شكلت سنة 2017، امتدادا لسنوات الحرب على الإرهاب والنزاعات المسلحة في العالم العربي، واستمر العرب في إحصاء قتلاهم الذين سقطوا برصاص جماعات وجهات مختلفة المشارب والمصالح، ووقفوا على أطلال مدن مدمرة بالكامل وثقت إحدى أحلك وأبشع الحقب في تاريخ المنطقة.
هزيمة تنظيم داعش الإرهابي في العراق وسوريا وتبخّر بقاياها في مناطق ضيقة، جعل العالم يتحدّث عن الشكل المقبل للإرهاب وكيفية الاستعداد لمعركة دائمة بوسائل جديدة، وأجندات دولية محكمة التنفيذ.
العراق يستعيد أراضيه
أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في 11 ديسمبر الجاري، أن «العراق فرضت سيطرتها على كامل أراضيها، بعد أكثر من ثلاث سنوات كان التنظيم الإرهابي يسيطر فيها على ما يقارب ثلث مساحة البلاد».
وقال رئيس الوزراء العراقي: «إن معركتنا كانت مع العدو الذي أراد أن يقتل حضارتنا، ولكننا انتصرنا بوحدتنا وعزيمتنا وبفترة وجيزة استطعنا هزيمته»، ووثقت بالصور حجم الدمار الذي ألحق بمحافظات الموصل والأنبار.
سوريا: انتصار على الإرهاب
وأعلنت الحكومة السورية النصر على تنظيم داعش الإرهابي في مدينة دير الزور بشرق البلاد يوم 03 نوفمبر، في ضربة كبيرة للإرهابيين، وتقع دير الزور على الضفة الغربية لنهر الفرات وهي أكبر وأهم مدينة في شرق سوريا ومركز إنتاج النفط.
وقال وزير الخارجية الفرنسية جون إيف لودريان، إن أكبر وأهم معركة خاضها الجيش السوري كانت في دير الزور، بالنظر للأهمية الاستراتيجية للمدينة.
وأعلن التحالف الدولي بقيادة واشنطن الجمعة 20 اكتوبر رسميا تحرير مدينة الرقة السورية من قبضة التنظيم الإرهابي، ولقي فيها 2120 إرهابيا مصرعهم.
وسقطت المدينة في أيدي «داعش» الارهابي منتصف عام 2014، وكانت المركز الرئيسي للتمويل والتخطيط للاعتداءات الإرهابية التي استهدفت القارة العجوز في السنوات الأخيرة، بما في ذلك هجمات باريس وبروكسل ونيس ومانشستر.
وعقب الانتصار على الإرهاب في سوريا، أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في 11 ديسمبر إلى، بالبدء بسحب القوات الروسية من سوريا.
وعلى الصعيد السياسي، لم تحقّق الوساطة الدولية بقيادة المبعوث الأممي ستيفان ديمستورا تقدما ملحوظا، بشأن المفاوضات بين المعارضة والحكومة السورية، وجرى الاتفاق على عقد مؤتمر الحوار الوطني السوري نهاية الشهر المقبل.
مصر: هجمات دامية
شهدت مصر سلسلة من الاعتداءات الإرهابية عام 2017 كان آخرها 24 نوفمبر، حيث شهدت مجزرة ارتكبها إرهابيون في مسجد الروضة في مدينة بئر العبد شمالي سيناء، خلفت 305 قتلى.
وافتتح به المصريون عامهم باعتداء خلف 08 قتلى من رجال الشرطة، في هجوم على نقطة تفتيش أمنية في محافظة الوادي الجديد بصحراء مصر الغربية.
وفي 9 أفريل، قتل 44 شخصا، في تفجيرين انتحاريين في كنيستين مصريتيين في كل من طنطا والاسكندية أثناء الاحتفال في مناسبة دينية، لتعلن مصر على إثر الحادثين، فرض حالة الطوارئ في البلاد.
وفي 26 ماي قتل 26 شخصا، بينهم أطفال جراء الهجوم بالرصاص على حافلة تقل أقباطا، أثناء توجههم إلى المنيا، ليوقع العمل الإرهابي أيضا بإمضاء داعش.
وفي 7 جويلية تكرر، استهداف عناصر من الجيش المصري، ليقضي 26 جنديا مصريا، ويصاب العشرات من قوات الأمن، في هجوم على نقطة تفتيش في مدينة رفح محافظة شمال سيناء، اعتُبر حينها الأعنف بعد تفجير في عام 2015 في شمال سيناء.
وتبنى داعش الإرهابي عملية إرهابية في 11 من سبتمبر حيث قـُتل على الأقل 18 شرطيا، بعد استهداف مسلحي التنظيم قافلة أمنية قرب مدينة العريش أيضا.
وفي 12 أكتوبر الماضي أعلن الجيش المصري، مقتل 6 من جنوده في هجوم إرهابي على نقطة أمنية في مدينة العريش بمحافظة شمال سيناء.
وفي 20 من أكتوير الماضي قتل 16 عنصرا من الشرطة المصرية في هجوم بطريق الواحات البحرية، تبنته جماعة إرهابية غير معروفة.
وأعلن الجيش المصري في 19 ديسمبر، مقتل ضابط وإصابة 2 آخرين في استهداف مطار العريش بإحدى القذائف، أثناء زيارة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، صدقي صبحي، ووزير الداخلية، اللواء مجدي عبد الغفار، للقوات الأمنية بمدينة العريش.
اليمن: اغتيال صالح والكوليرا
أبرز حدث في اليمن للسنة الجارية كان مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح، على يدي مليشيات الحوثيين، في 04 ديسمبر الجاري، بعد معارك عنيفة بصنعاء، فيما استمر قصف طيران التحالف العربي، وسط أوضاع إنسانية مزرية، تسببت في مجاعة وإصابة أكثر من مليون شخص بالكوليرا وفقا لتقديرات الصليب الأحمر الدولي.
كردستان العراق: استفتاء فاشل
شارك حوالي 5 ملايين ناخب، في استفتاء انفصال إقليم كوردستان عن العراق، في 25 سبتمبر الماضي، والذين تسبب في أزمة عميقة بين أربيل وبغداد، حيث اتخذت الأخيرة اجراءات قانونية وعسكرية للحفاظ على وحدة البلاد، مدعومة في ذلك بالمجموعة الدولية التي رفضت الاعتراف بالنتائج.
وبعد ضغوطات دولية خاصة من قبل تركيا وإيران، أبدت حكومة اربيل تراجعا رأت فيه بغداد تمهيدا لإجراء حوار بدعم فني للأمم المتحدة.
ليبيا: عام للنسيان
ماعدا تحرير مدينة بنغازي شرق البلاد، بشكل شبه كلي من التنظيمات الإرهابية الدموية، لم تحقّق الأزمة الليبية تقدما ملموسا على صعيد الحل السياسي، ويمكن القول إنه عام آخر لنسيان آلام «الصراعات الداخلية».
رغم حالة التأهب القصوى التي أبدتها دول الجوار والإتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربي، لدعم ليبيا من أجل الخروج من المحنة الأمنية والسياسية التي تعرفها، إلا أن التقدم ظلّ محتشما على صعيد الحل السياسي.
ويمكن حصر النتائج الإيجابية للغاية في مسار معالجة أزمة معقدة للغاية، في الإجماع الدولي على صيانة وحدة البلاد وسيادتها الوطنية والترابية، وإبعاد التدخلات الأجنبية العسكرية قدر المستطاع، مع دعم الأطراف الليبية لإيجاد صيغة توافقية سلمية بأنفسهم وبرعاية الأمم المتحدة.
وسجلت سنة 2017، لجوء الأطراف الليبية إلى خطة كسر العظام قصد الدخول في عملية تفاوضية من منطق الأقوى، فاختير السلاح كلغة أساسية في التخاطب بين الفرقاء وشهدت العاصمة طرابلس معارك كرّ وفرّ إلى أن استطاع القوات الموالية للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني من إنهاء ما اسمته مظاهر «التسلّح».
في الوقت ذاته، خاض المشير خليفة حفتر من معسكره شرق البلاد، معارك على عدة جبهات، تمثلت في الحرب على الإرهاب في بنغازي والسيطرة على الهلال النفطي والتوجه جنوبا للتحكم في قواعد جوية.
وإلى غاية النصف الثانية من السنة الجارية، كان التهديد والوعيد سيد الموقف بين طرابلس وبنغازي، إلى غاية الاتفاق في جويلية على توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار، والعمل في إطار خطّة تسوية أممية يقودها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة غسان سلامة.
ولم ينجح سلامة، في إقناع الأطراف الليبية على إيجاد صيغة توافقية لتعديل الاتفاق السياسي الموقع سنة 2015، بينما يجري العمل على تحضير الانتخابات العامة في الأشهر الأولى لسنة 2018.
أزمة الخليج العربي
تميّزت سنة 2017، بتصدّع غير مسبوق داخل مجلس التعاون، حيث أعلنت السعودية والإمارات والبحرين ومصر، في 05 جوان، قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر وإلغاء المشاركة الأخيرة في التحالف العربي الذي يقود الحرب في اليمن، وإغلاق المنافذ البرية مع قطر ومنع الطائرات القطرية من التحليق عبر أجواء هذه الدول والنقل البحري إلى قطر عبر موانئها.
كوريا الشمالية مستمرة
في المقابل، رفضت كوريا الشمالية الانصياع للتهديدات الأمريكية والرضوخ للعقوبات الدولية وواصلت برنامجها النووي وأطلقت عدة صورايخ باليستية، وأعلنت صراحة أن غايتها بلوغ قوة الردع النووي واستهداف الأراضي الأمريكية، فيما سعت كل من روسيا والصين إلى التهدئة والدفع بالحوار لتفادي سيناريوهات كارثية.
أوروبا:
الذئاب المنفردة تواصل حصد الأرواح
تعرضت دول الاتحاد الأوروبي، إلى هجمات إرهابية بلغت 14 عملية، نفذها من يطلق عليهم «الذئاب المنفردة»، استخدم فيها هؤلاء أساليب جديدة على غرار الأسلحة البيضاء ووسائل النقل المدني (سيارات وشاحنات).
وتركزت أغلب الهجمات في فرنسا وإنجلترا وإسبانيا، حيث قام يوم 22 مارس 2017، إرهابي بدهسِ مجموعةٍ من المارة على جسرِ و»يستمنستر» ببريطانيا وطعن بعدها ضابطِ شرطة ما أدى إلى مقتلِ 3 أشخاص. وفي أفريل، دهست شاحنة مجموعة من المشاة في شارع «دروتننغ غتن» وسط العاصمة السويدية ستوكهولم، وأسفر الحادث عن سقوط 4 قتلى وعدد من الجرحى،
وفي ذات الشهر قتل شرطي فرنسي، وأصيب اثنان آخران، جراء إطلاق نار من قبل مسلح في جادة «الشانزيليزيه» وسط باريس. ومن أكثر الهجمات عنفا، كانت عملية مانشستر، في 22 ماي 2017، حيث قُتل 22 شخصا وأُصيب نحو 50 آخرين في انفجار بقاعة للحفلات الموسيقية. في مدينة «مانشستر» بشمال بريطانيا. ودهست شاحنة المارة على الجانب الجنوبي من جسر لندن، في جوان الماضي قبل أن يترجل المهاجمون من الشاحنة ويبدءوا في طعنهم بالساكنين، وأسفر الهجوم عن مقتل سبعة أشخاص وجرح 48 آخرين، ونفذ العملية ثلاثة إرهابيين.
وفي أوت دهست سيارة جنود فرنسيين فى مدينة «لوفالوا» شمال باريس، وأسفر الحادث عن إصابة 6 جنود بجروح. من أبرز العمليات الإرهابية أيضا، هجوم برشلونة، يوم 16 أوت 2017 حين اقتحمت سيارة شارع لارامبلا في برشلونة، حيث قامت بدهس المارة وبينهم سكان محليون وسائحون من جميع أنحاء العالم، مما أدى إلى مقتل 13 شخصا وإصابة أكثر من 100، بينهم حالات خطرة.
تنامي اليمين المتطرف وتأكيد الوحدة
أحدث خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وتصاعد اليمين المتطرف، هزات قوية للمجموعة الأوروبية، وخلق عدة انقسامات داخلية خاصة في التعاطي مع ملف اللاجئين.
لكن القادة الأوروبيون أظهروا بمناسبة الاحتفالات بالذكرى الستين لمعاهدة روما المؤسسة للبناء الأوروبي، شهر مارس الماضي، صورة تنم عن الوحدة، ووقّع الزعماء على إعلان روما الذي يعكس ملامح التزام مشترك للسنوات العشر المقبلة.
ووقف الاتحاد الأوروبي، إلى جانب اسبانيا، بعد استفتاء إقليم كتالونيا من أجل الانفصال، وأكدوا وقوفهم إلى جانب اسبانيا موحدة.
إفريقيا:
موغابي يستقيل بعد 37 سنة
اتسمت 2017، بالنسبة للقارة الإفريقية، بتكثيف الجهود لدفع التنمية المستدامة والتصدي للتهديدات الأمنية بمختلف المناطق، وتميزت أيضا بمغادرة الرئيس الزيمبابوي روبرت موغابي للحكم بعد 37 سنة قضاها على رأس البلاد.
وتمكّن الاتحاد الإفريقي من الحفاظ على مبادئه المؤسسة، ورفض كل مناورات المغرب لضربها لحسابات ضيقة.
وأنهت دول الساحل الإفريقي، السنة الجارية، بإنشاء قوة عسكرية مشتركة بدعم فرنسي سميت قوة الـ»5 ساحل»مهمتها محاربة الإرهاب في المنطقة.