الجامعي حسام حمزة:

المطلوب استراتيجية جادّة لمحاربة “داعش”

أجرت الحوار: آمال مرابطي

عند هول الهجمات الدموية التي زلزلت باريس قلب فرنسا النابض الجمعة الماضي، توقّف كلّ من أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر حسام حمزة  والباحث في التاريخ العسكري ودراسات الدفاع توفيق هامل لإعطاء قراءة تحليلية في خبايا هذا العدوان الارهابي، دوافعه وتداعياته. وخلصا الى حقيقة مفادها ان التنظيم الارهابي “داعش” لم يعد يحصر نشاطه داخل حدود ما يسميها “دولته”بأرض الشام والعراق، وأصبح تهديده ممتدا إلى العالم أجمع ما يتطلب استراتيجية جادة وفعالة لمحاربته.
كل التّفاصيل في هذا الحوار الذي أجرته “الشعب” مع المحلّلين حسام وتوفيق.

❊ الشعب: قراءتكم للأحداث الدموية التي شهدتها العاصمة الفرنسية باريس الجمعة؟ وما هي تداعيتها؟
❊❊ الأستاذ حسام حمزة: ما جرى هو بلا شك أول حدث بهذا الزخم منذ تأسيس الجمهورية الفرنسية الخامسة سنة 1958. إنّه حدث غير مسبوق لاعتبارين أساسيين: أولا من ناحية تكتيكه، جمع بين التفجيرات الانتحارية، إطلاق نار مكثف باستخدام أسلحة رشاشة، واحتجاز رهائن في قاعة حفلات لم يتم تحريرهم إلا بعد تصفية ثمانين منهم. ثانيا، من ناحية عدد الضحايا الذي خلفه، والذي بلغ المئات بين قتيل
وجريح، يمكن وصفه بالعمل الوخيم. كل هذا حدث في العاصمة باريس التي يفترض أن تكون مغطاة أمنيا في هذه الفترة بالذات التي تتميز بتدفق كثيف للسواح ونحن على مقربة من احتفالات عيد المسيح “النويل” ووقت إجراء مقابلة دولية ودية بين فرنسا وألمانيا، يفترض أنّها أحيطت بتعزيزات أمنية مشدّدة بعد تلقّي تحذيرات من احتمال حصول هجمات إرهابية وقت إجرائها قبل يوم من إجرائها. حتى حضور الرئيس الفرنسي شخصيا لمشاهدة المباراة يفترض أن يكون سببا في فرض حراسة أمنية مشدّدة لتجنّب أي طارئ، لكن هذا لم يحدث. هذه المعطيات تقودنا إلى القول بأنّ هذه العملية أريد لها أن تكون ضخمة وصادمة لأبعد الحدود، ومن نفذها أراد الذهاب إلى أبعد ما يمكن في التهديد.
في اعتقادي، فإنّ المتضرّر الأول سيكون حتما الإسلام والمسلمون في فرنسا، وسنلمس أثرها حتما في انتخابات مجالس المحافظات المزمع إجراؤها يومي 06 و13 ديسمبر المقبلين لأنّ تداعياتها ستصبّ في صالح اليمين واليمين المتطرف المعروف بخطاباته وسلوكاته المعادية للإسلام والمهاجرين في فرنسا.
❊ هل سيكون لها تأثير على مجريات الحرب على الإرهاب؟
❊❊ دون شك، وقد بدأت القرارات تتوالى منذ السبت في فرنسا، إذ تمّ إعلان حالة الطوارئ مباشرة وتمّ غلق الحدود الفرنسية بقرار فوري من رئيس الجمهورية الفرنسية فرانسوا هولاند، فضلا عن حظر كل المظاهرات وأعمال التجمهر في فرنسا. على المدى القريب، ننتظر تأثيرا لهذه الأحداث على السياسة الخارجية الفرنسية ومواقفها من الأزمة السورية التي يعد استمرارها السبب الرئيس في “تغوّل” تنظيم داعش الارهابي، الذي أعلن تبنّيه للهجمات التي حدثت يوم الجمعة. ربما أكثر من هذا، كل القوى الفاعلة في منطقة الشرق الأوسط والمؤثرة في الأزمة السورية ستعدل من سياساتها ومواقفها تجاه المأساة السورية لأنّها قد لا تكون في منأى عن حدث مشابه.
❊ هل ستكون هنالك جدية في محاربة الإرهاب الذي يضرب عدة دول أخرى كسوريا والعراق؟
❊❊ شخصيا لا أعتقد ذلك، لأنّنا منذ إعلان الحرب العالمية ضد الإرهاب التي لم تتوقّف منذ سبتمبر 2001 نقف أمام معضلة غير مفهومة. هناك خلل معين، فالدول تعلن باستمرار عن عدائها للإرهاب وأنها ستحاربه بلا هوادة بكل الطرق وعلى كل الجبهات، لكن الظاهرة الإرهابية بتكتيكاتها وتمظهراتها، لم تفتأ تتطور وتتعقّد وتنتج مستويات أشد من الرعب في كل دول العالم. كلمة “جدية” في سؤالكم مهمة جدا في رأيي، لأنّنا أمام هذه المفارقة نجد أنفسنا مدفوعين إلى التساؤل بعد كل مأساة إنسانية بهذا الحجم: هل الدول، لا سيما الأقوى التي تدّعي محاربة الإرهاب جادة فعلا فيما تقول؟!
❊ كيف ترون التّنسيق الأمني بين الدول؟ وما السّبيل لنكون في منأى عن هذا الخطر؟
❊❊ أمام ضبابية التهديد الإرهابي الذي يحدث الاتفاق حول ضبابيته والصعوبة المفرطة في التنبؤ بمكانه وزمانه وهوية من سيقدم على اقترافه، فإنّ الدول مطالبة على الدوام بالتنسيق العالي على مستوى الاستخبارات والاستعلامات بما يضمن المتابعة الصارمة لحركة المشبوهين وأصحاب السوابق، وكذا مراقبة حركة الأسلحة. إنّ الرّهان بالنسبة للدول كي تكون في منأى عن الخطر الإرهابي هو أن توفر كل الوسائل والأدوات الكفيلة بإجهاض العمل الإرهابي قبل حدوثه. أما إذا ذهبنا إلى أبعد من هذا، فيجب على الدول الكبرى في العالم أن تعي بأنها إذا أرادت أن تحقّق أمنها وتحافظ عليه، فإنها لا يجب أن تحرم أو تساهم في حرمان أي شخص في العالم من أمنه.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024