يخوض تنظيم “داعش” الإرهابي حربا حقيقية لتشويه الدين الإسلامي الحنيف، وتفتيت الأمة العربية من الداخل بدل وحدتها وتكاملها، حيث يحمل اسما إسلاميا ظاهرا غير أنّ باطنه صناعة خارجية يسيء لمبادئ الإسلام السّمحاء وللمسلمين.
فقد بلغ إجرام هذا التّنظيم مبلغا فاق الوصف وتجاوز التّوقعات، وتمادى في الاستخدام المنحرف للنّصوص الدينية وهتك دم الإنسان المكرّم، وإزهاق روحه ببرودة أعصاب خدمة للسياسة والمصالح الخارجية في المنطقة العربية، وتشويه الدين الإسلامي وتفتيت الأمة وتمزيق وحدة شعوب وإعادتها إلى الوراء بعشرات السّنين. وطبعا لجهات خارجية مشبوهة مسؤولية كبيرة في تحقيق ذلك، حيث أنّ تنظيم داعش حصر طيلة المرحلة السّابقة عمله في توجيه الضّربات إلى التيارات الإسلامية والوطنية والقومية غير المرتبطة بالأجندة الغربية، وإحباط أي عمل يصبّ في صالح الأمة وشعوبها، وإلحاق الأذى بالمواطنين العرب ومنها حالات الاعدام الميداني الجماعي التي تنفّذ بين الحين والآخر بكل برودة دم، ممّا يشير بجلاء إلى طبيعة الدور الوظيفي الذي يؤدّيه داعش في ضرب مقوّمات الأمة، حيث أنّ كثيرا من الأفعال والممارسات جاءت دون أي سبّب أو مبرّر، ويدرك المرء أنّ تفسيخ وتفتيت الأمة وتقسيمها إلى دويلات طائفية يشكّل هدفا مركزيا يسعى داعش لتحقيقه مستقبلا.
إنّ الأمّة العربية تعيش في ظل داعش حالة صعبة من الإرباك والإضطراب الجمعي فيما أصاب التّفتيت الفعلي بعض دولها كالعراق وسوريا وليبيا. والأمة لم تواجه مثل هذا الخطر الداهم على مدار عقود، إذ مرّت بمنعطفات قاسية عبر موجات احتلالها، ونهب خيراتها وثرواتها على يد الإستعمار الأجنبي، إلاّ أنّها استطاعت مواجهتها والتّغلب عليها في نهاية المطاف كونها تحديات خارجية يسهل حشد قوى الأمة لمواجهتها والتصدي لها، لكن الأمة تواجه اليوم تحديات شرسة من الداخل لم يسبق لها مثيل ما يجعل القدرة على مواجهتها أمر صعب، ولذلك على العرب إنهاء أي علاقة تربط أي دولة عربية بتنظيم داعش، وإيقاف أي دعم مالي يقدّم لها، وعدم تقديم أي تسهيلات ميدانية من أي دولة عربية لعناصر التّنظيم، وتوجيه إدانة جماعية صريحة لجرائم داعش والدعوة للتصدي له امتناع القوى العلمانية من استغلال جرائم داعش لتصفية حساباتها مع القوى الإسلامية، وعلى الأمّة تجنّب التّفرقة والخلاف كي تقضي على داعش، الذي ما كان ليفعل فعله الشّنيع في الأمّة لولا تفرّقها وخلافاتها.