توفيت، أول أمس، ويني مانديلا، زوجة الزعيم الراحل نيلسون مانديلا، عن عمر ناهز 81 عاما بعد مرض طويل، كانت قد دخلت فيه المستشفى. ويني التي طالما لقّبها أبناء جنوب إفريقيا «بأم الأمة»، خاضت الى جانب زوجها الزعيم الراحل مقاومة باسلة ضد نظام الميز العنصري.
وواصلت طريق النضال ولم تحد عنه لمّا حكم على نيلسون مانديلا بالسجن مدى الحياة. بل وتعاظم دورها السياسي، وباتت رمزا عالميا لمقاومة الفصل العنصري ونقطة استقطاب للسود الفقراء من سكان الضواحي والمناطق (الخاصة بالسود في نظام الفصل العنصري) المطالبين بحريتهم.
ولدت ويني ماديكيزَلا-مانديلا، ببلدة مبونغويني الواقعة في الكاب الشرقية التي يتحدر منها مانديلا أيضا في عام 1936، والتقت بزوجها في عام 1957، وكان متزوجا في هذا الوقت من إيفلين ماسي، التي لم يدم زواجه منها.
إقترنا في العام الموالي وكانت عروسة شابة فاتنة وقوية الإرادة وتصغره بالسن كثيرا، فهي كانت في الـ21 وهو يناهز الاربعين و له أبناء، وقضيا وقتا قصيرا بالعمل معا في النشاط السياسي، ثم اضطر مانديلا للاختباء فترة، الأمر الذي جعله بعيدا عنها.
حكم على نيلسون مانديلا بالسجن مدى الحياة في عام 1964، ولم يطلق سراحه إلا في عام 1990، ما يعني أنهما إفترقا بعد زواج استمرّ ستة أعوام فقط وأثمر ابنتين هما زينزي وزيناني.
خلال فترة سجن مانديلا، تعاظم دور ويني السياسي التي رفعت مشعل المقاومة بدلا عن زوجها، وتعرّضت لمضايقة مستمرة من الأجهزة الأمنية في جنوب إفريقيا، وأمضت فترات في السجن بدءا من عام 1969 قضت كثيرا منها في الحبس الانفرادي.
أيقونة للتحرير
في عام 1976، وهو العام الذي اندلعت فيه أحداث تمرد وشغب في سويتو، عوقبت بالنفي من المدينة إلى منطقة ريفية نائية. في إحدى المراحل أُحرق منزلها، ويشتبه في مسؤولية القوات الأمنية في جنوب إفريقيا عن هذا الفعل. وقد قاد ذلك إلى أن تلقب بلقب «عرابة الأمة».
الانفصال
استمر زواج مانديلا بويني لمدة 38 عاما، 27 سنة منها عاشها الزوجان بعيدين على بعضهما البعض بسبب سجن مانديلا. وقد حققت صورة الزوجين وهما يمشيان يدا بيد عند الإفراج عن بطل مكافحة نظام الفصل العنصري العام 1990، انتشارا عالميا واسعا، غير أن طريقهما افترقت، إذ إنفصلا بعد عامين من إطلاق سراح مانديلا، وتطلقا عام 1996 بعد مسار قضائي شاق واتهامات بالخيانة.
على الرغم من طلاقهما، فقد احتفظت ويني بلقب مانديلا، وحافظت على روابطها معه الى غاية وفاته في 5 ديسمبر عام 2013، وحتى في مراسم تأبينه، ظهرت في موضع بارز.
هذا ورغم أن أواخر سنواتها كانت صعبة، حيث أحيطت بتهم الخيانة وممارسة التعذيب وحتى القتل - التي كانت تشدد على نفيها -، تبقى السيدة ويني مانديلا، كما قالها يوما ديسموند توتو، وهو صديق نلسون مانديلا: «رمزا مذهلا للكفاح، أيقونة للتحرير».