❊ الشعب: ما من شكّ أنّ تنظيم “داعش” الارهابي ملأ الفراغ الذي تركته “القاعدة”، وها هو يخرج من حدود ما يسمّيها “دولته “ في بلاد الشام والعراق .ويمدّد مساحة عملياته الى أوروبا، ما مدى خطورة هذا؟
❊❊ توفيق هامل: عندما اقتحم تنظيم «الدولة الإسلامية” الإرهابي الساحة العراقية والسورية، بدأ التركيز على المناطق المجاورة، لكن خلال الأسبوعين الأخيرين وسّعت “داعش” نطاق عملياتها مع الهجمات ضد روسيا ولبنان والآن أوروبا،فهناك إذن تزايد في وتيرة العمليات.
الاعتداءات المتزامنة حوّلت باريس إلى منطقة حرب، وحتى الخبراء لم يتوقّعوا هجمات متعدّدة ومنّسقة بهذا الحجم، ما يعني إنّها تتعدى مجرد عمل إرهابي “ذئب وحيد”.
في عام 2010 دعا بن لادن وأتباعه لشنّ التنظيم الارهابي “القاعدة” هجمات على غرار مومباي في المدن الأوروبية، لكن تنظيمه لم يكن قادرا على تنفيذ مثل هذه العمليات في ذلك الوقت، لكن اليوم يبدو أن “داعش” ملأ هذا الفراغ.
لقد أبرزت الهجمات الفرنسية قدرة هذا التنظيم الإرهابي على التخطيط والقيام بعمليات جد معقّدة، ما يشكّل تحذيرا لباقي الدول - بما في ذلك الجزائر - التي عليها أن تأخذ تهديدات “داعش” و«القاعدة” بجدية، لأنّها ليست مجرد خطابات فالإرهاب يعمل في الخفاء لتحقيق أهدافه وينتظر الوقت المناسب والفرصة لتنفيذ إجرامه والدمويين لن يترددوا في استغلال مأساة وطنية مثلا أو كارثة طبيعية لمصلحتهم والقيام بهجمات إرهابية.
❊ هل ستؤدّي تفجيرات باريس إلى إعادة تقييم التّهديد الذي يمثّله “داعش” الارهابي؟
❊❊ هجمات باريس جاءت حوالي 12 ساعة بعد أن أعلن الرئيس أوباما أن ما يعرف بـ “الدولة الإسلامية “ تمّ احتواؤها، من الأكيد أنّ هذه الهجمات ستؤدي إلى إعادة تقييم التهديد الذي يمثله “داعش” الإرهابي.
إلى حد الآن الغرب اعتبر هذا التنظيم بمثابة تهديد إقليمي يمكن احتواؤه، لكن تزايد وتيرة العمليات ضد روسيا ولبنان وفرنسا يؤكّد بإن “الدولة الإسلامية” أصبحت تشكّل تهديدا على العالم أجمع، وليس على المنطقة فقط. ومن المحتمل أن يكثّف الغرب عملياته العسكرية ضد الجماعات الإرهابية.
ويبقى الأكيد أنّ لهجمات فرنسا انعكاسات على العديد من المجالات، حيث أصبحت الأولوية لمحاربة الارهاب الداعشي.
❊ ينتقد كثيرون المقاربة الحالية لمحاربة الارهاب؟
❊❊ طالما ليس هناك تعريف محل إجماع للإرهاب، فإنّه من الصّعب تصوّر إستراتيجية جدية في مجال محاربته، فحتى بعد 11 سبتمبر 2001 لا يزال تحديد الأمن القومي يتم على أساس تقليدي والرهانات لا تزال القضايا السياسية ــ العسكرية مثل الطاقة، التحالفات، المصداقية، الهيبة. ردود الفعل على التحديات مبنية على الواقعية السياسية (عمل عسكري، تهديدات ووعود، بناء تحالفات، تدخلات مباشرة وغير مباشرة). صنّاع القرار الأمريكيين والحلفاء قاموا بصياغة إستراتيجية تستجيب للضرورات العسكرية التقليدية والمصالح الجيوسياسية في حساباتهم، وسوريا ما هي إلا مثال حي على ذلك، الحرب على الإرهاب تتطلّب مقاربة مختلفة.
❊ أين مكانة الجزائر من التحديات؟وكيف تنظرون إلى تجربتها؟
❊❊ الجزائر تواجه الارهاب منذ سنوات، ولها تجربة في هذه المعركة من أجل تامين الحدود والاستقرار، لكن نعتقد أنّ الجزائر مطالبة بالتحلي باليقظة أيضا، فتهديدات “داعش” ليست مجرّد خطابات، إنّها تعمل في الخفاء وتنتظر الفرصة المناسبة، يجب تحصين الجبهة الداخلية ومساندة الجيش في مهامه.
القوة العسكرية تبقى رئيسية في هذا المجال، والأهم من ذلك هو التركيز على العمليات الاستعلاماتية وقوات الأمن، الحرب على الإرهاب طويلة وعمل مصالح الاستعلامات في هذا المجال مركزي، يجب مواصلة تحديث وعصرنة أجهزة الاستخبارات بما تقتضيه الظروف. هذا ما تقوم به البلاد،الخطر قائم وعدم الاستقرار وانعدام الأمن في المناطق المجاورة، كلها عوامل تضع الجزائر أمام تحديات كبيرة..وهي تحديات تواجهها البلاد اعتمادا على الجيش الوطني الشعبي الذي اكتسب تجربة صارت مرجعية.
توفيق هامل في سطور
- توفيق هامل، خريج المعهد العالي للدراسات الأوروبية، وباحث في التاريخ العسكري ودراسات الدفاع في مركز الأبحاث متعدد التخصصات في العلوم الإنسانية والاجتماعية، ومتعاقد بجامعة ستراسبورغ.
- كان مكلَّفًا بالبحث في مؤسسة الابتكار السياسي التابعة لمجمع أوروبا والتنظيم الدولي (2008-2009)، وهو عضو في شبكة البحث متعدد التخصصات للاستعمار والتخلص من الاستعمار وخبير ومستشار يراسل المؤسسة المتوسطية للبحث الاستراتيجي.
- يشارك في عضوية لجنة قراءة مجلة جيوستراتيجي (الصادرة عن أكاديمية الجيوبولتيك بفرنسا)، وفي اللجنة العلمية لمجلة الدراسات السياسية والعلاقات الدولية (مجلة جيل) بلبنان.
- شارك كمحاضر بالملتقى حول “الساحل ضمن استراتيجية القوى” “بالنادي الوطني للجيش” (المعهد العسكري للوثائق والتقويم والاستقبالية) الجزائر، بتاريخ 2 مارس 2015.
- شارك كمحاضر في ملتقى “مفهوم العولمة في ضوء التغييرات الجيوستراتيجية “ بدعوة من .. رئاسة الجمهورية ..(المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الشاملة) المدير العام بتاريخ 23 أفريل 2015.