بدأت الرّمال تتحرّك تحت أقدامه

الاحتلال المغربي يناور ضد مهمّة “روس” لسدّ منافذ الحلّ في الصّحراء الغربية

فضيلة دفوس

كلّما اقتربت زيارة المبعوث الأممي “كريستوفر روس” إلى المنطقة، إلاّ وانقلبت أحوال الاحتلال المغربي وارتعدت فرائسه، خشية ما يمكن أن يحمله في جعبته من قرارات تفرض عليه الامتثال للشّرعية الدولية التي ما انفكّ يغتصبها ويدوس عليها منذ أزيد من أربعة عقود.

كلّ سنة يعمل المغرب على عرقلة مهمّة المبعوث الأممي وإفراغها من محتواها وجعلها لا حدث، فيطلق العنان لآلته الدّيبلوماسية والإعلامية لتفرش طريق “روس” بالعراقيل والضّغوط وتقيّد مجال تحرّكه بالأوامر والنّواهي وحتى التّهديدات، ولا تترك له فرصة لأداء مهمّته أو الاطّلاع على الكوارث والمآسي التي يلحقها بالشّعب الصّحراوي.
كلّما حان موعد جولة المبعوث الأممي إلى المنطقة، تنقلب أحوال الاحتلال المغربي ويزداد توتّره، فتجده يتخبّط كالذّبيح، ويكيل الاتّهامات لهذا الطّرف وذاك، ويوزّع التّحذيرات والانذارات، ويرسم الخطوط الحمراء ويحدّد معالم الحلّ ويفرضه في الحكم الذّاتي دون باقي الخيارات.
وغالبا ما تنجح سياسة الهروب إلى الأمام هذه في التّشويش على مهمّة “روس” وفي إفريقيا من محتواها، ليستمرّ الأمر على ما هو عليه، إحتلال بسلطة الأمر الواقع، وشعب يعاني وحده تحت سوط الانتهاكات والخروقات، وشرعية تدير له ظهرها ولا تبالي بإنصافه.
مثل كل سنة، ها هو المغرب يباشر حملة ادّعاءاته ومزاعمه السياسية والإعلامية، لإجهاض المهمّة الأممية المرتقبة إلى المنطقة، ويقود الحملة هذه المرّة وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار نفسه، الذي أورد بأنّ زيارة “روس” مرحّب بها هذه المرة هو ورئيس “المينورسو” لأنّهما وافقا مسبقا على عدم تجاوز الخطوط الحمراء التي رسمتها المملكة والمتمثّلة في عدم المساس بها سمّاها وحدته التّرابية، والعدول عن فكرة توسيع مهام “المينورسو” لتشمل مراقبة حقوق الإنسان.
وزعم مزوار بأنّ المغرب وافق على استئناف المفاوضات مع البوليساريو المتوقّفة منذ مارس ٢٠١٢ بعد حصوله على الضّمانات التي لا تتجاوز لاءاته، دون أن يكشف عن الجهة التي منحته هذه الضّمانات تحت الطّاولة، و«شرعنت” احتلاله للاقليم الصّحراوي المدرج منذ ١٩٦٣ على قائمة الأقاليم غير المستقلّة والمعنية بتطبيق اللاّئحة رقم ١٥١٤ للجمعية العامة لمنظّمة الأمم المتّحدة المتضمّنة الإعلان عن منح الاستقلال للبلدان والشّعوب المستعمرة. ما يعني أنّ الصّحراء الغربية تشكّل آخر مستعمرة في إفريقيا يحتلّها المغرب منذ ١٩٧٥، ويواصل إجهاض كل جهود حلّها بتواطؤ مع العديد من الدول الغربية الفاعلة على مستوى المؤسسات التي تسيّر دواليب العالم بما فيها المنظّمة الأممية ومجلس الأمن. الاحتلال المغربي يحارب طواحين الريح بادّعاءاته ومزاعمه، والغرض واضح وهو إجهاض مهمّة “روس” ككلّ مرّة، والعمل على تمديدها وإبقائها تدور في حلقة مفرغة دون أن تبلغ مرحلة تنظيم استفتاء تقرير مصير الشّعب الصّحراوي الذي طال انتظاره.
الكرة اليوم في مرمى الهيئة الأممية ومبعوثها لتظهر نزاهتها وتدافع عن حيادها، فتفرض قراراتها ولا تبقى تائهة بين أقدام الاحتلال يقذفها حيثما يشاء ويعبث بسلطتها ويجعلها حبيسة غطرسته وعدوانه الغاشم.
على الأمم المتحدة أن تتولّى زمام المبادرة وتوقّف تآمر الاحتلال لقتل القضية بالتقادم، فتحدّد مهلة لتنظيم الاستفتاء تكون جميع الخيارات مطروحة فيه، الاستقلال التام، الحكم الذاتي، الانضمام للمغرب، والحرية تبقى كاملة للشّعب الصّحراوي ليحدّد مصيره من بين الخيارات الثلاثة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024