تعزيــز التعاون الثنائــي وتأكيـد للزخم الدبلـوماسي
تحافظ العلاقات الثنائية بين الجزائر وموزمبيق، على مكانتها كنموذج للصداقة القوية والتضامن الإفريقي، علاقة قائمة على الوفاء لمبادئ التحرر من الاستعمار ودعم حقوق الشعوب في تقرير مصيرها والتطلع إلى مستقبل اقتصادي أفضل، عبر إرساء التعاون المثمر في مختلف المجالات.
زيارة رئيس جمهورية موزمبيق، دانيال فرانسيسكو شابو، إلى الجزائر، على هامش مشاركته في افتتاح الطبعة الرابعة لمعرض التجارة البيني، تأتي امتدادا للزخم الذي يميز العلاقات الثنائية بين البلدين في السنوات الخمس الأخيرة.
وطيلة هذه الفترة، تبادل البلدان عدة زيارات رسمية رفيعة المستوى، كللت باتفاقيات وتفاهمات من أجل تعزيز التعاون الاقتصادي الثنائي ومواصلة العمل المشترك دعما لقضايا إفريقيا ونصرة القضايا العادلة في العالم وعلى رأسها القضية الصحراوية.
وأبرز تلك الزيارات كانت لرئيس موزمبيق السابق، فيليب خاسينتو نيوسي، قد زار الجزائر شهر فيفري 2024، والذي أشاد يومها بدور الجزائر في استقرار وأمن منطقة الساحل وشمال إفريقيا، مؤكدا أنها بذلت جهودا كبيرة في سبيل ذلك.
وقامت الجزائر وموزمبيق السنة الماضية، بمجهود دبلوماسي، كبير على مستوى مجلس الأمن حيث تشغلان العضوية غير الدائمة، دعما للقضايا العادلة والتي تنسجم مع مبادئها ومبادئ الاتحاد الإفريقي، خاصة ما تعلق بحقوق الشعب الفلسطيني والتنديد بجرائم الكيان الصهيوني في قطاع غزة والضفة الغربية، إلى جانب إبراز أولويات إفريقيا، ضمن عمل مجموعة «أ-3»، حيث نسقا المواقف والمقترحات التي تخدم مصالح البلدان الإفريقية، ورافعا من أجل إعلاء القانون الدولي والإنساني في مختلف مناطق العالم.
وتأكيدا للزخم الدبلوماسي بين البلدين، حل، وزير الدولة، وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية، أحمد عطاف، في فيفري الماضي، بمابوتو، أين زار الرئيس الأسبق للبلاد، جوكيم ألبيرتو شيسانو، وهو الرئيس الشرفي للجمعية الدولية لأصدقاء الثورة الجزائرية.
هذا المنصب الذي يشغله شيسانو، الذي يعد أحد أكبر المدافعين عن قضايا لتحرر في إفريقيا، يؤكد طبيعة العلاقة بين البلدين وجذورها الراسخة في مناهضة كافة أشكال الاستعمار والعمل على استكمال الاستقلال السياسي بسيادة القرار الاقتصادي.
ومن أجل هذه الغاية، وقع البلدان سنة 2021 اتفاقية إنشاء مجلس الأعمال الجزائري الموزمبيقي، الرامي إلى تعزيز التعاون في مجالات التجارة والاستثمار، بما ينسجم وتوجهات الجزائر بتعزيز تواجدها الاقتصادي في إفريقيا عبر مختلف الأشكال التجارية والاقتصادية إلى جانب الاستثمار وبرنامج المساعدة التنموية.
وأبدت موزمبيق، في عديد المناسبات، رغبتها في الاستفادة من تجربة الجزائر، في مجال الطاقة والمناجم والطاقة الكهربائية، وعقدت عدة لقاءات مع مسؤولي القطاعات الجزائرية، التي تحوز على خبرة طويلة في بسط السيادة الطاقوية على الموارد وتكوين الموارد البشرية.
ومنذ 2022، اتفقت شركة سوناطراك مع نظيرتها الموزمبيقية (ENH) على وضع أسس تعاون دائم طويل المدى، وذلك عقب توقيعهما «دراسة إمكانيات التعاون على مجمل سلم قيم المحروقات في الموزمبيق، بدءا من الاستكشاف والإنتاج، إلى النقل وتمييع الغاز والخدمات البترولية وكذا التكوين».
في المقابل، تأتي زيارة رئيس موزمبيق، دانيال فرنسيسكو شابو، إلى الجزائر على هامش مشاركته في افتتاح أشغال الطبعة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية، ليؤكد الرغبة المشتركة للبلدين في تجسيد اتفاقيات التعاون وتحديد مجالاتها بما يعود بالفائدة على الجانبين.
ونظرا للسياق الإفريقي الخاص الذي تندرج فيه الزيارة، من المؤكد أن يجدد البلدان مواقفهما الداعمة لجهود النهضة الإفريقية، بما يسمح من تعزيز موقع القارة في التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم، وهو ما سبق لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أن وصفه بالظرف الاستثنائي الذي يهدد أركان المنظومة الدولية الراهنة.
ومن المهم أن تقدم الجزائر وموزمبيق صورة حية عن نموذج التعاون الاقتصادي البناء لبقية البلدان الإفريقية، في إطار تعبئة جهود القارة لتحقيق الاندماج التجاري وبلوغ مستوى من المبادلات التجارية بنسبة 30 بالمائة بحول سنة 2035، وتقليص الفجوات القائمة في البنى التحتية والنقل واللوجيستيك.