دور ريادي للجزائر في تسوية النزاعات القائمة
يعد الملتقى الرفيع المستوى حول السلم والأمن في إفريقيا، المنعقد مؤخرا بوهران حدثا “سياسيا” بارزا، ترجم الإنشغال الدائم لقادة القارة على وضع آليات تنسيق جديدة بإمكانها ترقية العمل السياسي إلى آفاق واعدة، يسمح للأفارقة بإسماع صوتهم في المنابر العالمية وفي أوساط البلدان الصانعة للقرارات في العلاقات الدولية، خاصة مع المساعي القائمة لإصلاح أداء مجلس الأمن بالبحث عن كل الصيغ المقترحة لأن يكون لهذه القارة مقعدا دائما في هذا المنتظم.
هذه الرؤية الإستراتيجية، التي ميزت هذا الملتقى تقرر أن يكون دوريا وفي هذا الإطار ستكون نفس المدينة على موعد مع هذا الفضاء سنة ٢٠١٥، وهذا في حد ذاته دلالة سياسية قوية وحاسمة على أن المسؤولين الأفارقة يتحلون بإرادة صلبة لا تلين من أجل الإحاطة بكل المسائل والقضايا والأحداث التي تكون فيها القارة مسرحا لها، وهذا باعتماد مقاربة حيوية ألا وهي تسوية وحل المشاكل الإفريقية ضمن مؤسساتها (الإتحاد الإفريقي، مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي) وغيرها من الآليات المعوّل عليها في الوقت الراهن.
ويكمن الوزن السياسي لهذا الملتقى في النقاط الهامة المتفق عليها فعلى غرار ترسيم الموعد سنويا” هناك مشاركة البلدان الإفريقية المنتخبة في مجلس الأمن (أنغولا، التشاد، ونيجيريا) ورئيس مجلس السلم والأمن للإتحاد الإفريقي والجزائر، ومفوضية الإتحاد الإفريقي والشركاء الآخرين.
وتم وضع نظام تناوبي للتنسيق وفق التصنيف الأبجدي باللغة الأنجليزية، كل ٤ أشهر، وتبادل المعلومات بين الدول الأعضاء بين الإتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، وتكثيف الحوار مع أعضاء مجلس الأمن الدائمين لإشراك البلدان الإفريقية في تناول القضايا المدرجة في جدول الأعمال.. وضمن هذا التوجه فإن المسؤولين الأفارقة يدعون إلى السرعة في تبادل المعلومات ووجهات النظر والتعيين الفعلي للنقاط الإرتكازية للملفات المتعلقة بالنزاعات لصياغتها في مجلس الأمن، كما هناك محاورا تم الإتفاق عليها كالتكوين المتواصل في المجال السياسي المتوجه إلى شغل مقعد في مجلس الأمن، وتعزيز الوجود الإفريقي على مستوى الأمم المتحدة بشخصيات لها خبرة طويلة في هذا الاختصاص، خاصة وأن نسبة ٦٥ ٪ من الأحداث الذي يعالجها مجلس الأمن مصدرها إفريقيا، وعليه فإن الحضور الإفريقي يجب أن يكون مؤثرا في القرار المزمع إتخاذه . النقاش السياسي الذي دار بين المشاركين كان ثريا حقا من باب أنه حاول تحسيس الجميع بما يجري في القارة من أحداث تستدعي أن تأخذ على محمل الجد نظرا لطبيعتها القائمة على العامل الثابت ألا وهو السلطة، كل حركية المسار تتمحور حول هذه النقطة الشائكة.
لذلك فإن الشغل الشاغل للأفارقة هو تفادي التشخيص والدخول مباشرة في الحلول فهناك ليبيا، مالي والصومال، وبأقل درجة البعض من البلدان التي تعيش على وقع الإستقرار، من هنا فإن الدعوة الملحة للتمسك بالحل الإفريقي تبقى الخيار الأقوى، حتى وإن كانت صعبة أحيانا بسبب تداخل عدة عوامل ذات طابع محلي محض تدعمها تداعيات ذات تراكمات تاريخية، ناجمة عن مواقف تعود إلى عشريات فائتة.والأمل كل الأمل والرسالة المراد تبليغهامن توصيات ملتقى وهران هي أن الأولوية للحلول الإفريقية الصادرة عن مؤسساتها المعروفة، ثم تلي المبادرات على مستوى الأصعدة الأخرى، لذلك فإن التشديد كان على مبدأ التنسيق بين مجلسي السلم والأمن التابعين للاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، علما وأن النزاعات التي يناقشها مجلس الأمن هي إفريقية بنسبة تجاوزت الـ ٦٠ ٪ .
في هذه الحالة فإنه من حق الأفارقة قول كلمتهم في هذا الشأن، بتقديم الاقتراحات التي يرونها ملائمة والتي مصدرها هياكل الإتحاد الإفريقي من أجل تسوية هذه النزاعات المستعصية، والتي تتطلب بذل المزيد من الجهود وإقناع الآخر بضرورة الجلوس إلى طاولة الحوار لذلك فإن الإتحاد الإفريقي خصص العديد من المبعوثين لملفات محل نزاع في القارة لمتابعتها في الميدان، منها قضية الصحراء الغربية، سيتبلور الأمر أكثر في غضون الأيام القادمة.