أكّد الباحث في الشؤون التاريخية الأستاذ ميلود عمامرة على إمتداد تداعيات المصالحة الوطنية الى مختلف أقاليم الجزائر العميقة اضافة الى دول الجوار التي شهدت اضطرابات أمنية خلال سنوات خلت. ولعلّ من أهمها عودة النازحين الى قراهم لخدمة أراضيهم عقب استتباب الأمن والاستقرار.
قال عمامرة بهذا الشأن بأنّ المصالحة الوطنية مكّنت من فك فاعلية قنبلة قوية المفعول على المدن الجزائرية التي شهدت نزوحا ريفيا معتبرا خلال العشرية السوداء، مما أسفر عن تراكم الأفات والمشاكل الاجتماعية بها ـ بحيث ساهم استتباب الأمن وشمول الاستقرار لفعل المصالحة في عودة معظم النازحين الى قراهم وأراضيهم لخدمتها مما ساهم في التخفيف من حدّة أزمات السكن و الشغل والدراسة وغيرها على مستوى المدن، ناهيك عن انتعاش وتيرة الاستثمار في مختلف المجالات لاسيما في المجال الفلاحي على مستوى الأرياف، وشهد ملف الاستثمار بالتحديد قفزة نوعية ومميّزة منذ سريان مفعول المصالحة في ظلّ ارتفاع ملحوظ لأسعار البترول، كما ساهم الاستقرار الذي رافق مشروع المصالحة في فتح ورشات الاصلاح الكبرى في مختلف القطاعات والمؤسسات بالشكل الذي يتماشى والتحولات الجارية عبر العالم مع تسجيل مساهمة نوعية وفعالة لمختلف الأطياف السياسية في تأطير المؤسسات والمجتمع في اجواء ديموقراطية تفتقدها العديد من دول العالم بالتوازي مع عودة الحياة الثقافية إلى سابق عهدها مع بروز مميّز للفعاليات الثقافية التي أضحت تعجّ بها الساحة الوطنية وأضحى المجتمع المدني يساهم بفعالية أكبر في تأطير مختلف الجوانب الاجتماعية بالشكل الذي يسهم مباشرة في ديمومة الاستقرار والتطلّع نحو مستقبل أفضل.
ثراء التجربة الجزائرية وتعميمها جعلها حاضرة إقليميا ودوليا
وعن تأثير مشروع المصالحة الوطنية على بلدان الجوار على وجه الخصوص فقد اشار عمامرة الى كون الحضور الدائم والمكثف للديبلوماسية الجزائرية في مختلف اللقاءات والندوات الخاصة يالسلم والأمن دليلا قاطعا على ثراء التجربة الجزائرية في مجال المصالحة وتحقيق السلم وهي التجربة التي جلبت انظار العالم بأسره وأضحت تدرّس في العديد من الجامعات العالمية، وأكّد الأستاذ ميلود عمامرة على أنّ الأمر لا يتعلق بعملية تصدير مقنّن للمصالحة بقدر ما يعنى بالمساهمة في حلحلة الاضطرابات التي تعيشها الدول دون التدخل في شؤونها الداخلية وخصوصياتها المتنوعة.
ومن اهم مؤشرات نجاح مشروع المصالحة الوطنية ارفاقه بعدّة مراسيم تنفيذية تعنى بمجالات مختلفة على مراحل وكان المرسوم التنفيذي الصادر في 28 فيفري 2006، والخاص بتعويض ضحايا الارهاب الأثر الفعال في لملمة جراح المتضررين من العشرية السوداء كما جاءت المراسيم المتتالية التي صدرت على مراحل لتشكّل حاجزا وسدّا منيعا أمام كلّ المتلاعبين بمقومات الشخصية الوطنية بحيث يندرج ضمن هذا الاطار ترسيم اللغة الأمازيغية وطنية ورسمية بمعية اللغة العربية وغرّة السنة الأمازيغية كعيد وطني، ناهيك عن تأسيس اكاديمية اللغة الأمازيغية وبسط عدّة إجراءات ميدانية أخرى تحدّ من رغبة مختلف الأطياف في نشر الفوضى والاعتداء على السلم.