تواجه المرأة الفلسطينية تحدّيات كبيرة تستنزف حياتها، ومن أبرز التحديات التي يواجهها الاحتلال الإسرائيلي وتبعاته التي صقلتها وجعلتها تخوض ميادين الكفاح وسدّ ثغرات الوطن لاسترداد حقوق شعبها المنكوب وتحقيق حلم العودة والتحرير.
وتناضل اجتماعيا لأجل الحصول على حقوقها الإنسانية وتحدّد ما يلقى على عاتقها من واجبات في مشوارها نحو تحقيق مستقبل أفضل، ويعجّ السجل الفلسطيني بأسماء نساء فلسطينيات تركت بصمات واضحة في الوعي الشعبي الفلسطيني بدءا من الأمهات المهجّرات اللواتي شهدن النكبة الفلسطينية وعشن آثارها فشّكلن أعمدة الحياة والبقاء الفلسطيني في خيام اللاجئين، فقد اضطرتهّن الظروف الجديدة إلى العمل في مختلف أوجه النشاط الاجتماعي والاقتصادي لسدّ رمق أبنائهن لكي يعيشوا حياة العزة والكرامة ولكي ينرن لهم طريق الخلاص والحرية.
وشكّلت المرأة الفلسطينية في زمن الثورة مثلا أعلى ونموذجا يحتذى، حيث دفعت بزوجها وأبنائها إلى أداء واجبهم الوطني فزاوجت في ذلك بين عبء المقاومة وعبء الصبر، فضلا عن معاناتها في تربية أبنائها.
فقد ارتقت شهيدة وسقطت جريحة وذاقت مرارة الأسر وظلام السجون وجور السجّان وبرودة الزنازين.
وسجّل التاريخ أسماء نجمات فلسطينيات كان لهن أثرا عظيما في رفع التحدي وكل منابع العطاء ورفعن راية فلسطين عاليا كالشعراوي وشادية أبو غزالة وفاطمة البرناوي وليلي خالد وعفيفة بنورة ودلال المغربي والسيدة البرغوتي وغيرهن كثيرات.
غذّت الصمود والمقاومة
تعاني النساء اللاتي فقدن أزواجهن معاناة يعجز عن تحملها الكثير من الرجال، حيث أصبحن يعانين من صعوبة الحصول على لقمة العيش، يسهرن على راحة أبنائهن ومتطلبات الحياة الصعبة.
ولا شك أن الواقع المعيش للمرأة الفلسطينية صعب وتستحق أن يرفع عنها الغبن والجور وأن تسن القوانين وتؤخذ القرارات لإنصافها وأن يكون لها حضور في مواقع اتخاذ القرار.
عقبة الاحتلال في التنمية
اعتمدت الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأة اعترافا منها بما تعانيه المرأة الفلسطينية مشروع قرار بعنوان “حالة المرأة الفلسطينية وتقديم المساعدة إليها”.
ويعيد القرار التأكيد على أن الاحتلال الإسرائيلي لايزال يشكل العقبة الرئيسية التي تحول بين النساء الفلسطينيات وتقدّمهن ومشاركتهن في تنمية مجتمعهّن.
وُيعد القرار الأممي الصادر في مارس ٢٠١٣ نصرا هاما للمرأة المناضلة على الصعيد الوطني والاجتماعي ولأدوارها المتعدّدة التي تقوم بها على الرغم من الظروف الصعبة التي تواجهها.
انتهاكات لا تنتهي
بناء على ما تقدّم يمكن استعراض أبرز انتهاكات قوات الاحتلال الاسرائيلي لحق المرأة الفلسطينية فيما يلي:
ـ استهدافها بالقتل، حيث لم تمنع المواثيق الدولية ولا الأعراف ولا الأخلاق الإنسانية الاحتلال عن ممارسة غطرسته في ارتكاب الجريمة، فكانت المرأة الفلسطينية ضحية لاستهدافه المباشر.
فهناك احصائية نشرتها مؤسسة التضامن الدولي لحقوق الإنسان بمناسة يوم المرأة العالمي سنة ٢٠١٠ في تقرير لها، أن عدد النساء اللاتي استشهدت خلال انتفاضة الأقصى بلغ ٤٦٠ إمرأة منها ٣١٨ إمرأة من قطاع غزة و١٣٩ امرأة من الضفة الغربية و٣ فلسطينيات من نساء ٤٨.
وأوضح تقرير لمنظمة العفو الدولية، أن النساء الفلسطينيات اللاتي استشهدن أو أُصبن باعتداءات اسرائيلية تعرضن لها وهنّ في منازلهن أو بالقرب منها، وفي بعض الحالات لقيت النساء حتفهن تحت أنقاض منازلهن التي دمّرها الاحتلال فوق رؤوسهن، كما قتلت عدة فتيات داخل الفصول الدراسية. كما أن قوات الاحتلال تحتجز في مقابر الأرقام جثامين لنساء فلسطينيات دون مراعاة لحرمة الأموات أو لمشاعر ذويهن نذكر منهن آيات الأخرس ودارين أبوعيشة ووفاء ادريس وهنادي وغيرهن.
الأسيرات ..الاعتقال وسوء المعاملة
دخلت السجون الإسرائيلية على مدار سنوات الصراع الطويلة أكثر من ١٥ ألف إمرأة وشابة فلسطينية، وقد حدثت أكبر عملية اعتقال بحق الفلسطينيات خلال الانتفاضة الأولى عام ١٩٨٧، حيث وصل عددهن إلى ٣ آلاف أسيرة وخلال الانتفاضة الثانية التي اندلعت سنة ٢٠٠٠، وصل عدد حالات الاعتقال بحق النساء إلى ما يقدر بـ ٩٠٠ إمرأة، وما يتعرضن له من تخويف ومعاملة قاسية مع التفتيش العاري والتحرّش الجنسي والاقتحام المفاجئ للغرف ليلا من قبل السجّانين مع انعدام الهوية وغياب الرعاية الصحية.
وتشير حصيلة أعمال الرصد والتوثيق المشتركة التي نفّذتها مؤسسات حقوق الإنسان إلى أن ٢٩٣ سيدة على أيدي قوات الاحتلال خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، كما هجرت ٣٤٦٩٧ سيدة من منازلهن جراء تدميرها، فيما هدّمت قوات الاحتلال ٢٦٠٤ منزل تملكها النساء وفقدت ٧٩١ سيدة أزواجهن، فيما أشارت إحصاءات وزارة الصحة إلى إصابة ٢١٦٨ سيدة بجروح وتعرض ٦٠٠ سيدة للإجهاض.
ويبقى على المجتمع الدولي العمل بجدية مناصرة الفلسطينيين في قضيتهم العادلة وحقّ تقرير مصيرهم في إقامة الدولة.