بن عمار إمام أستاذ العلوم السّياسية بجامعة جيجل لـ “الشعب”

احتواء الأزمات بالحوار ..طريـق الأمن والاستقرار

حاورته: آمال مرابطي

الوساطــة الجـزائريـة في مالي مرجعية للحلّ السياسـي في ليبيـا

وقفت “الشعب” مع الأستاذ بن عمار إمام  عند الانجاز الدبلوماسي التاريخي الذي حقّقته الجزائر قبل يومين عندما رافقت الأطراف المالية وقادتها إلى التوقيع  بالأحرف على اتفاق سلام ومصالحة شاملة يعيد الاستقرار لمالي ويحفظ أمن المنطقة.
وقد ثمّن الاستاذ إمام هذا الانجاز الذي يرفع من رصيد مصداقية الدور السياسي الجزائري، واعتبر أنّ الاتفاق الموقّع يخلق من جهة سابقة إيجابية لإثبات وجود فرص للحلول السياسة بعيدا عن القوة والسلاح،ومن جهة ثانية يمكن أن يكون نموذجا تقتدي به العديد من الدول العربية التي تتخبّط في أزمات داخلية معقّدة.
وفي حديثه لـ “الشعب”، عرّج الأستاذ بن عمار على أوجاع المنطقة العربية والافريقية، وتوقّف عند القضية الصحراوية على ضوء زيارة المبعوث الاممي كريستوفر روس إلى المنطقة، وما سيفضي إليه  اجتماع مجلس الأمن شهر أفريل القادم، حيث سيبحث هذه القضية.
❊ الشعب: وقّعت الأطراف المالية بالأحرف الأولى على اتفاق للسلام، ما قراءتكم للحدث،وكيف تقيّمون الدّور الجزائري؟
  ❊❊ بن عمار إمام: دأبت الجزائر دوما على تحريك دبلوماسيتها الإقليمية وإثبات حضورها السياسي لوأد الخلافات وحلّ الأزمات المهدّدة لأمن المنطقة، وها هي اليوم تثبت قدرتها على جمع الأطراف المالية من خلال اتصالات مكثفة  دامت أشهر، توّجت باتفاق سلام يعيد الامن  والاستقرار لمالي، وهذا ينطوي أيضا ضمن حسابات الجزائر الأمنية في المنطقة المغاربية  والساحل الإفريقي، لأنّ احتواء مثل هذه الأزمات بغير سبل العنف ـ أي بفضل الحوار  والمفاوضات ـ يترتّب عليه زيادة في رصيد مصداقية الدور الأمني للجزائر، خاصة وأن الاتفاق المتوصل إليه قد يخلق سابقة ايجابية لإثبات وجود فرص للحلول السياسة بعيدا عن القوة.
كذلك يمثل سبيلا لضرب الجماعات الإرهابية في الحزام الجنوبي للجزائر التي تسعى لامتلاك الأسلحة، وعقد صفقات غير قانونية للمتاجرة  بالمخدرات، وبذلك أقول أنّ اتفاق مالي بوساطة جزائرية يمثّل رصيدا دبلوماسيا إضافيا.
❊ يتأزّم الوضع اللّيبي بشكل خطير ومعه تتعقّد فرص الحلّ، لكن الايجابي في المشهد الدرامي أنّ المجتمع الدولي يتمسّك بالخيار السّلمي فهل من مخرج في الأفق؟
❊❊ ما يحدث في ليبيا الآن يجعلنا نسلّم بأن الدولة عاجزة عن تحقيق وظيفة الأمن عبر أرجاء البلاد، خاصة في ظل الانفلات المتصاعد  بسبب انتشار الأسلحة وعسكرة المجتمع مع سيادة منطق القبيلة و«تغوّل” الحركات المسلحة التي تصرّ على فرض منطقها السياسي حتى وإن كان على حساب الاستقرار الداخلي.
أما بالنسبة للجهود السّلمية التي تدعو لإطلاق  حوار ينهي صراع الاخوة الفرقاء، فإنها تتأرجح بين احتمال النجاح ومخاوف الفشل، خاصة في ظل عجز المجتمع الدولي والأطراف الإقليمية عن التعامل مع السلطة المزدوجة الموزّعة بين طرابلس وطبرق.
 ❊ أنهى المبعوث الأممي المكلّف بملف الصّحراء الغربية “روس” جولته إلى المنطقة، فما الجديد الذي حملته زيارته؟ وما تعليقكم على انعقاد منتدى كرانس مونتانا في الدّاخلة المحتلة؟
❊❊ جولة المبعوث الأممي الخاص بملف الصحراء الغربية “كريستوفر روس” تأتي في الوقت الذي تنتعش فيه دعوات إزالة الاحتلال عن الأقاليم المستعمرة، وتزامنا مع تزايد الادانات والاستنكارات لجرائم الاحتلال المغربي وتصاعد الدعوات لفرض حق تقرير المصير في الاقليم المحتل.  
أما بخصوص منتدى كرانس مونتانا المخطط عقده في الداخلة المحتلة الشهر القادم، فيأتي ضد إرادة العديد من الأطراف التي تؤيد القضية الصحراوية وقبل ذلك ضد الشرعية الدولية، على اعتبار أن هذه التظاهرة ستنظم  بأرض محتلة لا تزال منطقة نزاع بين جبهة البوليساريو والحكومة المغربية المحتلة.
لقد أبدت العديد من الدّول والمؤسّسات ـ يتقدّمها الاتحاد الافريقي ـ رفضها لمؤامرة عقد منتدى كرانس مونتانا بالداخلة، كونه يشكّل  انحرافا عن المبادئ المسطرة للمنتدى وخصوصا ما يتعلق بالعمل من أجل عالم أكثر إنسانية وعدلا ولا يستجيب لتطلعات الشعب الصحراوي.
❊ يشكّل التحدّي الأمني معضلة حقيقية للدول الإفريقية التي تواجه خطر بوكو حرام، فهل ستتمكّن القوة الإقليمية المرتقب إنشاؤها من مواجهة هذه الحركة؟
❊❊ إنّ مواجهة تهديدات الإرهاب تتطلب تعاونا وتنسيقا أمنيا على المستويين العالمي  والاقليمي، وهذا ما يجب ضمانه لردّ تهديد بوكو حرام التي تزعزع الاستقرار الداخلي في نيجيريا مع تسجيل تجاوزات إنسانية خطيرة، وتهدد الجوار بقدرتها الكبيرة على التغلغل في الدول المحيطة باسم إقرار الشريعة الإسلامية.
ولكي يأتي هذا التعاون أكله، لابد أن يعزّز بتدخل المجتمع الدولي لدعم جهود التنسيق الأمني الاقليمي.
 ❊ ضلّت ما تعرف بـ “الثّورات” العربية طريقها وسقطت بلدانها في الفوضى والعنف..لماذا؟
❊❊ يحكم على “الثورات العربية” بانحراف مسارها المرجو، وهو إقامة العدالة في شكل أنظمة اقتصادية وسياسية واجتماعية، وهذا هو منطق “الثورة” التي تهدف إلى تغيير الأوضاع الفاسدة وتمكين الشعوب المحرومة من حقوقها الأساسية.
والدول العربية المعنية بما يسمى “الحراك الثوري” الأخير، أثبتت عجزها عن استيعاب الدروس الناجحة للكثير من الدول الثورية الرائدة في العالم، نظرا لاستمرار الإيديولوجيات السياسية الحاكمة، وسيادة منطق الفوضى لخلط الأوراق على الأطراف التي كان ينتظر أن ترسم خارطة طريق سياسية جديدة لدمقرطة هذه الأنظمة، ناهيك عن بروز صراع داخلي متأرجح بين الإسلاميين والعلمانيين، بالإضافة إلى الدور الخارجي المتمثل في الدول الغربية التي ترغب في بقاء الاضطراب كفرصة لخدمة مصالحها، وليبيا  وسوريا أحسن دليل.
  ❊ ما قراءتكم لتقلّبات المشهد اليمني والصّراع المحموم على السّلطة؟
❊❊ بعد الانقلاب الأخير في اليمن وصعود الفاعل الحوثي للسلطة رغم أنف المجتمع وإرادة الدول الإقليمية، تبين أنّ الاستقرار السياسي في الدولة اليمنية كان مهدّدا نظرا لضعف المؤسسات السياسية، وغياب توافق مجتمعي دائم منذ بروز وتحرك الحوثيين ضد النظام الحاكم، وهذا يفتح آفاقا مقلقة بشأن تجدّد الفتنة الطّائفية والدينية في هذه الدولة التي تواجه الكثير من التحديات.
❊ الفلسطينيون طرقوا أبواب العديد من المؤسّسات الدولية، وآخرها الانضمام إلى الجنائية الدولية، فما أهمية هذه الخطوات؟
❊❊ التحرك الفلسطيني الأخير سعيا لاكتساب صفة الدولة بعد عقود من النضال السياسي والعسكري، إنما يرتبط باضطراب المنطقة بسبب المعضلة السورية واستغلال الحراك التحرري، الذي مسّ شرق أوكرانيا لأجل تعزيز صورة الضحية للطرف الفلسطيني.
 ما زال أمل الفلسطينيين قائما بشأن الاستفادة من دعم المحافل الدولية لنصرة حقهم في إقامة الدولة، وإدانة إسرائيل بارتكاب جرائم حرب ومحاكمتها، ولم لا معاقبتها؟

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024