يتولى رئيس زيمبابوي روبيرت موغابي منذ بداية هذا الأسبوع سفينة الاتحاد الأفريقي وسط أمواج من مواقف دولية تلقت خبر انتخاب صاحب أكثر من 90 سنة من العمر بتوجس وامتعاض إلى درجة أن بعض الحكومات الغربية على غرار كندا أبدت بشكل غير لائق “اسفها” لانتخاب القادة الأفارقة الرجل الذي يقود بلاده منذ 1980 وتميز خاصة في سنوات سابقة بمواقف قوية تتقدمها قرارات تأميم أراض فلاحية من اقطاعيين وتخليه عن استعمال العملة الأمريكية في 2009، الى درجة اهتزت جراءها اركان قوى غربية لم تتخلص ذاكرتها من بقايا الثقافة الاستعمارية.
الرجل صاحب البشرة السوداء التي تعبرعن انتماء اصيل للقارة الافريقية، لم يتاخر فور اعتلائه كرسي الاتحاد الأفريقي لعهدة سنة- قبيل ان تحتضن زيمبابوي الدورة ال25 للقمة الافريقية بداية السنة القادمة- في التعبير عن الثناء على الجزائر نظير دورها ومشاركتها في تحرير افريقيا من الاستعمار والإشادة بسياستها الثابتة في مناهضة الاستعمار ومكافحة بقايا احتلال الاجنبي لشعوب مقهورة ترفض الخنوع.
ودون الالتفات لمواقف عواصم غربية تعاني من عسر هضم تحرر افريقيا وتوليها مقاليد بناء مستقبلها، حدد موغابي اولويات عهدته متمثلة في الحرص على تنمية المنشآت القاعدية والتركيز على انشاء الثروة والرهان على الفلاحة والتغيرات المناخية حرصا على حماية البيئة في بلدان القارة التي لا تزال تسيل لعاب شركات عالمية لا تتأخر في التحالف مع قوى استغلالية من اجل نهب الثروات والزج بشعوب القارة في صراعات تلهيها عن بناء مستقبلها.
وينتظر ان يمسك الرئيس الجديد للاتحاد الأفريقي الذي يضم 54 بلدا بملفات ساخنة ليدفع بها الى الأمام نحو الحسم فيها وابرزها ملف احتلال المغرب للصحراء الغربية وتماطل دولة الاحتلال المنبوذ قانونا واخلاقا في الانصياع لقرارات الامم المتحدة والذهاب الى تنظيم استفتاء برعاية أممية لتمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره بكل حرية وسيادة وقبول النتيجة. ويمكن لروبيرت موغابي ان يعزز من توجه أفريقيا الى استكمال القضاء على بقايا الاحتلال وكسر شوكته في الصحراء الغربية ليكلل مساره في الدفاع عن الإنسان الأفريقي بعمل يحفظ للأجيال.
وليس غريبا على شخصية كهذه ان تكون صارمة في التعامل مع مبدأ تحرير آخر بلد من مخالب استعمار يدير ظهره للتاريخ ويتنكر لمعاناة الشعوب، وهو، اي موغابي، قد جسد ثقافة تحرير الإنسان في بلده زيمبابوي باتخاذه قرارات تأميم الأراضي الفلاحية وتقليص الملكية لاقطاعيين من إفرازات الاستعمار البريطاني الذي استنزف الأرض والإنسان. فقد اعاد للانسان الزيمبابوي حقه في تملك ارضه والعيش من خيراتها و حدد الملكية لكبار المزارعين الاقطاعيين كما اعلن عن قرار تاميم المناجم ومصادر الموارد الطبيعية.
بمثل هذه الروح يكون لموغابي موعد مع التاريخ للعمل مع الارادات الصلبة والحسنة في كافة ربوع افريقيا الصامدة رغم النزاعات والامراض والفقر والحروب الناجمة عن قنابل الحدود التي تفجر من حين لآخر من اجل بلوغ الاهداف السامية واولها القضاء على بقايا الاحتلال كما هو الحال في الصحراء الغربية التي يعلق شعبها المنهك آمالا مشروعة على الاتحاد الافريقي الذي يحتضن الجمهورية العربية الصحراوية عضوا كاملا لا يزال يقاوم سلميا من اجل حقوق شعبه المشروعة في الحرية والانعتاق واستغلال موارد بلاده.