسارع الكبير الذي عرفه الميدان إلى “الظهور” يوميا.. وهو منعطف حاسم في تطور الإعلام الرياضي.
من أسبوعيات إلى يوميات. . لماذا ؟
وفي هذا الإطار، تحدثنا مع المدير العام ليومية “الهداف ولوبيتور” نبيل عمرة الذي أكد لنا: “أن الإعلام الرياضي حاليا يعني الآنية ومتابعة الأخبار بشكل متواصل، واتخاذ قرار أن تصبح الجريدة تصدر يوميا جاء لحتمية هذا الظرف والا سيختفي العنوان، كون القارئ تغيّر مع تغيّر المعطيات في المجال التكنولوجي وشغف الجمهور الجزائري بمتابعة الأخبار الرياضية بانتظام”.. وعن سؤال حول “المجلاّت الرياضية” في الوقت الحالي ذكر محدثنا أن ذلك لن يكون مربحا من الناحية الإعلامية والاقتصادية لأن الوسائل الحديثة فرضت رؤية جديدة في الإعلام الرياضي بالجزائر وكذا في العالم.
من جهته أكد لنا المدير العام لليومية الرياضية “ماراكانا” فاروق سبع، أن المجلاّت الرياضية لا يمكنها فرض نفسها في الوقت الحالي لأن الأمور تغيّرت، قائلا “بدأنا تجربتنا في “ماراكانا “ في سنوات 2002 و2003 كمجلة تعني بشؤون كرة القدم، لكن سرنا إلى غاية أن تصبح يومية التي تمكننا من مسايرة شغف القراء، ففي المجلة أدركنا أن الأحداث التي نحضرها للعدد القادم تكون “قديمة” بالنسبة للقارئ الأمر الذي لا يحفز على البقاء في هذه الوتيرة”.
فالعصر الحالي يعني الانية والقارئ يبحث على الأخبار أكثر ما يبحث عن مواضيع طويلة وتحقيقات كبرى. وفي هذا الاطار أكد لنا سبع، أن الحنين يراوده لخوض تجربة أخرى في “المجلة الرياضية” التي لديها خصوصيات. . لكن ذلك يتطلب مجهودات معتبرة في الكتابة والبحث عن الاشهار الذي بامكانه مرافقة المجهود الذي يبذل.
وبالتالي، فمن خلال ما حمله حديث مختصين في الميدان يظهر جليا أن الاعلام الرياضي يبحث عن الآنية ومرتبط بصفة وثيقة بالتطور التنولوجي أين تتوفر معظم الأندية على مواقع الكترونية التي تقدم الأخبار المتعلقة بالفريق، كما أن مواقع متخصصة لا سيما في كرة القدم تعطي الأخبار بصفة متواصلة طيلة اليوم، وفي هذا الشأن أكد لنا نبيل عمرة أن أحيانا حتى اليومية تكون بعض مواضيعها “قديمة” من جراء علم المتتبعين من خلال المواقع الالكترونية المختلفة التي لا تحتاج إلى امكانيات كبيرة لنقل المعلومة وسهولة الاتصال مقارنة بالطبعة الورقية. . خاصة وإن المتابع للأخبار الرياضية هم بنسبة كبيرة من فئة الشباب الذي يفضل استخدام الوسائل الالكترونية وعدم تضييع أية معلومة عن فريقه المفضل .