تعتبر دائرة مغيلة شمال ولاية تيارت من أكثر البلديات المتضرّرة من ويلات الإرهاب خلال العشرية السوداء، وتسبب الأمر في هجرة عدد معتبر من سكان القرى والدواوير من سكناتهم إلى مناطق آمنة، ووصل الامر الى تحويل مقر البلدية الى بلدية سيدي الحسني المجاورة لادارة شؤون المواطنين، وذلك لكون بلدية مغيلة متواجدة بين جبال وأحراش غابية كثيفة.
لكن قانون المصالحة الوطنية الذي أقره رئيس الجمهورية وزكاه الشعب الجزائري برمته أعاد الأمل ودبت الحياة من جديد في نفوس المواطنين، وتمّ انهاء مأساة دامت عشرية كاملة ازهقت فيها ارواح وشردت فيها عائلات بأكملها ودمرت فيها بنية تحتية وثكلت فيها ارامل وعمت فيها فوضى عارمة.
هذه التجربة الفريدة من نوعها في التاريخ التي خاضتها الجزائر بالقيادة الرشيدة لفخامة رئيس الجمهورية كانت امتدادا لسياسة الوئام المدني مازالت تعطي ثمارها إلى اليوم في إطار بقاء الأبواب مفتوحة لميثاق السلم والمصالحة الوطنية الذي ينظم هذه التجربة من حيث التدابير القانونية..
ولا تزال تجربة المصالحة الوطنية بالجزائر محل اهتمام المجموعة الدولية قاطبة كنموذج عملي للعيش معا في سلام ونبذ النزاعات الداخلية للشعوب. حتى أصبحت الجزائر قدوة ورائدة في مجال الصلح والسلم وزكت الأمم المتحدة مسعاها بعد التوقيع على الاتفاق.
مغيلة بتيارت التي عاشت ويلات التشتت واللاإستقرار خلال العشرية السوداء ها هي تستعيد مكانتها الاجتماعية والفلاحية والاقتصادية، فقد عاد السكان الذين هجروا بنسبة 99 بالمائة الى اراضيهم وسكنات عوضتها لهم الدولة بنمط حضري يليق بتضحياتهم، وعادوا الى المساهمة في الاقتصاد المحلي والوطني من خلال الاستثمار في الفلاحة والدعم الفلاحي المقدم لهم لاسترجاع وتعويض ما ضاع منهم، مغيلة التي كانت الحيوانات المفترسة تعيش بين أحراشها أصبحت مرتعا للصيادين بسبب الأمن والاستقرار اللذين اصبحت تتمتع بهما، فشقت طرق ومسالك وشيدت مؤسسات تربوية واعيد ترميم اخرى، وتم ايصال الكهرباء الى اقصى دوار، وقد عاد سكان دواوير اولاد الحاج والقرع والعبادلة والقطار وغير من الدواوير.
مغيلة استفادت من مشاريع تنموية معتبرة فقد اعيد بناء البلدية والمرافق الملحقة التي تخدم المواطن كمركز البريد، وشقّ الطرق وتعبيد اخرى وتزويد المواطنين بمياه الشرب وشقّ ابار للشرب والسقي في العديد من الدواوير، واصبح المواطن يتمتع بالأمن من خلال الدرك الوطني، كما تم تسجيل عشرات المشاريع التنموية لفائدة جميع شرائح المجتمع، استفاد الفلاحون من اعانات تربية المواشي والمتاجر وفرص عمل بالنسبة للشبان الذين لا يزالون يتطلعون الى غد افضل.
وتعود ذكرى قانون المصالحة الوطنية هذه السنة في ظل اخوي وجو تفاؤلي وبنظرة الى مستقبل زاهر ولا سيما ان مغيلة لا تزال عذراء لتنفيذ مشاريع استثمارية واعدة في ظلّ توفر نسيج غابي معتبر من شأنه ان يساهم في مشاريع لفائدة الشباب والمواطنين عامة.