اختيار الأمين العام الأممي

الشفـــافيـــة والابتعــــاد عن المساومات ضرورة حتمة

س/ ناصر

كانت دوما عملية اختيار المناصب الدولية المهمة أقرب إلى المساومات السياسية وليس البحث عن المرشح الأفضل استنادا إلى كفاءته وجدارته ولذلك سوف تواجه الأمم المتحدة السنة المقبلة لانتخاب أمين عام جديد لها اختيارا عصيبا، خاصة وأن العالم لا يعرف اندلاع أزمات في العديد من مناطقه.
لقد أصبح من الأهمية بمكان إضفاء الطابع المهني على عملية اختيار مسؤولي المنظمات والمؤسسات الدولية والذين يجب أن تتوفر فيهم المهارات والخبرات ذات الصلة للتخلص من الصفقات السرية التي كانت تبرم بين الحكومات لفترات طويلة سابقا.. حيث وبمجرد اختيار المرشح للمنصب الأممي يتم وضع توقعات واضحة للأداء يمكن تقييمها سنويا، فهيئات عالمية مثل منظمة الصحة التي تعرضت لانتقادات شديدة خلال أزمة ايبولا يمكنها أن تتعلم من الهيئات الأمريكية غير الساعية إلى تحقيق الربح والتي تقيم رئيسها التنفيذي كل سنة.
كما تحتاج عملية الاختيار أيضا إلى تعزيز المعايير الأخلاقية فقد استجوبت الشرطة الإسبانية شهر أفريل الماضي المدير الإداري الأسبق لصندوق النقد الدولي “رودريجو راتو” كجزء من التحقيق في جرائم الفساد بهذه المؤسسة المالية الدولية، وقد واجه خليفته على رأس الصندوق اتهامات بالعمالة لفرنسا.
ولذلك فسن قانون يحدد معايير واضحة لتحديد تضارب المصالح وأساليب قوية للتعامل مع الشكاوي بشأن سلوك المسؤولين والقادة أمر بالغ الأهمية، فقد أدّت في السنوات الأخيرة ادعاءات بشأن سلوكيات غير لائقة إلى استقالات رؤساء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير ووكالة الأمم المتحدة للاجئين.
وعلى المنظمات أن يكون على رأس أوليواتها اجتذاب هيئة عاملين بارعة والتخلص من أؤلائك الذين يفتقرون إلى النزاهة المهنية أو الكفاءة.
ويجب أن تعمل المنظمات الدولية على بناء القدرة على مقاومة الجهود التي تبذلها الحكومات لحماية مواطنيها من ذوي الأداء الضغيف، ولابد أن تكون تقييمات الأداء علنية كي يتاح للمراقبين من الداخل والخارج قياس التقدم أو الافتقار إليه.
إن تبني النهج الارتجالي كما تفعل العديد من المنظمات حاليا، كثيرا ما يفضي إلى نتائج سيئة.
ولكن عملية التقييم لابد أن تتبعها إصلاحات قوية لعملية الإدارة والحكومة وهو ما يتطلّب قادة قادرين على تحويل الحوافز والسلوكيات.
إن الضغط من أجل التغيير مستمر ففي نوفمبر الماضي أطلقت منظمة غير حكومية حملة لإصلاح عملية الاختيار التي بموجبها الغامضة التي تهيمن عليها البلدان الأعضاء الدائمة العضوية في مجلس الأمن وإحلال عملية أخرى محلها أكثر شفافية، حيث تدلي كل البلدان بصوتها في الاختيار مع تحديد واضح للوظيفة وإخضاع المرشحين للتدقيق العام ويجب أن تكون القائمة تضم أكثر من مرشح.
إن العالم يعتمد على المنظمات الدولية لتنسيق الاستجابة العالمية لمجموعة من التهديدات العصيبة من الأوبئة إلى الأزمات المالية إلى النزاعات والحروب إلى الكوارث الطبيعية، ولابد أن يكون القائد الفعّال للأمم المتحدة قادرا على إقناع البلدان الأعضاء بالتعاون وإدارة المنظمة بشكل جيد وتحقيق النتائج في غياب القيادة الجيدة، فإن أي منظمة مصيرها الفشل.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024