هل تكون الجولة الثّالثة مخرجا للأزمة؟

أمريكا تحتضن مفاوضات التّسوية السورية

س ــ ناصر

 

 

 

 

أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، أنّ واشنطن ستكون مضطرة لاتخاذ إجراءات “قاسية” في حال مواصلة موسكو وطهران دعمهما للرئيس السوري بشار الأسد، في حين أكّد الأخير أنّ روسيا بتدخلها العسكري في سوريا بالتنسيق مع الجيش السوري تحمي سوريا والعراق وروسيا بل وأوروبا بينما الضّربات العشوائية للاتحاد غير قانونية.
وفي كلمة ألقاها في منتدى بواشنطن، قال كيري: “إذا شكّلت روسيا وإيران كتلة وسمحتا لـ (الرئيس بشار) الأسد بإفشال العملية (السياسية)، وإذا لم يحدث هناك انتقال (سياسي في سوريا)، فسنكون مقيّدين في خياراتنا وسنضطر إلى اتّخاذ عدد من القرارات القاسية”.
وأعرب وزير الخارجية الأمريكي عن اعتقاده بأن واشنطن لا يمكن أن تقبل استمرار الوضع الراهن في سوريا، لأنّه “يمثل تهديدا لأمن الولايات المتحدة ولكل دولة أوروبية”. وتابع كيري: “بالنسبة لأوروبا ليس هو تهديد بسبب ما حصل في باريس أو في أي مكان آخر، إنما هو تهديد لأنّ هذه الهجرة (من دول الشرق الأوسط) “قد تغيّر السياسة الأوروبية إلى الأبد”. وأضاف أنّه “من الأهمية الحيوية أن تتّحد إيران وتركيا والأردن ولبنان وروسيا والولايات المتحدة، وجميع الحلفاء والائتلافات لضمان بقاء سوريا موحّدة”، وهذا التوجه النظري نجده يختلف تماما عمّا هو في الواقع على الأرض، فالبعض يدعّم النظام وجيشه النّظامي، بينما يدعم البعض الآخر المعارضة وحتى الجماعات الإرهابية، وهذا ما يؤدي للانفصال وليس للوحدة.
وأفاد كيري بأنّ الجولة التالية من المفاوضات بشأن تسوية الأزمة السورية، ستجري في نيويورك قبل نهاية الشهر الجاري، مضيفا أنّ المعارضة السورية اختارت أعضاء الوفد المكلف بخوض المفاوضات، وأنّها “جاهزة للجلوس إلى طاولة الحوار إلى جانب كل من روسيا وإيران، اللّتين وافقتا على اقتراحنا حول ضرورة الانتقال (السياسي) في سوريا”.
وتابع كيري قائلا: “إنّ الهدف من هذا الانتقال هو تشكيل حكومة شاملة التمثيل خلال الأشهر الستة القادمة، على أن يتم خلال هذه الفترة وضع دستور جديد وآليات لتنظيم انتخابات يزمع إجراؤها خلال 18 شهرا تحت إشراف دولي”.  وفي وقت سابق، أفاد الأمين العام للأمم المتحدة بالتحضير لهذه الجولة، ففي ردّه على سؤال عمّا إذا كان ممكنا أن تعقد في 18 من الشهر الجاري؟ قال بان كي مون: “إنّ الدول الأعضاء تنسّق جهودها لكي تعقد الجولة الثالثة من عملية فيينا في نيويورك”.
وتعتبر مشاورات فيينا أول منتدى جلس فيه إلى طاولة الحوار جميع الأطراف الدولية والإقليمية المعنية بالتسوية في سوريا، وأسفرت الجولتان الأولى والثانية عن بلورة وثيقة تحدّد الأطر الزمنية لعملية التسوية ومراحلها.
ويتوقّع أن يسبق الجولة الثالثة في نيويورك وضع قائمة بأسماء المنظمات السورية المعارضة التي يمكن أن تشارك في العملية السياسية، والتنظيمات الإرهابية التي يجب إخراجها من هذه العملية.
الغطاء على التّهريب..لماذا؟
من جهتها أعربت وزارة الدفاع الروسية السبت الماضي عن اندهاشها من تصريحات المسؤولين الأمريكيين بأنّهم لا يرون كيف يتم تهريب النفط المسروق من قبل تنظيم داعش الإرهابي. وفي تصريح صحفي قال المتحدث باسم الوزارة اللواء إيغور كوناشينكوف: “عندما يقول المسؤولون الأمريكيون أنهم لا يرون كيف يتم نقل النفط المهرب من قبل الإرهابيين، فإنّ ذلك أكثر من مكر بسيط، لأنه يشبه توفير غطاء مباشر”.
وكان متحدّث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، اعترف سابقا بأنّ الصّور المعروضة من قبل العسكريين الروس التي تظهر مئات من صهاريج النّفط التابعة لداعش الإرهابي هي صور أصلية، ومع ذلك فقد قال إنّه “لم ير صورا للمعابر التي تعبر من خلالها الصّهاريج الحدود، والجهة التي تنقل إليها”.
RT وفي تعليقه على هذه التّصريحات، ذكر كونا شينكوف أنّ الأحاديث عن عدم رصد حركة الصهاريج عبر الحدود “تثير السّخرية”، ولو لأنّ أي صورة فوتوغرافية هي صورة غير متحركة. وأعاد المسؤول العسكري الروسي إلى الأذهان، أنّ وزارة الدفاع عرضت، إلى جانب الصور الفضائية، تسجيلات جوية تثبت أنّ الصهاريج المليئة بالنفط تعبر الحدود التركية بسرعة عالية دون أن تتوقّف في المعابر. وتابع كوناشينكوف قائلا: “إنّ التّصريحات الأمريكية الأخيرة بشأن سوريا مبنية على معايير مزدوجة “تشبه مسرح العبث المبني على المعايير المزدوجة والتلاعب بالألفاظ، فإنّهم يرون شيئا ما تارة، ولا يرونه تارة أخرى، أو أنّهم يميّزون بين معارضين معتدلين وغير معتدلين، إلى حد تمييزهم بين إرهابيين سيّئين وإرهابيين سيّئين جدا”. وذكر المتحدّث باسم الوزارة أنّ روسيا حذّرت مرارا من خطر مغازلة الإرهابيين، بل وشدّدت على أنّ “مثل هذه السّياسة قصيرة النّظر، وقد يكون لها صدى دمويا في شوارع مدنكم ومدننا”. وأكّد المسؤول العسكري الروسي أنّ الإرهاب لا يفرّق بين هذا وذاك أو بين الانتماءات القومية، بل هو “شرّ مطلق يجب مواجهته بمظاهره كافّة، وهو أمر لا شك فيه، شأنه شأن أدلّتنا التي عرضناها في المؤتمر الصّحفي في 2 ديسمبر، التي تظهر من أين وإلى أين ينقل النّفط المسروق من المناطق المسيطر عليها من قبل الإرهاب الدولي، ومَن الذي يغطيه ومِن أين يأخذ داعش الأموال من أجل تنظيم أعماله الإرهابية الدامية؟

الأسد: “الرّوس يحمون أوروبا اليوم”
أكّد الرئيس السّوري بشار الأسد أنّ الروس بمشاركتهم العسكرية بمحاربة الإرهاب في ‏سوريا يهدفون إلى حماية سوريا والعراق والمنطقة، وأنفسهم، بل وحماية أوروبا أيضا. وقال الأسد في مقابلة مع صحيفة “صنداي تايمز” البريطانية نشرت الأحد: “كم من الخلايا الإرهابية توجد الآن في ‏أوروبا؟ كم من المتطرّفين صدرتم من أوروبا إلى سوريا؟ هنا يكمن الخطر. يكمن الخطر في وجود حاضنة، وقد استطاع الروس رؤية ذلك بوضوح، إنّهم يريدون حماية سوريا و‏العراق والمنطقة، وأنفسهم، بل وحماية أوروبا. ولا أبالغ حين أقول إن الروس يحمون أوروبا اليوم”. وفيما يخص الدّعم الروسي لمكافحة الإرهاب في سوريا، قال الأسد: “الدّعم الرّوسي للشّعب السّوري والحكومة السّورية لعب منذ البداية، إلى جانب الدعم القوي والرّاسخ لإيران، دورا مهما جدا في صمود الدولة السورية في محاربتها للإرهاب..لكن القول إنّه دون هذا الدور، فإنّ الحكومة أو الدولة كانت ستنهار، أمر افتراضي. منذ بداية الصراع في سورية، كانت هناك رهانات على انهيار الحكومة، في البداية كانت المسألة مسألة بضعة أسابيع، ثم أصبحت بضعة أشهر ثم بضع سنوات، وفي كل مرة، كان ذلك مدفوعاً بنفس التفكير القائم على الرغبات وليس على الحقائق”.
وشدّد الرئيس الأسد على أنّ بريطانيا وفرنسا شكّلتا منذ البداية رأس الحربة في دعم الإرهابيين في سوريا، وهما لا تمتلكان اليوم الإرادة لمحاربة الإرهاب، ولا الرّؤية حول كيفية إلحاق الهزيمة به.
ووصف الرئيس الأسد ادّعاء رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وجود 70 ألف مقاتل معتدل في سوريا، بأنّه حلقة جديدة من مسلسله الهزلي الذي يقدّم المعلومات الزائفة بدلا من الحقائق.
وهو أشبه بوصف الإرهابيين الذين قاموا بالهجمات الإرهابية في باريس مؤخراً، وقبل ذلك في ‏تشارلي ايبدو، وقبلها في ‏بريطانيا قبل حوالي 10 سنوات، وقبلها في ‏إسبانيا، وفي نيويورك في 11 سبتمبر، بالمعارضة المعتدلة..هذا غير مقبول في أي مكان من العالم؛ كما أنه ليس هناك سبعين ألفاً، ولا سبعة آلاف ولا ربما عشرة من هؤلاء الذين يتحدث عنهم. وبين الرئيس الأسد أن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد الإرهاب وهمي وافتراضي، لأنه لم يحقق أي إنجازات على الأرض في مواجهة الإرهاب.
وقال الأسد: “الخطاب الذي يتكرّر في الغرب منذ وقت طويل يتجاهل حقيقة أنّ الإرهابيين يقتلون الأبرياء منذ اليوم الأول لهذه الأزمة، كما أنّه يتجاهل حقيقة أن عددا كبيرا من أولئك الذين قتلوا هم من أنصار الحكومة وليس العكس. وردّنا الوحيد كحكومة، هو محاربة هؤلاء الإرهابيين، ليس هناك خيار آخر، لا يمكن لنا أن نوقف محاربة الإرهابيّين الذين يقتلون المدنيّين خشية من اتّهامات الغرب بأنّنا نستخدم القوة”.
وأوضح الرّئيس الأسد أنّ الدعم غير المحدود الذي يتلقّاه الإرهابيون من دول عدة، هو سبب إطالة الأزمة وجعلها أكثر تعقيدا. فهل ستكون الجولة الثّالثة من المفاوضات المزمع عقدها نهاية ديسمبر بنيويورك حول سوريا نهاية لأزمتها؟ المستقبل كفيل بالإجابة..

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024