الصحافة ملجأ المواطن في أخذ المعلومات وإبداء الرأي
الاتصال خرج عن الإطار التقليدي إلى شبكات التواصل الاجتماعي
كيف هي وضعية حرية التعبير والصحافة في الجزائر؟ كيف تقيّم التجربة الإعلامية على ضوء التحولات المتسارعة في ظل ترسانة قانونية وسلطات ضبط تشكل؟ إلى أي مدى أعطت قوة للممارسة الديمقراطية معطية لها مفهوما أعمق وبعدا أوسع في عالم القرية والطرق السريعة للاتصال؟ أسئلة عديدة يجيب عنها محمد عبو ـ وزير الإعلام والثقافة عضو المجلس الدستوري، الكاتب والروائي ـ في هذا الحوار مع “الشعب”.
حرية الصحافة سبقت التطورات التي عرفها العالم في ميدان الممارسة الديمقراطية. وهي تعتمد أساسا على حرية التعبير التي عوضت البناء المؤسساتي الذي عرفه القرن الماضي. لأن الديمقراطية تعتمد ـ منذ قرنين ـ على العمل السياسي الحزبي والبناء المؤسساتي والنشاط النضالي عبر تجمعات المجتمع المدني والحركات الجمعوية.
هذه المعطيات الأولى وصلت إلى حد أنها لم تعد تعطي للمفهوم الديمقراطي الدفع الذي كانت تعطيه له خلال البناء الديمقراطي. أصبحت الديمقراطية من هذا المعطى في حاجة إلى مراقبة دائمة، والبناء المؤسساتي التقليدي لم يعد يستجيب إلى ضرورة المراقبة الدائمة. أصبحت المراقبة عند هذا الوضع في حاجة ماسة إلى ما يسمى بحرية التعبير.
حرية التعبير من خلال الصحافة، تعتمد على فتح فضاء المناقشة بصفة دائمة، تغذيه بالمعلومات وتطرح كل المسائل في الفضاء العمومي. ويصبح العمل السياسي يتناوله المواطن يوميا.
من البناء المؤسساتي إلى الرأي العام
أين موقع الصحافة الجزائرية في هذا الحراك الإعلامي والطرق السريعة للاتصال التي قربت المسافات وكسرت الحواجز محولة العالم إلى قرية شفافة؟
المؤكد أن العالم يعيش نقلة نوعية من البناء المؤسساتي إلى الرأي العام. الجزائر تعرف خلال السنين الأخيرة تراجعا في العمل السياسي من حيث النوعية والفعالية. أصبح المواطن يلجأ أكثر إلى الصحافة ليأخذ منها المعلومات ويعبر فيها عن رأيه لأنه فقد الثقة في العمل الحزبي، وحتى في مردودية المؤسسات وأداء ممثليه على كل المستويات. وبالتالي حرية الصحافة صارت تعوض كل هذه الوسائل التقليدية في البناء الديمقراطي.
نعرف دور الصحافة التاريخي، بناء الديمقراطية خلال هذه السنوات الأخيرة بالجزائر وعملها متواصل.
كيف تقيّمون تجربة التناغم والتعدد في المشهد الإعلامي الجزائري؟
حرية الصحافة والفضاءات نعمة للمواطن الذي يراها ملجأه ووجهته. صارت الصحافة تزوده بالمعلومات الضرورية ليرتبط بالتشغيل المؤسساتي في وطنه وليحس بأنه ينتمي إلى بلد منظم له مكانته في العلاقات الدولية.
ضرورة تقوية دور الصحافة وتخفيف التأطير القانوني عليها
أي دور للإعلام المتخصص من نشريات ومجلات في هذا التحول والعالم الافتراضي؟
النقاش العام الذي تفتحته الصحافة والمعرفة، يحتاج إلى تزويد بالمعلومات لأن هناك فرقا بين ما يسمى بالمعلومة والمعرفة. المعلومات هي بمثابة تدفق أما المعرفة فهي مخزون. الصحافة المهنية عليها أن تقوم بالتحليلات والأعمال تتركها تبذل مجهودات لإيصال هذا المخزون المعرفي للمواطن حتى يتغذى به.
النقاش المفتوح في الفضاءات العمومية دور الصحافة فيه واضح وأصبح ضروري كل بلد عليه أن يقوي هذه الوظيفة ويفتح لها المجال وأن يخفف عليها التأطير القانوني حتى تتمكن هذه الصحافة من لعب دورها المنتظر من المجتمع.
أين موقع المجلات والدوريات المختصة في هذا الدور الإعلامي؟
في هذا المشهد المتغيّر دور المجلات والدوريات في التخصص منطقي. فهي تعطي وظيفتها بتسجيل المعطيات والبحث عنها. تثري النقاش، والبناء الديمقراطي. عندنا بعض الدوريات صدرت بدأت تنتشر لكن تحتاج إلى تشجيع. نرى دوريات صدرت لكنها تموت لأنها لم تجد العناية الضرورية والاهتمام.
كيف تنظرون إلى مستقبل الاتصال في الجزائر على ضوء النصوص التشريعية الصادرة وسلطات الضبط؟
المستقبل عبر العالم والاهتمام بالاتصال، بات يخرج من الإطار التقليدي الذي كان عليه من خلال هيئات تقليدية من وزارات ومجالس، أصبح يعتمد على تنظيم الفاعلين أنفسهم لأن الأمر تعمّق وتوسّع في أن واحد. المستوى الإعلامي، أصبح مستوى لكل النشاطات السياسية، ولا يمكن حصره في حقيبة وزارية أو هيئة. أصبح من دور المجتمع خاصة الفاعلين في الميدان الذين من حقهم وواجبهم أن ينظموا هيئاتهم وعملهم في احترام القانون والمصلحة العليا للوطن.
ما هي رؤيتكم الاستشرافية للإعلام في ظل انتشار شبكات التواصل الاجتماعي؟
الإعلام هو القلب النابض للنشاط البشري، ويتطلب عناية واهتمام كبيرين. الإعلام خرج من الإطار التقليدي وصار من التواصل الاجتماعي الدائم هذا ترك المواطن لا يرضى بالتصويت في كل فترة تشريعية ويبقى في الميدان منسيا حتى اقتراع آخر.
أصبح المواطن يطالب بالرقابة الدائمة من خلال شبكات التواصل الاجتماعي التي تفرض إضافيا على المواطن وتمد جسور التواصل معه.