طرحت مجموعة ناشطات حقوقيات صحراويات بالأراضي المحتلة، في حديث مع “الشعب” جانبا من معاناتهن اليومية إزاء انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة من طرف الاحتلال المغربي، حيث أبرزن أنها أساليب إجرامية متعمدة تجاه المرأة الصحراوية لتخويفها وكسر قوتها، ثم دفعها نحو التخلي عن نشاطها السياسي والحقوقي، في ظلّ استغلال محدودية صلاحيات بعثة المينورسو، التي لا تشمل مراقبة وضع الحقوق والحريات.
المعتقلة السابقة والمناضلة فتيحة بوسحاب:
الاحتلال يتفنّـن في تعذيب المرأة الصحراوية بأبشع الأساليب
كشفت الناشطة والمعتقلة السياسية السابقة بالسجن المحلي بالطانطان بالمغرب، فتيحة بوسحاب أن الاحتلال المغربي، يستخدم كل أساليب التعنيف تجاه المرأة الصحراوية، من خلال إسكات صوتها ونشاطها الحقوقي الذي تسعى لإيصاله خارج حدود منطقة الاحتلال، كما تعمل على إثبات مدى تمسكها بهويتها وثقافتها ومبدئها النضالي في تحرير الوطن من براثن الاحتلال.
وأشارت الحقوقية انها اعتقلت بسبب محاولة التظاهر سلميا أمام مقر عمالة مدينة الطنطان جنوب المغرب من أجل المطالبة بالحق في الشغل وفي العيش الكريم، لكن السلطات المغربية منعتها وعدد من المواطنات الصحراويات من مواصلة اعتصامهن، وقد قضت مدة شهر في السجن وتصدت له بإضراب عن الطعام.
وذكرت المعتقلة أن الاحتلال يسعى إلى تهميش وإقصاء المواطنين الصحراويين في كل الأماكن وخلال كل المناسبات، مستغلا بذلك التعتيم الإعلامي المفروض على الأوضاع، قائلة، “إن صور المعاناة تتكرر يوميا وبشكل مستمر في الأحياء الجامعية وهي ظروف قاسية تعيشها يوميا المرأة الصحراوية المتمسكة بحق تقرير المصير”.
وتتكرّر أساليب العنف من سحل وضرب لتتعدى ذلك إلى تعرية النساء أمام الملأ، وهي من أبشع الطرق التي ينتهجها الاحتلال لإيقاف مسار النشاط الحقوقي بمناطق الاحتلال، حيث قالت المعتقلة بوسحاب أن المرأة تبرز كأول المستهدفين كونها الحلقة الأساسية المكونة للمجتمع الصحراوي، موضحة أن نيل الاستقلال سيظل المطلب الدائم مهما كانت الظروف.
الناطقة باسم عائلات المعتقلين
الصحراويين الكورية داف:
الاختطاف والتشريد ..أوجه أخرى للمعاناة
يسعى الاحتلال المغربي بكل ما أوتي من قوة إلى إفشال كل محاولات الناشطين الرامية إلى إظهار الحقيقة أمام الرأي العام وفضح جرائمه، خاصة ما يتعرض له السياسيون بمناطق الاحتلال وجنوب المغرب، إذ تشهد الحركات الاحتجاجية السلمية عمليات كر وفر مع أفراد الجيش الذين يقومون بصدها، وتنظم الجمعيات الحقوقية الصحراوية حركات للتنديد بانتهاك حقوق الإنسان ورفضا للأوضاع الإنسانية المتدهورة.
وبهذا الخصوص، قالت الناشطة الحقوقية الكورية داف، أخت السياسي دوش داف، المعتقل بسجن سلا بالعاصمة المغربية الرباط، ضمن مجموعة اكديم ايزيك، أن نظام المخزن لا يتردد في تعنيف المرأة الصحراوية، إلا أن ذلك لم ولن يثني من عزيمتها في الدفاع عن حقها لتقرير المصير، كاشفة عن وجه خطير من أوجه الانتهاكات، يتمثل في الاختطاف العشوائي للناشطات وتشريدهن، ناهيك عن المضايقات اليومية التي يتعرضن لها في الشوارع والأماكن العامة.
وتشير الناشطات الصحراويات أن الانتهاكات المستمرة، زادت من عزيمتهن في مواصلة الكفاح الحقوقي، والدفاع عن حقهن المشروع لتحقيق النصر والحرية، تصديا لكل محاولات طمس الهوية الصحراوية، وإبعادهن عن الوطن الأم، قائلة إن نظام المخزن من خلال سياسته يسعى لتفرقة أفراد العائلة الواحدة، إلا أن تمسكهن بوحدتهن وكفاحهن يجهض كل مناوراته.
وذكرت الناشطة الكورية داف، أن السلطات المغربية تبارك كل أعمال العنف من حرمان للتظاهر وقهر، ومنع للتجمع وتأسيس الجمعيات، مؤكدة أن المرأة الصحراوية باستطاعتها التصدي لكل المحاولات، رافعة شعار الحرية والنضال أمام العالم، بفضل المنابر الإعلامية التي لم تستطع نقل الصورة لكنها لم تتوقف عن نقل واقع أليم وتحدي كبير، لا يمكن لأي جهة أن توقف زحفه تجاه الاستقلال.
الإعلام لكشف المستور
وأفادت الحقوقية، أن عددا كبيرا من المعتقلين قابع في سبعة سجون مغربية منها ما هو سرّي، مؤكدة في نفس الوقت وجود عدد معتبر من الناشطين والسياسيين ممن اختطفوا ومصيرهم مجهول، إضافة إلى الشهداء غير المعلن عنهم، والذين صنفهم الاحتلال في إطار المفقودين وعددهم يزداد يوما بعد آخر وهي مأساة حقيقية تشهدها يوميات الصحراويين.
وتناشد الحقوقيات الصحراويات من منبر وسائل الإعلام الوطنية والدولية، المجتمع الدولي بالضغط على المحتل لكشف الحقيقة، فيما يخص ملف المفقودين المجهولين وملفات أخرى لم تنل حضها من التناول الإعلامي، مشيدين بدور وسائط الإعلام الجزائرية في وقوفها مع الشعب الصحراوي وكفاحه السلمي إلى غاية تحقيق المصير، قائلين أنه لا بديل عن ذلك، سوى بتحريك العالم لفضح الانتهاكات والقمع المستمر.
يزداد الوضع الإنساني في الأراضي الصحراوية تأزما يوما بعد يوم، ما يؤكّد تعنت المملكة المغربية واختراقها لكل المعاهدات الدولية، الداعية إلى احترام حقوق الإنسان وتمكينه من حرياته بكل يسر.
رئيسة منتدى المستقبل للمرأة الصحراوية، سكينة جد اهلو السيد:
الاختطاف القصري والإقصاء من التعليم خرق مستمر
قالت الناشطة الحقوقية ورئيسة منتدى المرأة الصحراوية وأخت أول شهيد بمخيم اكديم ازيك سكينة جد اهلو، أن وضع حقوق الإنسانمزري للغاية ويحطّ من كرامة الإنسان، لاسيما الأوضاع الاجتماعية، حيث إن نقص المرافق الصحية من مستشفيات ودور العلاج وغياب الأطباء، بالإضافة إلى ضعف التعليم وانعدام الشروط المحفزة على توجه الأبناء إلى المدارس، موضحة أن الأوضاع الإنسانية أصبحت تشكل خطرا على المواطنين.
وطرحت الناشطة الحقوقية جانبا لا يقل مأساة عن الجرائم الأخرى وهو الاختفاء القصري الذي تعرضت له لمدة 12 سنة، وقد توفيت إحدى بناتها وهي رضيعة خلال تواجدها بالسجن، مشيرة إلى أن هذه الحالات تعيشها اغلب النساء الصحراويات بالأراضي المحتلة وجنوب المغرب، في حين تبقى مهمة بعثة المينورسو متابعة الوضع العام فقط دون مراقبة حقوق الإنسان.
وتتعرض المرأة بمناطق الاحتلال إضافة إلى ما ذكرته الناشطة إلى رقابة يومية دائمة، في حين تمنع من زيارة أبنائها المسجونين، كما تصادر بعض ممتلكاتها في عمليات دهم للمنازل، وتتبع بسب وشتم واهانة لا نظير لها أمام مرأى ومسمع من أفراد العائلة.
يبقى أمل الشعب الصحراوي معلقا على جيش التحرير، الذي عبّر عن استعداده الكامل لاسترجاع السيادة بالقوة، في ظلّ استمرار التعنت المغربي وخرقه لكافة الاتفاقيات الدولية مستغلا محدودية مهمة بعثة المينورسو، التي لا تشمل مراقبة وضع حقوق الإنسان، ما يشير إلى تفاقم الوضع إلى نطاق أوسع على غرار النهب الواضح للثروات الطبيعية بتواطئ مع منظمات وشركات دولية تتقدمها شركة “توتال” الفرنسية و«كوسموس” الأمريكية.—