الشّعب الفلسطينـــــي ضحيّـــة قرارات هـــدفها تحويــــل الأنظـــــــار
أسالت القرارات التي اتّخذها الرّئيس الامريكي دونالد ترامب بعد مرور أقل من عام واحد على استلام مهامه رسميا بصفته الرئيس 45 للولايات المتحدة الامريكية، الكثير من الحبر، فبينما وصفها البعض بالجريئة اعتبرها السواد الأعظم من الملاحظين والخبراء قرارات متسرّعة ومتهوّرة لا تخدم السّلم والأمن الدوليين من جهة، وتخل بالالتزامات الدولية لواشنطن حيال الكثير من القضايا الدولية، خاصة منها ما تعلّق بالقرار الأخير المتعلّق باعتراف واشنطن بالقدس المحتلّة عاصمة للاحتلال الاسرائيلي، وإعطاء الأوامر بنقل السّفارة الأمريكية إليها.
وهي خطوة أجمع العالم على شجبها ورفضها حتى من الحلفاء التّقليديّين للولايات، ومن بينهم اليابان الذي أكّد مساعد خارجيتها لشؤون الشّرق الاوسط وشمال إفريقيا السيد هيروشي أوكا - في لقاء سابق مع جريدة «الشعب» - أنّ طوكيو لن تحذو حذو واشنطن ولن تنقل سفارتها إلى القدس المحتلة، والشأن نفسه بالنسبة للاتحاد الاوربي لتجد نفسها في عزلة دولية خاصة بعد الهزيمة الذي مني به المقترح الذي تقدّمت به إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة حول الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، حيث صوّتت أغلبية الدول ضد القرار، ومنيت السياسة الخارجية الأمريكية بنكسة جديدة تضاف إلى الكثير من عثرات إدارة ترامب، وتجلى ذلك في لغة التهديد والوعيد التي لوّحت بها مندوبة واشنطن في حق الدول التي صوّتت ضد هذا القرار؟
في إطار زيارتها إلى بلاد الشّمس بدعوة من الخارجية اليابانية نهاية شهر ديسمبر، إلى جانب صحف مكتوبة باللّغة العربية من الكويت، عمان، تونس والامارات العربية المتحدة، كان لجريدة «الشعب» لقاء مع البروفيسور ماساياكو ياما اوتشي، الأستاذ بجامعة طوكيو والمستشار بشبكات تلفزيون «فيجي»، الذي شرح خلفيات وملابسات قرارات ترامب سيما الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة للكيان الصّهيوني، وكذا نقل السّفارة الأمريكية إليها.
اعتبر البروفيسور ماساياكو ياما أوتشي أنّ قرار ترامب بشأن القدس لم يكن بريئا ولا مجرّد صدفة على اعتبار أنّه جاء بعد مرور قرن على وعد بلفور سنة 1917، ونصف قرن على حرب 1973، و70 سنة على تقسيم الأمم المتحدة للقدس المحتلّة سنة 1967، وهي تواريخ لها دلالات حسب الأستاذ بجامعة طوكيو لأنّها - حسبه - محطّات أساسية في الصّراع العربي الاسرائيلي من جهة ثم بالنظر إلى السّرعة التي أعلن بها ترامب القرار ممّا يثبت وجود نوايا مبيّتة.
البروفيسور ماساياكو في السياق ذاته، اعتبر أنّ ترامب يواجه انهيارا غير مسبوق في شعبيته لم يعرفه أي من الرؤساء الأمريكيّين السّابقين، وهذا ما يفسّر - حسبه - تلك القرارت المتسرّعة التي تهدف بالدرجة الأولى إلى تحويل أنظار الشّعب الأمريكي عن المشاكل الداخلية، وعن مسلسل التّحقيقات في التّهم التي رافقت انتخابه رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية المتعلّقة بتدخّل الرّوس في فوزه بالانتخابات، وكذا التّحقيقات المتواصلة من قبل أجهزة الأمن الأمريكية في تورّط صهره جاريد كوشنر في اتّصالات بالكريملن خلال الحملة الانتخابية الرّئاسية.
وفي السّياق، أضاف محدّث «الشعب» أنّ صهر ترامب المقرب من اللّوبي اليهودي في واشنطن، والقريب جدّا من دواليب القرار في تل أبيب، هو الذي هندس للقرار الأمريكي المتعلّق بالقدس المحتلة.
الأستاذ بجامعة طوكيو اعتبر كذلك أنّ كل القرارات التي اتّخذها ترامب مهما كانت أسبابها ومبرّراتها، ستكون آثارها وخيمة على الشّعب الفلسطيني الذي سيكون - حسبه - ضحية تلك القرارات. وفي ردّه على امكانية حصول تغيرات على التوجهات الكبرى للسياسة الخارجية الأمريكية، قال البروفيسور ماساياكو إنّ هذه الأخيرة لا تتغيّر بتغيّر الإدارات المتعاقبة لأنّها تحتكم إلى ثوابت تاريخية وإلى منطق المؤسّسات، وضرب مثالا بالدّعم الأمريكي اللاّمشروط لإسرائيل رغم تغيّر الإدارات والرّؤساء.