أستـــــــــــاذ العلــــــــــوم السياسيـــــــــة.. مـــــــــبروك كاهـــــــــي لـــــــــ “الشعــــــــب”:

”مسار وهران”.. الأفارقة بصوتٍ واحدٍ في المحافل الدولية

سفيان حشيفة

 

 

الرئيس تبون  أبرز مكانة الجزائر المحورية ودورها في الدفاع عن مصالح القارة

يرى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة قاصدي مرباح-ورقلة، الدكتور مبروك كاهي، في قراءة لمحتوى كلمة رئيس الجمهورية الموجّهة لندوة وهران رفيعة المستوى حول السلم والأمن في إفريقيا، بأن الرئيس أبرز مكانة الجزائر المحورية ودورها الكبير في الذّود عن مصالح القارة السّمراء الذي يدركه كل الأفارقة من شمالها إلى أقصى جنوبها.

قال كاهي في تحليله لـ “الشعب”، إن الجزائر لم تغب يوما في دفاعها عن قضايا القارة الأفريقية، وكانت في طليعة المدافعين عنها حتى في فترة ثورة أول نوفمبر التحريرية المجيدة، حين حمل المجاهدون الأبطال قضايا أفريقيا على أكتافهم إلى جانب قضية الوطن وتحريره من الاستعمار الفرنسي الغاشم. وأكثر من هذا، ساهمت ثورة الجزائر الخالدة في حصول عديد دول القارة على استقلالها، وما تبقّى تكفّلت به الدبلوماسية الجزائرية بعد الاستقلال، بدليل دفاعها عن حقّ الشعب الصحراوي الشقيق في تقرير مصيره غير القابل للتّصرف.
وأوضح محدثنا، أن رئيس الجمهورية استهلّ كلمته الموجّهة للندوة القارية، بالترحيب بالضيوف المشاركين، في إشارة واضحة إلى الأخلاق الجزائرية وقيم المجتمع الجزائري الأصيلة الذي دائما ما يرحّب بالضيف ويكرمه، لاسيما مَن تربطهم روابط متينة مشتركة مع الجزائر، المعدة بلدا ثانيا لكل الأفارقة.
وتابع الأستاذ كاهي، أن رسائل الرئيس أكدت أن الاجتماع هو دليلٌ كافٍ على وحدة الصّف الإفريقي وأساس قوته، الذي وحده يجعل العالم يسمع للصوت والحكمة الإفريقية. كما وضع الأفارقة المجتمعون في مدينة وهران بقمة السلم والأمن أمام الواقع المرير الذي يعيشه العالم، وعجز منظمة الأمم المتحدة وفشلها في التحكم في النزاعات الدولية الدائرة حاليا، مثل الحرب الروسية- الأوكرانية، وعدم إلزام الكيان الصهيوني بالامتثال للشرعية الدولية وإيقاف مجازره في قطاع غزة، وغياب آليات تمكين الفلسطينيين من حقهم في تقرير مصيرهم، وهو وضع مرّ ومحزن لم يعرفه المجتمع الدولي من قبل.
كما أن هذا الواقع العالمي المُضطرب يجعل من القادة الأفارقة أمام مسؤولية كبيرة لتجاوز التحديات، ويتحقق الأمر بتوحيد الصوت الإفريقي في المنابر والمحافل الدولية، بغية إعادة دور وهيبة منظمة الأمم المتحدة الضامن الوحيد للسلم والأمن الدوليين، باعتبارها الفضاء المناسب لحل كل الخلافات والنزاعات بالطرق السلمية والحوار، بحسب قوله.
وأردف الدكتور: “التحولات العميقة والجذرية التي يعرفها العالم، وأشار إليها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون في كلمته، جعلت العديد من الدول الإفريقية أمام مفترق طرق واستقطابات، وحتى انتقائية في اتخاذ القرارات وتحت طائلة ما هو حق لطرف ليس حقا لطرف آخر رغم تشابه الأسباب والظروف.
ولكي تحمي القارة الإفريقية نفسها من هذه الاستقطابات والانتقائية، لابد عليها من الوحدة والصوت الواحد لرفض الظّلم والاضطهاد، وعلى المجتمع الدولي أن يُعطي أهمية لها ولا يجعلها آخر اهتماماته، وأن يساعد دولها في القضاء على خطر الجماعات الإرهابية ومحاصرة ومتابعة عناصر الجريمة المنظمة، ويدعمها على تحقيق التنمية المحلية والحكامة والممارسة الديمقراطية”.
من جهة أخرى، لفت الرئيس إلى أهمية التنسيق، لاسيما ما تعلق بتوحيد مواقف الدول الإفريقية التي تحوز على العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي، منوهاً إلى أن الجزائر في عهدتها الأولى كانت دوما تنسّق جهودها مع الدول الأخرى الأعضاء غير الدائمين بمجلس الأمن، خاصة إزاء القضايا العادلة في العالم، وهذا النموذج سيستمر في السنة القادمة مع الأعضاء الجدد، بغرض ضمان وحدة الصوت الأفريقي الكفيل الوحيد بترجيح الكفّة القارية، وفقاً للباحث ذاته.
واسترسل كاهي: “رئيس الجمهورية نوّه بأهمية العمل المشترك، بحسب ما يوليه الاتحاد الإفريقي، الذي هو شريك لمنظمة الأمم المتحدة في كل القضايا التي تعني القارة، فصوت الجزائر ومن معها من الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن الدولي، هو صوت الاتحاد الإفريقي، ممثل القارة من خلال ميثاقه التأسيسي”.
كما ثمّنت مداخلة الرئيس في ندوة وهران القارية، مثلما أفاد المتحدث، المواضيع المختارة المطروحة، وعلى رأسها تنامي خطر الجماعات الإرهابية وأدوارها الوظيفية لصالح القوى الدولية والإقليمية، وطرق تمويل هذه الجماعات.
 كما أشاد المتحدث بنقاشات فرص السلم والمصالحة داخل دول القارة، وحل النزاعات بالطرق السلمية والحوار، مبرزة أهمية تضافر الجهود لرفع الظلم التاريخي عن القارة الإفريقية، وإحداث إصلاحات جوهرية على المنظومة الأممية، لاسيما في مجلس الأمن الدولي حتى تتمكن القارة من أداء دورها الحقيقي، ورفع الظلم التاريخي بشأن التقسيم غير العادل للثروة العالمية، ومساعدة الدول الإفريقية على تحقيق التنمية المحلية، وكذا تحميل الدول الاستعمارية السابقة مسؤولياتها القانونية والأخلاقية عمّا اقترفته طوال فترتها الاستعمارية.
وقد أظهر رئيس الجمهورية للمجتمعين في مدينة وهران، استعداد الجزائر لبذل المزيد من الجهود لدعم قضايا القارة الإفريقية، وأكد الدفاع عن مصالحها والمساهمة الحقيقية في توطيد السلم والأمن داخلها، وأن بلد الشهداء يجمع الأفارقة ولا يفرقهم، وسيظل سندا لكل دولهم ومنظماتهم وهيئاتهم ولن يخذلهم، معرباً عن أمله في تتويج القمة بقرارات وتوصيات تساهم في توحيد الصّف الإفريقي في ضوء حجم التحديات والرهانات الكبرى التي تنتظر المنطقة، يختم أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة قاصدي مرباح الدكتور مبروك كاهي.

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19680

العدد 19680

الأربعاء 22 جانفي 2025
العدد 19679

العدد 19679

الثلاثاء 21 جانفي 2025
العدد 19678

العدد 19678

الإثنين 20 جانفي 2025
العدد 19677

العدد 19677

الأحد 19 جانفي 2025