انتشار مخيف للنّزاعـات المسلّحة

تنامـي الظّاهـــرة أمــام العجــز الــدولي

جمال أوكيلي

انتقائيـة في إحصاء بـؤر التوتــر

تزداد النّزاعات المسلّحة اتّساعا في العام، كلّفت تلك البلدان عددا مخيفا من الضحايا، بلغ حدّ لا يطاق، لا يمكن القبول باستمرار سقوط كل تلك الأرواح. في هذه المناطق قدّرته مصادر مهتمة بهذا الشأن بنسبة ٢٨ ٪، هذا ما يوحي ضمنيا بأنّ الآليات الدولية مطالبة بأن تتحرّك في هذا الاتجاه لوضع حد لمثل هذه الأوضاع الخطيرة.
ومهما تكن الأرقام التي كشفت عنها البعض من الجهات بخصوص صحتها، فإنّ هذه البؤر ما تزال قائمة وهي التي تضع الحدث يستدعى وثبة حقيقية من قبل الأمم المتحدة من أجل تسويتها في الوقت المناسب، لتتوقف كل هذه الأهوال الناجمة عن حدّة الصّراع السياسي خاصة.
وفي هذا الإطار، كان هناك تصنيف أعدّه مركز أبحاث يطلق عليه اسم “مشروع دراسة القرن الـ ٢١”، الذي وضع سوريا في قائمة البلدان التي شهدت مقتل ٧٦ ألف شخص سنة   ٢٠١٤، مقابل ٧٣ ألف سنة ٢٠١٣. وفي نفس التّصنيف قتل ٢١ ألف شخص في العراق، و١٤ ألف شخص في أفغانستان و١١ ألف شخص في نيجيريا. ويقرّ مسؤولو هذا المركز بأنّ هذه الأرقام لا تعكس الواقع، بل تتجاوز بكثير ما نشر في هذا التقرير، حتى وإن اعتمدت على إحصائيات الجيش الأمريكي والأمم المتحددة، والمرصد السوري لحقوق الإنسان وجماعة ضحايا حرب العراق.
ويلاحظ هنا بأنّ الترتيب جاء على النحو التالي: سوريا، العراق، أفغانستان ونيجريا. وفي حيثيات القراءة الأولية وصفت ما يحدث في سوريا بأعمال العنف الأسوأ من بين الصّراعات التي يقف عليها العالم، ولأول وهلة تتّضح مسألة توجيه هذه الدراسة توجيها محكما، في حين أنّ هناك مشاكل أمنية في عديد من النّقاط خاصة في أمريكا اللاتينية وآسيا تتّسم بالضراوة والحدّة في سيرورتها. للأسف لم تدرج في هذا التّقييم، ناهيك عما اقترفته إسرائيل في غزة من تدمير للشجر وقتل للبشر، أليس هذا “صراعا عنيفا” تباشره الدولة العبرية ضد الفلسطينين وصل ضحاياه إلى أرقام قياسية؟ وتؤخذ كل تلك الأعداد كمؤشرات
تنقل وتطرح على أصحاب القرار، إلى أين نسير؟ خاصة على مستوى الأمم المتحدة التي مخول لها بحكم المهام المنوطة بها “حماية الشعوب من الحروب”، لكن إلى يومنا هذا يسجّل انفلات الأوضاع من أيدى المسؤولين الأمميين، نظرا لطبيعة النزاعات المعقدة جدا. وخير دليل علی ذلك ما تمّ ذكره فيما يخص عينات البعض من البلدان المذكورة آنفا، أقدمهم ما يقع في أفغانستان منذ انسحاب القوات السوفياتية، وهذا بتدخل العامل الإيديولوجي والعقائدي، ما تزال آثاره واضحة إلى غاية يومنا هذا.
يليه مباشرة الحالة العراقية التي وصلت إلى مرحلة صعبة كذلك نظرا لدقة الأحداث في هذا البلد، والتجاذبات السياسية والفكرية التي يعيشها، وقوة تأثير الانتماء إلى أي قناعة معينة، أما سوريا فهي الفضاء الذي يتصارع فيه الجميع من أجل فرض حل يرى البعض والبعض الآخر، اللائق في الوقت الراهن،
والأيادي الإقليمية تريد أن تتغير المعادلة إلى جانبها، ونحن الآن أمام الإنسداد لا غالب ولا مغلوب.
وبالتوازي مع ذلك، فإنّ هذا التقرير يشير صراحة إلى ما ارتكبته “بوكو حرام” من جرائم ضد الإنسانية، وتهجيرها لآلاف القرويّين من منازلهم باتجاهات أخرى، ويستمر هذا الصّراع على أشدّه ممّا دفع بالبلدان المتاخمة لنيجيريا وأخرى تشكيل قوة ضاربة لمنع امتداد هذا التنظيم لمناطق إضافية.
التّذكير بطبيعة هذه النّزاعات المدمّرة في تلك الدول أو في جهات أخرى من العالم، تحتّم على الأمم المتحدة السعي من أجل الإسراع لتسوية تكون نهائية، وهذات ما تحاول في سوريا مع مبعوثيها دي ميستورا، الذي يعمل وفق طبيعة الاشكال والمحيط، نفس الشيء في أفغانستان  والعراق، البلدان اللّذان يبحثان عن مزيد من الاستقرار، في حين أنّ الوضع يعدّ صعبا في نيجيريا.
لذلك تصدر تلك النّداءات الصّادقة من أجل دعوة الأمم المتحدة للتحرك بقوة من أجل وضع حدّ لكل هذا الاقتتال، عن طريق التفكير في صيغ عمل جديدة تعتمد على التشاور والتّنسيق وفق رؤية جديدة مخالفة لتلك السّابقة التي أظهرت محدوديتها في التّعامل مع الأزمات.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024