تشهد الصين في ظل الدعم الحكومي لريادة الأعمال، مولد 10 آلاف شركة جديدة كل يوم، وهي مشاريع صغيرة حسبما كشف عنه مسؤول صيني بارز (نائب وزير الصناعة وتكنولوجيا المعلومات) “شين قوه بين” وتناقلته وسائل إعلامية، وقال “شين” أنّ الحكومة قامت بتخفيف الضّرائب والرّسوم لكي تساعد الشركات الصغيرة في توفير 48,6 ملياريوان أي 7,93 مليار دولار في النصف الأول من العام الجاري، ومع ذلك فالشركات الصغيرة تواجه تحديات في ظل تباطؤ الاقتصاد وتراجع أسعار المنتجات.
وتبقى أوروبا والولايات المتحدة متخوفة من الصّين العملاق من أن تغزو منتوجاتها أسواقها، وهو ما لا ترضاه أمريكا، حيث أعلنت إدارتها بأنها لن تسمح للصين بأن تكتب قواعد الاقتصاد العالمي، وذلك عقب توصل الولايات المتحدة و11 دولة مطلّة على المحيط الهادي إلى اتفاقية تجارة حرة مثيرة للجدل،
توصّل ممثّلو 12 دولة في منطقة آسيا والمحيط الهادي في الخامس أكتوبر الجاري إلى اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادي، سيؤدي إلى تحرير التجارة بين الدول الأعضاء، وذلك عبر إلغاء الرسوم والقيود المفروضة على حركتي التجارة والاستثمار.
وصرّح الرئيس الأمريكي “باراك أوباما” بعد الاتفاق مباشرة: “عندما يعيش ما يزيد على 95 بالمائة من المستهلكين المحتملين خارج حدودنا، فلا يمكن أن نجعل دولا كالصين تكتب قواعد الاقتصاد العالمي..ينبغي لنا أن نكتب هذه القواعد، وأن نفتح أسواقا جديدة للمنتجات الأمريكية”.
ويرى خبراء أنّ إقامة شراكة لمواجهة الصين هي خطوة محفوفة بالمخاطر للغاية، بالرغم أن اتفاقية الشراكة تشمل نحو 40 بالمائة من اقتصاد العالم، حيث أنّ الاقتصاد الصيني يشارك في معظم العمليات الاقتصادية، لذلك لا يمكن تخيّل تعاون اقتصادي عالمي من دون الصين.
وقد شكّك أعضاء بارزون في الكونغرس وشعروا بخيبة أمل، محذّرين من أنّ الاتفاق قد يؤدي إلى فقد وظائف في الولايات المتحدة ويضرّ بالمستهلكين، وعلى رأسهم النائب المرشح الديمقراطي للرئاسة “بيرني ساندرز”، بينما يرى مؤيّدون لاتفاقية التجارة الحرة عبر المحيط الهادي أنّها قد تدرّ عليهم مليارات الدولارات لهم وللدول المشاركة في الاتفاق.
وقد بدأت المفاوضات قبل سبع سنوات (2008)، وانتهت مؤخّرا بعد جولة استمرّت قرابة أسبوع في أتلانتا بجورجيا الأمريكية، وكانت أبرز النقاط الصعبة فيها تتعلق بحقوق الملكية الفكرية على الأدوية البيولوجية وواردات المنتجات المشتقة من الحليب الآتية من أستراليا ونيوزيلاندا إلى كندا، وواردات قطع الغيار للسيارات اليابانية إلى أمريكا الشمالية.
وتضمّ الاتفاقية كلا من الولايات المتحدة والبيرو والتشيلي وكندا والمكسيك وبروناي واليابان وماليزيا وسنغافورة وفيتنام وأستراليا ونيوزيلاندا.
بالمقابل عقدت قمة صينية / أمريكو لاتنية التاسعة للأعمال بغوادالاخارا المكسيكية يومي الثلاثاء والأربعاء (13 و14 )أكتوبر الجاري للبحث عن سبل تعزيز العلاقات، واستكشاف فرص جديدة في المجالات التجارية، حيث اجتمع مسؤولون وقرابة 2000 قائد أعمال من الصين و24 دولة من أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، وقد قال “فرانسيسكو عونزاليز” رئيس هيئة الصادرات والترويج الاستثماري المكسيكية (بروميكسيكو) في القمة، “أنّ هذا الحدث يمثل فرصة ممتازة لتعزيز التجارة والاستثمار بين دول أمريكا اللاتينية الـ 24 والصين، كما أكّد من جانبه نائب رئيس المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني “لوه فوخه” نمو العلاقات التجارية بين الصين وأمريكا اللاتينية، مشيرا إلى أنّ التجارة البينية قد زادت من 1,26 مليار دولار في عام 1979 إلى 263,6 مليار دولار في السنة الماضية (2014).
وأوضح “لوه” أنّ منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي تشكّل جزءا مهمّا من التنمية العالمية للاقتصادات الصّاعدة، وأنّها تجري مفاوضات بشأن توسيع الاتصالات بين المناطق.
فهل سينجح اتفاق الشّراكة الذي أقامته الولايات المتحدة مع 11 دولة أوروبية في كبح جماح التطور التجاري الصيني؟ أم أن أي اتّفاق بدون الصين لا يكتب له النجاح؟ وأن ازدهار الاقتصاد العالمي لا يكون إلاّ بتضافر جهود الجميع لكي يكون التكامل الاقتصادي العالمي.