بعد أن أعلنت الحكومة الفرنسية موعد الاستحقاقات الرئاسية القادمة التي تجري في جولتين الأولى يوم 23 أفريل والثانية في السابع من ماي 2017، بدأ المحلّلون السياسيون رحلة توقّعاتهم في محاولة قد تبدو مبكّرة بعض الشيء لمعرفة صاحب الحظ الذي سيسبق المتنافسين إلى قصر الاليزي، وبالتالي إلى قيادة فرنسا.
عام فقط يفصل الفرنسيين عن موعد انتخاب رئيسهم الجديد، وفي انتظار ما يمكن أن تحمله الأيام والأشهر القادمة من مفاجآت، فإنّ التوقعات والتحليلات بدأت تتهاطل كالسيل الجارف، بعضها يرشّح للفوز هذه الشخصية والبعض الآخر يراهن على شخصية أخرى والكلّ يقدّم المعطيات والعوامل التي تدعّم توقّعاته وقراءاته.
ومن البداية، قلّصت العديد من التوقعات من حظوظ الرئيس الحالي فرانسوا هولاند والسابق نيكولا ساركوزي بالنظر إلى أنّ ثلاثة أرباع الفرنسيون عبّروا عن أملهم بعدم ترشحهما لاستحقاقات 2017، في حين أظهروا رغبة كبيرة في ترشح رئيس الوزراء ووزير الخارجية الأسبق آلان جوبي.
وطبقا لاستطلاعات الرأي، يتصدر آلان جوبي المرشحين لدى أنصار اليمين -دون الجبهة الوطنية - حيث يلقى تأييد 71% منهم متقدما بعشرين نقطة على ساركوزي، كما يتلقى دعما من مؤيدي اليسار وبنسبة 62%.
ويلي جوبي - بفارق واضح - رئيس الوزراء الحالي مانويل فالس الذي يأمل 38% في ترشحه متبوعا بزعيمة الجبهة الوطنية مارين لوبان (37%) وزعيم الحركة الديمقراطية فرانسوا بايرو.
هولاند . ساركوزي ..حظوظ تتقلّص
على ضوء استقراءات الرأي، تستبعد الكثير من التوقعات أن يكون الرئيس المقبل لفرنسا فرانسوا هولاند أوساركوزي، والسبب حسبها، أن الرئيس الحالي لم يجمع في رصيده، ما يكفي من تأييد الفرنسيين لسياسته، فأداءه كان مخيبا للآمال في جميع المجالات تقريبا، وخصوصا في مجال محاربة البطالة، بينما تتلاشى فرص ساركوزي بسبب شخصيته المزعجة.
وتشير هذه التوقعات - كما كتب أحدهم - إلى أنّ فرنسا لم تحظ برئيس من مستوى عال منذ انتهاء ولاية فرانسوا ميتران في عام 1995، والذي كان بمثابة مستشار ألماني، ونتج عن هذا الاختلال تراجع فرنسا أمام تقدّم ألمانيا التي نجح فيها الإصلاحي غيرهارد شرودر وخلفته أنغيلا ميركل التي حقّقت نجاحا أكبر، في حين أن فرنسا ما بعد ميتران، شهدت قيادة باهتة لجاك شيراك، خاصة على الصعيد الدولي وتبعه ساركوزي المخيب للآمال، وتلاه هولاند بقيادته التي عجزت عن تحقيق الوعود المعلنة.
جوبي وماكرون .. الثنائي الأقرب إلى الإليزي
تعتقد غالبية الناخبين الفرنسيين، أن استحقاقات العام المقبل ستكون عبارة عن فرصة أخيرة لاستعادة السيطرة على مصير دولتهم وإحياء نفوذها في أوروبا ومكانتها في العالم.
ومع استبعاد هذه الأغلبية لحظوظ هولاند وساركوزي، فهي تحصر أيضا حظوظ الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة لزعيمتها مارين لوبان حتى وإن كانت تتمتع بصعود ثابت.
وتعتقد استطلاعات الرأي أن لوبان أمامها فرصة كبيرة للوصول إلى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، لكنّها من المستبعد أن تدخل قصر الإليزي أو تتربّع على كرسي الحكم.
وتبقى الشخصيتان الأكثر شعبية في اليمين واليسار والأكثر حظا للفوز بأصوات الناخبين الفرنسيين، هما آلان جوبي، الذي شغل منصب رئيس الوزراء في عهد شيراك، وإيمانويل ماكرون وزير هولاند للاقتصاد والصناعة والشؤون الرقمية.
وقد كانت تصنيفات جوبي في استطلاعات الرأي ثابتة بشكل ملحوظ، والاستطلاعات حول ماكرون عالية بشكل مدهش؛ فمن السهل أن نستنتج أن أغلبية كبيرة من الناخبين الفرنسيين سيرحبون بترشيح كليهما للحكم؛ الرجل الحكيم ذو الخبرة كرئيس وزميله الأصغر منه كرئيس وزراء، والواقع أن هذا الثنائي سيشكل فريقا هائلا عبر الأجيال وعبر الأحزاب وسيستطيع في النهاية تنفيذ الإصلاحات التي تشتّد الحاجة إليها، رغم رفض كليهما فكرة التحالف وتوحيد القوى.
حظوظ جوبي كبيرة فهو أكثر مهارة في ممارسة السلطة، مما هو في الحصول عليها ولديه أيضا ميزة فريدة من نوعها، فهو نظرا لتقدمه في السن - سيبلغ 72 سنة في العام المقبل - فهو ينوي الترشح لولاية واحدة فقط، وليس من الضروري أن يفكر في إعادة انتخابه. وبهذا تكون فرنسا قد وجدت بالفعل رئيسها المقبل.
ويُعد ماكرون الشخصية الوحيدة التي تلقى تأييدا بـالأغلبية في اليسار واليمين على حدّ سواء، باستثناء الجبهة الوطنية، متقدما بذلك على النائبة عن الجبهة الوطنية ماريون ماريشال لوبن، والنائب عن الجمهوريين برونولومير.