مناورات حول “مبدأ تقرير مصير الشّعب الصّحراوي”

لا للحكم الذّاتي..ولا “للفيدرالية”

جمال أوكيلي

باقتراب موعد صدور تقرير المبعوث الشّخصي للأمين العام للأمم المتّحدة السيد كريستوفر روس حول الصّحراء الغربية في أواخر شهر أفريل القادم، يسجّل في الوقت الرّاهن تخبّط وارتباك لدى مسؤولي الدّبلوماسية المغربية، الذين يطلقون العنان لتصريحات عبارة عن “طلاسم سياسية” لا تمتّ بصلة لما ترغب فيه المجموعة الدولية من أجل تقرير مصير الشّعب الصّحراوي، ترافقها في ذلك الرّكائز الاعلامية التي اختلطت عليها الأمور إلى درجة الهيستيريا تجاه الجزائر.

المغاربة الذين ضربوا حصارا مشدّدا على زيارة روس الأخيرة أي منذ منتصف شهر فيفري، ولم يدلوا بأي شيء، يبدعون خلال هذه الأيام في إلقاء بالونات اختبار لقياس حدة الضّغط في المنطقة، وانتظار ردود الفعل تجاه ما يقولونه بخصوص الخيارات المطروحة لآفاق الحل.
وآخر “مناورة” وقف عليها المتتبّعون هو ادّعاء “بأنّ هناك اقتراحا قدّم للصّحراويين إمّا الانضواء تحت صيغة فدرالية أم القبول بالحكم الذّاتي”.
ونتساءل هنا من أين أتى هؤلاء بهذا الطّرح المرفوض جملة وتفصيلا؟ ماذا تعني الفدرالية سياسيا؟ ومن يريد إدخال الخلط والشك في تقرير روس؟ باعتقاده بأنّه يشير إلى هاتين الفكرتين بوضع الصّحراويين بين فكّي اختيار لا أساس له في الواقع، والأكثر من هذا فإنّه من الخطأ إيهامنا بأنّ تقرير روس يتضمّن مثل هذه الخزعبلات التي هي وليدة محاولات يائسة يراد منها إحلال محل مبدأ تقرير المصير.
كل النّزاع يدور حول هذه النّقطة الأساسية، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإنّ المبعوث الشّخصي لا يستطيع أن يفرض نقطة معيّنة دون استشارة المعنيّين بالأمر، حتى وإن أراد المغاربة إدراجها فإنّ ذلك يتحوّل إلى إملاءات لا يمكن القبول بها أبدا، لا لشيء سوى لأنّ روس مطّلع اطّلاعا واسعا على الملف الصّحراوي، ولا يغامر بتاتا باقتراحات تؤدّي إلى الانسداد  وتؤزّم الوضع أكثر، وهذا من خلال استماعه لما قاله الصّحراويون حيال استقلال وطنهم.
لذلك فإنّ الضجة السياسية والاعلامية التي أثارها المغاربة حول “المكالمة الهاتفية بين بان كيمون ومحمد السادس” يوم ٢٢ جانفي المنصرم، بدعوى أنّ الملك تلقّى ضمانات من الأمين العام لا تعدو أن تكون مجرّد “طمأنة” لتوقيف كل ذلك الغليان النّفسي والهذيان العقلي، الذي أصاب محترفو  السياسة في المغرب، الذين يريدون إعطاء الانطباع بأنّ “الأمور محسومة”، وهذا عندما ادعوا أنّ الملك حذّر الأمين العام من تجاوز حدود معينة، منها إدخال آلية حقوق الانسان في عمل
«المينورسو”، ورفض الحديث عن تقرير مصير الشّعب الصّحراوي، وغيرها من النّقاط الأخرى.
ومثل هذه “الاملاءات” محاولة لها أبعاد، منها الابقاء على ما يعرف بـ “اللاّءات” التي جاءت في خطاب الملك في نوفمبر الماضي، لتشمل التّقرير الأممي المزمع صدوره في الشّهر القادم على أنّه مرفوض مسبقا كونه لم يرق إلى ما كان يأمله المغاربة في هذا التّقرير.
ولابد من التّذكير بأنّ مسؤولي الأمم المتّحدة التزموا التزاما، مطلقا بإيجاد الحل المطلوب، وفرض التّسوية المأمولة خلال سنة ٢٠١٥ مهما كان الموقف المغربي تجاه هذه القضية. وهذا الانشغال السياسي يزداد قناعة لدى الجميع، في توفير المخرج اللائق العادل والدّائم، إذ لا يعقل أن يعرقل التّعنّت المغربي هذا المسعى لأنّ طبيعة القضية الصّحراوية قضية تصفية استعمار تقع تحت المسؤولية المباشرة للأمم المتحدة، وفي مقابل ذلك، فإنّ المغرب يصنّف على أساس أنّه “القوة المحتلة” تعترض مساعي السّلم الدّولية.
ومن حق الأمم المتّحدة أن تبقى وفيّة لالتزاماتها في الحل المرجو الذي تعمل من أجله، ولا تترك هذه الفرصة تمرّ دون إجبار المغرب على الاذعان للقرارات الأممية في هذا الشّأن، لذلك فإنّ كل المؤشّرات تتمحور حول هذا الخيار في الوقت الرّاهن، ألا وهو تقرير مصير الشّعب الصّحراوي، وهو المبدأ المعمول به في مواثيق الأمم المتّحدة، أما الفدرالية أو الحكم ذّاتي فقد ثبت فشلهما، والشّعب الصّحراوي غير معني بهما.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024