وصف محمد نوار حقوقي ونائب رئيس المكتب الولائي للمنظمة الوطنية للمجتمع المدني لترقية المواطنة بسيدي بلعباس المصالحة الوطنية التي بادر بها الرئيس بوتفليقة، بالمشروع الاستراتيجي الذي رسّخ لمفاهيم الإنصاف والعدل وإحقاق الحق، حيث كسبت الجزائر بفضل المصالحة الوطنية رهان التعايش وفوتت الفرصة على المتربصين والأعداء من دعاة الموت والإنهيار، كما شكّل ميثاق السلم والمصالحة الجدار المتين الذي صد كل المحاولات الفاشلة في ضرب الأمن والإستقرار الوطني وساهم بشكل جلي في الحفاظ على الوحدة الوطنية وعلى مؤسسات الدولة، واستعادة السلم والشروع في إعادة بناء والإعمار.
إن آلية الوئام المدني لم تكن لتكفي لمعالجة مآساة وطنية بعمق التي حدثت بالجزائر، حيث كان لابد من الاتجاه إلى مشروع أكبر يعالج الوضع من كل الجوانب وهو ما حققته المصالحة الوطنية بداية بلم شمل أبناء الوطن الواحد، ووقف النزيف وكذا العيش معا بسلام فبالرغم من العدد الكبير للمستفيدين من المصالحة من جهة وضحايا المآساة لم تقع أية حساسيات أو تصفية حسابات، الأمر الذي يؤكد نجاح المشروع وحكمة واضعيه باعتباره نموذج وطني غير مسبوق في تحقيق العيش معا في سلام لأبناء الوطن الواحد، وهو النموذج الذي أصبح محل اهتمام المجموعة الدولية قاطبة لفض النزاعات الداخلية للشعوب والعيش معا في سلام، لاسيما البلدان العربية التي شهدت صراعات داخلية بسبب الأجندات الأجنبية على غرار العراق وسوريا وليبيا وتونس واليمن إلى جانب مالي.
وعن الجانب الإجتماعي فقد سمح الميثاق بالتكفل بضحايا المأساة الوطنية وعائلاتهم، بعد أن تم إقرار عدد من القوانين والمراسيم للتطبيق الفعلي لهذا الميثاق في أرض الواقع والذي ترتب عنه استتباب السلم والاستقرار في جميع انحاء الوطن وساهم في تعزيز انسجام المجتمع الجزائري، مشيرا إلى تكفل الدولة بملف المفقودين والتكفل بعائلاتهم التي فاق عددها 7 آلاف عائلة، ناهيك عن التكفل بعائلات المغرر بهم المحتاجة والمعوزة.
أما في المجال الإقتصادي فقد مكّن ميثاق السلم والمصالحة من إعادة الجزائر إلى القاطرة التنموية بعد قطيعة دامت سنوات وخلفت خسائر مادية جمة في عدة قطاعات، حيث تمّ إحصاء 706 عملية نفذت ضد الوحدات الإنتاجية و900 عملية أخرى استهدفت قطاع التربية. فالمصالحة الوطنية دفعت بالبلاد إلى تحقيق الإنجازات الواعدة الدفع بعجلة التنمية في جو يسوده الأمن والإستقرار لتحقيق رقي المواطن وحمايته في أمنه وممتلكاته والعيش معا في أمن وسلام.
وختم بالتأكيد أن المصالحة الوطنية أثبتت نجاعتها في احتواء كل أشكال ومخاطر التطرف والحفاظ على تماسك المجتمع ووحدته والتف حولها الشعب بجميع مؤسساته من رئاسية وعسكرية وبرلمانية وإعلامية ومن مختلف مؤسسات الدولة، فهي تجربة فريدة مكنت النسيج الاجتماعي الجزائري من تجاوز المرحلة الأولى للمصالحة الوطنية المتمثلة في التسامح إلى مرحلة أكثر أهمية وهي التعايش السلمي والثقافي بين مختلف مكونات المجتمع الجزائري.