يواجه لبنان وضعا سياسيا وأمنيا صعبا جراء تداعيات داخلية وخارجية أدّت رلى تعطيل إنتخاب رئيس جمهورية وهذا منذ مغادرة ميشال سليمان لقصر بعبدا إلى ساحة معركة بين الجيش اللبناني وجماعات مسلحة في عرسال ، سبب الأزمة الأمنية في سوريا ، ما خلف ذلك من اختطاف لعساكر هذا البلد كان آخرها تفجير جبل محسن، وهذا في الوقت الذي يتواصل فيه الحوار الثنائي بين حزب الله وتيّار المستقبل.هذا المشهد السياسي والأمني العام، يكشف عن حقيقة مفادها أن لبنان يمر بمنعطف تاريخي في مسيرته الوطنية كل المؤشرات تؤكد قدرة مسؤولية على تجاوز هذا الظرف بنجاج كما عودنا على ذلك، وخير مثال على ذلك خروجه منتصرا من “حرب أهلية” في منتصف السبعينات” بفضل إتفاق الطائف الذي أعطِى لكل ذي حق، حقه كما طردت طلائعه القوات الإسرائيلية من الجنوب لينتهي ما كان يعرف بجيش العميل أنطوان لحد و منذ تلك الفترة وهو يعمل على استقلالية القرار اللبنانى بكل ما أوتي من إيمان بوحدة البلد، بالرغم من الضغوط الإقليمية والدولية، فقد صمد صمودا بطوليا في إحباط كل محاولات تخريب وتدمير الوطني باسم شعارات شتى.
يذكّر بهذا من باب أن لبنان له تجربة رائدة في تسيير الأزمات الحادة وهذا بفضل رجاله الذين قرروا الإلتزام “بعقد معنوي” أولوياته الحفاظ على الاستقرار مهما كان الأمر، وسار الحال على هذا المنوال إلى غاية يومنا هذا إذ تغيرت المعطيات تغيرا جذريا خاصة مع العمل المسلح القائم في سوريا، الذي أتعب اللبنانيين إلى درجة لا تطاق أثرت في معنويات الجميع.
لذلك فإن هذا البلد الصغير مساحة يحمل ما لاطاقة له به، خاصة الأثار السياسية والأمنية.
سياسيا : ما زال الفراغ سيد الموقف في أهم مؤسسة بالبلد ألا وهي رئاسة الجمهورية، وكل أربعاء تؤجل عملية الانتخاب بسبب إنعدام النصاب، ولا يجد نبيه بري أمامه سوى الإعلان عن تاريخ لاحق لعلى وعسى يحضر الجميع، بالتوازي مع ذلك هناك مساع للقاء مرتقب بين التيار الحر لميشال عون وبين قوات لسمير جعجع للحسم في هذه المسألة وترجح أوساط مطلعة أن عون يتمتع بخطوط وفيرة قصد تولي هذا المنصب بحكم الإجماع الذي يحوزه في الوسط المسيحي ورغبة جميع اللبنانيين الإنتهاء من هذا الأمر بعد أن شعرت حكومة سلام تمام بضرورة وجود رئيس جمهورية للفصل في قضايا حاسمة، لا يمكن أن تبقى من الإصلاحيات المفوضة للحكومة فقط لأن “الفراغ” دخل شهرة الثامن بدون ملامح توحي بأن الغيث قريب.
وفي نفس الاتجاه دخلت حيثيات الحوار بين حزب الله والمستقبل مرحلة البحث في عمق القضايات التي تهم البلد ككل، وهذا بعد أن تجاوز الجميع ما يسمى “بتنفيس الإحتقان”. والشروع في إثارة نقاط الساعة الحساسة التي تطفو إلى الساحة، ولابد من إيجاد الحلول لها في أقرب وقت ممكن ويعمل المتحاورون للحفاظ على هذا المناخ المناسب في الحديث، وكل نقطة لا تلقى الإجماع أو هي محل خلاف توضع جانبا أو تؤجل لاحقا. ليتم تناول المحور الموالي مباشرة حتي يسجل ذلك التقدم المرجو، وهذه هي الصيغة التي اتفق عليها الطفان.
وعندما يصل كل من “التيار الحر”و “القوات” و “حزب الله” و«تيار المستقبل” إلى قواسم مشتركة تكون عبارة عن إيقاف مبدئي في تفعيل نشاط مؤسسة الرئاسة تظهر البوادر الأولى لبداية نهائية كل هذا “الاحتقان السياسي” في لبنان.
أمنيا : هذا المحور يُقلق كثيرا اللبنانيين إلى درجة التوجس من إنزلاقات البلد هو في غنى عنها نظرا لما عناه ويعانيه وليس اعتباطيا إقدام السلطات على فرض تأشيرة دخول السورين إلى أراضيها لأن عدد اللاجئين تجاوز المليون وما فتئت الدوائر المسؤولة تنبّه المجتمع الدولي إلى هذا التدفق الهائل للأشخاص إلى بلد مجاور وما يكلفه من ضمانات غذائية وصحية ضخمة.
وفي هذا الإطار فإن التفجير الذي وقع في جبل محسن قبل أيام يترجم حرص السلطات اللبنانية على التحكم أكثر في هذا الملف بمراقبة شديدة لكل الداخلين والخارجين علما أن هذه المهمة معقدة جدا، لذا يدعو الجميع إلى الإلتفاف حول الجيش “حامي لبنان” وكذلك السعي من أجل إطلاق سراح الجنود المخطوفين والذين تحوَّلوا إلى ورقة ضغط لدى الجماعات المسلحة. للإفراج عن معتقلين تابعين لهم بسجن “الرومية” وعائلات قادة هذه الجماعات هذا هو الجو السياسي والأمني في لبنان في مقابله هناك جهود جبارة تبذل لإستتباب الأوضاع.
لبنان على كل الجبهات تحديات سياسية وأمنية
جمال أوكيلي
شوهد:642 مرة