يعكس انتخاب أنغولا عضوا غير دائم في مجلس الأمن الدولي في 16 أكتوبر الماضي، إرادة هذا البلد الافريقي في تعزيز مكانته على السّاحتين الاقليمية
والدولية، حيث أعلنت لواندا قبل أيام من التّصويت في الجمعية العامة للأمم المتّحدة، استعدادها للمشاركة في عملية حفظ السّلام في جمهورية إفريقيا الوسطى، وذلك للمرة الأولى في تاريخها ما يشكّل تحوّلا في سياستها الخارجية.
ويتعزّز هذا التّحول برغبة الرئيس “إدواردو دوس سانتوس” في أن يخّلف ميراثا يتمثل في تحويل بلد مزّقته الحرب إلى لاعب إقليمي مع طموحات عالمية.
وكانت الحرب الأهلية قد وضعت أوزارها بعدما قتلت قوات دوس سانتوس قائد حركة “يونيتا” المتمرّدة جوناس سافيمبي في فيفري 2002. ومند ذلك الحين أصبح الرئيس الانغولي الذي يحكم البلاد منذ 1979 وأعيد انتخابه آخر مرة عام 2012 لمدة خمس سنوات،يوصف بأنه صانع السّلام . لقد استطاعت أنغولا التي عاشت حربا أهلية مدمّرة بين 1975 و2002، استعادة بعض أنفاسها داخليا، وانطلقت في سياسة إعادة إعمار واسعة النّطاق للبنى التحتية، كما أنّها تشهد نموا اقتصاديا قويا بفضل إنتاجها النّفطي الذي يرتّبها ثاني منتج للنّفط في إفريقيا. وهناك إرادة واضحة ــ كما يقول المحلّلون ــ لتطرح هذه الدّولة الافريقية المتعافية نفسها لاعبا أساسيا في تسويات سلمية للنّزاعات في القارة السّمراء، ما من شأنه أن يعزّز سمعتها على الصّعيد الدولي، ويجعلها قادرة على اقتراح الحلول والعمل مع الآخرين لتسوية المشاكل التي تؤثّر في العالم. وكانت أنغولا خلال السّنوات الأخيرة ترفض إرسال قوات إلى الخارج، مكتفية بتحرّك دبلوماسي يركّز على تقديم مساعدة مالية أو إنسانية وتدريب عسكري.
لذا، تشكّل المشاركة في بعثة الأمم المتحدة في جمهورية إفريقيا الوسطى منعطفا هاما،حتى وإن كان البعض يبدى تحفّظات على السّاحة الداخلية، ويقول بأنّ “المشاركة في مثل تلك العمليات، يتضمّن مخاطر لا سيما إثارة التوتر مع بلدان ليست في منطقة النّفوذ المباشرة لأنغولا مثل نيجيريا والسّنغال”.ويحاول هؤلاء وضع العقدة في المنشار ليزعموا بأنّ “البلاد تتخبّط في عدة مشاكل داخلية يجب حلّها قبل التّفكير في الالتزام بالخارج”، ويضيفون بأنّه رغم إنتاجها النّفطي البالغ 1,7 مليون برميل يوميا ــ حسب قولهم ــ تواجه أنغولا صعوبات في توفير الماء والكهرباء والصّحة والتّربية لشعب يعيش قسم كبير منه بأقلّ من دولارين في اليوم.
على الصّعيد السياسي، أثارت المشاركة الأنغولية في بعثة الأمم المتحدة انتقادات المعارضة، التي ندّدت بعدم استشارة البرلمان مسبقا وفقا لما ينص عليه الدستور.
لكن رغم كل الانتقادات، فأنغولا ماضية في إعادة بناء اقتصادها داخليا، وفي كسر الطّوق الذي حاصرت به نفسها طول سنوات الحرب الأهلية لتنطلق في استعادة مكانتها الاقليمية والعالمية، وبالتأكيد سيكون لدخولها مجلس الأمن كعضو غير دائم دوره في تحقيق أهدافها وتطلّعاتها.
استعادت أنفاسها بعد حرب أهلية استمرّت 27 عاما
أنغولا تدخل مجلس الأمن وتتطلّع إلى توسيع دورها الإقليمي والعالمي
د ــ فضيلة
شوهد:759 مرة