الفـراغ المؤسساتـــي أدخل البلــد فـي مغامــرة
تسارعت الأحداث السياسية والعسكرية في اليمن، بشكل مثير أفرز تداعيات خطيرة جدّا جرّاء إقدام الحوثيين على الإطاحة برئيس منتخب شرعيا، والاعتداء على المؤسسات القائمة مما أدخل هذا البلد في فراغ رهيب أدى إلى تنامي الأعمال المسلحة بين فعاليات هذا الوطن.
الاتجاه العام الذي كان سائدا هو أن اليمن قرّر الاستقرار لخيار لا بديل عنه، واضعا آليات إنجاز ذلك، بالاحتكام إلى الحوار كسلوك حضاري لحل المشاكل الناجمة عن هذه الحركية بفعل التحوّل من فترة حكم الرئيس عبد الله صالح إلى مرحلة جديدة يقودها الرئيس عبد الهادي منصور، وهذا كله وفق مرجعية المبادرة الخليجية التي سمحت بأن يكون هناك انتقال سلس للسلطة إستنادا لما أعطاه الصندوق.
التفاعل الذي انجر عن مخرجات الحوار ولّد ذلك الاحتقان الذي أفضى بدوره إلى الانسداد، وبالرغم من كل المحاولات التي سعى إليها الرئيس المنتخب بتقريب الحوثيين إلى مركز القرار إلا أن ذلك لم يشفع له ليجد نفسه في إقامة جبرية رفقة المقرّبين منه، ويقع البلد في فوضى عارمة توقف فيه العمل بكل ما هو دستوري وحلّت لغة السلاح واستعمال القوة محل الدعوة إلى الحوار الذي أصبح فارضا لنفسه مهما كان الأمر.
ورفض الحوثيون رفضا قاطعا أن يسير البلد من عدن ولم يتوانوا في قصف أماكن تواجد جماعة عبد الهادي منصور واضطر هذا الأخير المغادرة إلى القاهرة لحضور القمة العربية بشرم الشيخ وهناك طالب الرئيس اليمني بمواصلة ضرب مواقع الحوثيين في إطار “عاصفة الحزم”.
الرؤية الراسخة لدى دول الخليج هي أن تمدد الحوثيين يهدد الأمن القومي لبلدانهم وهذه حقيقة لا مفّر منها وهذا بعد خروجهم عن سيطرة الجيش اليمني وحتى المبعوث الأممي جمال بن عمر اختلطت عليه الأمور إلى درجة فقدانه خيوط التحكم أو بالأحرى متابعة الملف اليمني، الاقتراح الذي تقدّم به والخاص باستضافة الرياض لحوار يمني - يمني لم يلق الاستجابة المرجوة من قبل الحوثيين الذين فضّلوا استجابة البلد وهذا ما يحصل اليوم للأسف.
هذه “الانهيارات” التي قوّضت أركان الدولة بلغت درجة لا يمكن تحمّلها لذلك شعرت دول الخليج بأن زحف الحوثيين يجب أن يتوّقف مهما كان الأمر، بعد الانصياع لأي طرف رافضين أن يكون اليمن حديقة خلفية لبعض من البلدان القريبة من الحوثيين بحكم الانتماء العقائدي خاصة.
دخول “عاصفة الحزم” المشهد اليمني قلّصت من اتساعهم إلى مناطق أخرى، لكن الإشكال يبقى قائما فيما يخص من يحكم هذا البلد ؟.
والسؤال الكبير كيف يكون وضع اليمن في الآجال القريبة سياسيا وعسكريا؟ من الصعوبة بما كان الإجابة عن هذا الإشكال من باب دخول أو وصول الصراع إلى نقطة اللارجوع بعد أن خرّب الحوثيون البلد، وحوّلوه إلى ركام وحطام.
علما أنه ليس هناك جهة دولية تقبل التعامل مع “أفراد مسلّحين” بدلا من سلطة واضحة تمارس مهامها علنا وفق طبيعة مؤسساتها المتّفق عليها، والمتولّدة عن فعل دستوري.
لذلك فإن “الفراغ” الحالي، لابد أن يسّد إن آجلا أم عاجلا حتى وإن كانت هذه المهمة صعبة جدًا ومعّقدة إلى درجة لا يمكن تصوّرها وهذه بدعوة جمال بن عمر المبعوث الأممي لإخراج اليمنيين من هذا الوضع قصد فرض الشريعة.