أربعون سنة على مسيرة “الدمـار”

فشل ذريع للدبلوماسية المغربية

جمال أوكيلي

باقتراب يوم ٦ نوفمبر تاريخ مسيرة العار والدمار ترتفع درجة هيستيريا المغاربة تجاه ملف القضية الصحراوية باجترار نفس الخطاب الذي سمعه الرأي العام العالمي منذ ٤٠ سنة أي سنة ١٩٧٥، بخصوص محاولة الاستيلاء على أرض أثبتت كل النصوص والمواثيق المؤسساتية الدولية انعدام أي علاقة إنتماء تاريخية للإقليم الصحراوي لأي جهة كانت، حتى للبلد الذي احتله بالحديد والنار.

هذا العمل المغربي المناف لحد أدنى من الأخلاقيات المتعارف عليها، ألّب المجموعة الدولية ضد هؤلاء الغزاة مطالبة إياهم بالإنسحاب الفوري من هذه الأرض، إلا أن هؤلاء ضربوا بعرض الحائط كل تلك النداءات الصادرة آنذاك والداعية إلى إبطال هذا الغزو والتراجع عن هذه المغامرة التي ستكلّف هذا البلد ثمنا باهضا على جميع الأصعدة.
وخاطبت الجزائر آنذاك كل الأحرار والمنشغلين بهذا الوضع قائلة “بأنها لا تعترف بالأمر الواقع” أي أنها ضد ما أقدم عليه المغرب من انتهاك للقرارات الأممية الرافضة لاحتلال أي بلد باستعمال القوة،
أو بالاستناد إلى طروحات لا أساس لها من الصحة، وادعاءات باطلة تجاوزها الزمن كإيهام الناس بأكذوبة “الروابط الزمنية” وقد فندت محكمة لاهاي تفنيدا قاطعا ما أراد المغرب تمريره في هذا الشأن لإيجاد الحجّة المفقودة التي كان يبحث عنها لتبرير احتلاله لهذا الجزء الصحراوي.
وإلى غاية يومنا هذا، فإن المناورات المغربية والتواطؤات من سار على دربه سقطت سقوطا حرّا، وفشلت فشلا ذريعا في تأكيد أي أطروحة تخدم ما هو باطل، ولا يليق في هذا المقام بدليل أن لدى الأوساط الرسمية الأممية قناعة تامة وراسخة على أن الوجود المغربي في الصحراء الغربية غير معترف به ولا يمكن ذلك في المستقبل.
الغزاة المغاربة آنذاك كانوا يعتقدون بأن الدفع بالآلاف من الأشخاص من كل الأصناف عسكريين في لباس مدني، إلى الصحراء الغربية هو لإعمار الإقليم متناسين أن هناك شعبا صحراويا تصدى لهم بعزم وحزم وردهم على أعقابهم في مواقع عديدة بالرغم من استعمال كل وسائل القتل الجماعي والإبادة الشاملة والتاريخ يشهد على ذلك.
واضطر الصحراويون الأحرار وشعبهم المغوار ملاحقة جحافل من الغزاة الأشرار دفاعا عن الديار بإبراز لهم عدم تخليهم عن شبر واحد من ترابهم وهكذا بدأت مرحلة الكفاح المسلح ضد براثن الإحتلال لفترة طويلة جدّا تكبد فيها المغاربة خسائر مادية وبشرية لا تعد ولا تحصى أجبرتهم على المطالبة بتوقيف النار والهدنة بعد أن عاشوا الولايات في الصحراء الغربية نظرا لكثرة قتلاهم والفارين من الجيش، والذين استسلموا بعد أن سئموا من الحرب.
هذا هو المسار الثوري للصحراويين الذين لقّنوا للآخر درسا لا ينساه أبدا وقد يخطئ من يعتقد بأن الإحتلال كان في مأمن عن الضربات الموجعة للصحراويين، بل أن المبادرة العسكرية كانت لصالح الصحراويين في كامل المناطق المحتلة، وكم من مرة اخترقوا ما يسمى بجدار العار!؟ بالرغم من زرعه بالألغام المضادة للأشخاص ووصلوا إلى نقاط لم يكن يتصورها المغاربة آنذاك نظرا لمعرفتهم بالأرض. وإطلاعهم الواسع على حركية الميدان.
ولم يجد المحتلون أمامهم سوى إحاطة أنفسهم بالأسلاك الشائكة وقبعوا في العيون لا أكثر ولا أقل، وبعض المدن الساحلية في حين أن هناك مناطق محررة تحت تسيير الصحراويين وهذا ما يعني أن طلائع الشعب الصحراوي لم تهادن الإحتلال المغربي منذ دخولهم هذه الأرض وإلى غاية يومنا هذا.
هناك اليوم ما يعرف بالإنتفاضة السلمية التي أربكت الإحتلال في العيون وغيرها من المناطق الصحراوية أدت إلى اعتداءات صارخة ضد المناضلين الصحراويين واقتيادهم إلى غياهب السجون. وأروقة المحاكم لإصدار ضدهم أحكام قاسية جدّا ناهيك عن صور التعذيب، وصلت إلى حدّ لا يطاق، وبلغت درجة لا تحتمل هذا ما أدى إلى المطالبة بإدراج آلية حماية حقوق الإنسان لدى الـ “مينوروسو” وترك الأمم المتحدة مدى أهمية هذا العامل الجوهري في القضية الصحراوية بالرغم من الضغوط التي تمارس من أطراف حتى بوضع ذلك جانبا ولا يهتم به في المستقبل انطلاقا من ادعاءات البعض بأن الأمر يعد شأنا داخليا، هذا غير صحيح ومجرذ افتراءات لدعاة الحفاظ على الوضع كما هو ويزداد الوعي الدولي من يوم لآخر مفاده تدهور حالة الصحراويين في المناطق المحتلة وفي السجون. ولا يستطيع أحد إخفاء هذه الحقائق الساطعة.
وسياسيا وقفنا على ألاعيب مغربية، أرادت تكسير إرادة المجموعة الدولية تجاه تفاعلها مع الشعب الصحراوي.
وكانت المعركة الحامية الوطيس في مجلس الأمن، الذي دعا إلى تقرير مصير الشعب الصحراوي وهذا في حدّ ذاته إعتراف بواقع لا مفر منه، وهو أن القضية الصحراوية قضية احتلال، وحلها يكون على مستوى الأمم المتحدة، وليس في جهة أخرى يقررها الأشخاص بدل من المؤسسات بالرغم من المحاولات اليائسة الرامية إلى التشويش على ماورد في نصّ لوائح مجلس الأمن، وهذا بتركها تحمل الطابع العام بعدما كانت تشخّص الأمر والقادة الصحراويون كانوا على علم بما جرى من تحويرات على لوائح مجلس الأمن كاشفين من يقف وراء ذلك.
أمام كل هذه التطورات وغيرها عاد روس إلى المنطقة لاستكمال مهمته قصد إعداد تقريره في هذا الإطار وهو يعي جيدا موقف القيادة الصحراوية الثابت في هذه المسألة، إذ ليس هناك خيار غير تقرير مصير هذا الشعب كما أن الموقف الأوروبي قائم على مبدأ عدم إضعاف المسار الأممي، في حين صنعت السويد الفارق السياسي في أوروبا بوقوفها إلى جانب الصحراويين أثر ذلك كثيرا على أداء الدبولمامسية المغربية وتخبطها في الوقت الراهن.


 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024