الاستقرار السياسي لن يكتمل دون نقلة اقتصادية نوعية
تستعدّ تونس خلال الأشهر القليلة القادمة لإجراء الانتخابات البلدية، وقد أكد رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد أن الانتخابات ستجرى في موعدها المحدّد يوم 6 ماي المقبل، كما شدّد خلال جلسة عامة لمجلس نواب الشعب، على أن تبدأ الإصلاحات الاقتصادية بسرعة خاصة في قطاع المؤسسات العمومية.
وفي وقفة تقييمية للتجربة التونسية، أكد البروفسور عبد الرزاق المختار أستاذ التعليم العالي في القانون العام بكلية الحقوق والعلوم السياسية بمدينة سوسة التونسية خلال لقائنا به على هامش الندوة العلمية الأولى للدكتوراه التي نظمت مؤخرا بكلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة ورقلة، أن التجربة التونسية في حاجة إلى نقلة اقتصادية نوعية لتدعيم نجاحها.
«الشعب»: يجمع الرأي العام العالمي على أن التجربة التونسية في الانتقال السياسي تعتبر من أنجح التجارب، هل لنا بوجهة نظركم؟
البروفيسور عبد الرزاق المختار: نجاح التجربة التونسية يأتي من طبيعة الثورة التي لم تكن مسلحة، كانت ثورة وطنية، كما أن التحرّك كان عبر احتجاج الشارع، وبالتالي لم يكن تحركا انقلابيا أو ثوريا بل كان حراكا شعبيا، ثم لم يتم اعتماد المقاربة الإقصائية أو الاجتثاث السياسي وهذا ما مكّن إلى حدّ ما من الوصول إلى تحقيق المرور السلمي، كما أن المؤسسات أنشئت بسرعة فتحقّق نوع من الاستقرار السياسي.
الحالة التونسية الآن تحتاج إلى ما نسميه بالانتقال الاقتصادي، حيث مازلنا في مرحلة قلق اقتصادي وأظن أنه حينما ننجح في تحقيق هذا الانتقال، فإن التجربة ستكون أنجح بكثير.
- التقدّم السياسي في تونس يكبحه الواقع الاقتصادي، فكيف يمكن تجاوز هذه المرحلة الصعبة؟
في الواقع، كل مرحلة انتقالية تعقبها مرحلة اضطرابات اجتماعية ونوعا ما عدم الاستقرار الاجتماعي يؤثر على المناخ الاستثماري، كما أنّ المناخ العام في المنطقة والعالم يوضّح وجود أزمة اقتصادية في المنطقة الأوربية وأرى أن إعادة استرجاع ثقة المستثمرين الأجانب وحتى المستثمرين الوطنيين والمحليين بإمكانه تحقيق النجاح، ستكون ضمانة للتحوّل الاقتصادي في تونس.
- الوضع الأمني في تونس سجّل تحسنا خاصة بعد سنة 2015، فما تعليقكم؟
الوضع الأمني في تونس مستقرّ وتحت السيطرة، ووزارة الداخلية ومؤسسات الدولة التونسية نجحت في تطويق الظاهرة الإرهابية.
لابد أن نسجل أيضا تعاون السلطات الجزائرية واهتمامها باستقرار الأوضاع في تونس وعلى الحدود معها، وفي الواقع فإن التعاون الجزائري التونسي نتائجه كانت دائما جيدة ومساعدة على ضبط المسألة الأمنية إلى حدّ كبير، ونأمل أن يتواصل التعاون مع إخواننا في الجزائر في اتجاه التعاون الاقتصادي أكثر ودعم أكبر للتجربة التونسية، كما نتمنى للجزائر دوام الاستقرار وأن يكون الوضع الاجتماعي والاقتصادي من حسن إلى أحسن.
- قطاع السياحة في تونس هو شريان الاقتصاد، فكيف هو حاله الآن؟
المؤشرات في المجال السياحي تتحسن، وأؤكد هنا على ما يسمى بالسياحة البينية أي ما بين بلدان المغرب العربي ككل التي تمثل بديلا للسياحة الأوروبية، أظن أن الموسم السياحي القادم سيكون موسما استثنائيا في ظلّّ هدوء الوضع الأمني وفي ظل التحسّن النسبي للمؤشرات الاقتصادية بالنسبة للجهات التي يأتي منها السائح التقليدي في تونس، وبذلك أتصور أن الوضع سيكون أفضل.
- ما هي رؤيتكم لواقع وآفاق العلاقات الجزائرية التونسية؟
رغم أن التحديات مختلفة بالنسبة للحالة الجزائرية والحالة التونسية، إلا أن الشقيقة الكبرى الجزائر كانت دائما وبغض النظر عن بعض الظروف والإشكالات الهامشية إلى جانب التجربة التونسية، وأعتقد أنه بالتعاون الحالي الموجود ما بين السلطات الجزائرية والسلطات التونسية تحقّق الهدوء والاستقرار الأمني ونطمح إلى تدعيمه على المستوى الاقتصادي، وأتصور أن الوضع الحالي في الجزائر كما الوضع الحالي في تونس يحمل العديد من التحديات، لكن بتبادل التجارب والخبرات في مختلف الميادين بما فيه التعاون في الميدان العلمي سيمكن من تطوير العلاقات التي هي علاقات موطدة في الأصل.
- الجزائر وتونس معنيتان مباشرة بالأزمة الليبية، ما تعليقكم على المساعي المبذولة من الطرفين لحل هذه الأزمة؟
أعتقد أن إدارة الأزمة الليبية من الجانب التونسي والجزائري كانت إلى حدّ الآن إدارة ذكية جدا ولم تسمح بنقل الأزمة من ليبيا إلى خارج حدودها، كما لم تتدخّل في الشأن الليبي وحاولت مساعدة الإخوة الليبيين دون فوقية ودون إسقاط لحلول، وبالتالي فإن التفاعل التونسي الجزائري مع الملف الليبي كان قائما على ثوابت وعلى أخوة أيضا وعلى إعطاء أمل للفترة القادمة.