بسبب إخفاقاته السياسية

المغرب يعيش على أعصابه ويؤجّج نزاعات وهمية

جمال أوكيلي

الإخفاقات السياسية والإحباطات الدبلوماسية التي تعصف بالنظام المغربي أدخلته في دوامة من الهيستيريا والهذيان في البحث عن مشجب يعلق عليه كل هذا التخبّط الذي أصابه جراء عدم قدرته على مسايرة الأحداث الكبرى التي تعيشها المنطقة المغاربية وأعماق الساحل.

هذا الفشل الذريع الذي لحق بالسياسة الخارجية، هو نتاج عدم قدرة مسؤوليها على فهم حقيقي لما يجري في هذه الفضاءات الحيوية، وانعدام الحسّ القائم على السلم والأمن، وتوجّه نحو الخيارات المرفوضة جملة وتفصيلا ألا وهو إذكاء النزاعات وتأجيجها بوسائل دنيئة وأساليب خسيسة أرادت نسف كل مسعى صادق يعمل من أجل إطفاء فتيل أي تصعيد آخر.
وما يقلق المغرب في الوقت الراهن هو ذلك الإجماع الدولي على تقرير مصير الشعب الصحراوي وتفاعلات الكثير من الأطراف مع هذا التوجّه الإستراتيجي الذي طالما طالبت أو بالأحرى دعت إليه البلدان التواقة إلى الحرية والإنعتاق من براثن الإستعمار، أضف إلى ذلك السيل الجارف لإصرار العديد من البلدان على إثارة مسألة حقوق الإنسان وإدراجها كآلية حيوية في نشاط المينورسو والعمل الجاد والمتواصل من أجل تكليف مبعوث الإتحاد الإفريقي لمتابعة ملف قضية الصحراء الغربية كما يفعل ذلك المبعوث الأممي السيد روس.
ويعيش هذا النظام على أعصابه وهو يقف على هذه التطورات السياسية، التي جعلته يفقد ذلك الوزن الوهمي الذي صنعه له البعض من حلفائه التقليديين المعروفين بمواقفهم غير المشرّفة تجاه قضية الشعب الصحراوي، مع الدعم غير المحدّد لجماعات الضغط واللوبيات التي دأبت على التأثير في الحكومات الغربية إلى درجة لا تطاق.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن المغرب يعيش عزلة دولية غير مسبوقة، وهذا بسقوطه سقوطا حرّا في كل المحافل العالمية، كونه لم يعد قادرا على إقناع المجموعة الكونية بأطروحات التي لا أساس لها من الصحة على أكثر صعيد، فكل التسويات تجري في غيابه وبدونه، لأنه فضّل الأساليب المناوراتية التي تريد أن تضرب كل خطوة خيّرة ومبادرة إيجادية.
وهذا ما يحدث في الملف المالي فكلما تحقّق نصرا سياسيا في هذا الشأن وتعمل كل الأطراف على احترام إلتراماتها الموقع عليها إلا وتحرّك أدوات أخرى غير مندرجة في هذا المسار من أجل تكسير هذه الإرادة والأكثر من هذا إفشال أي طموحات أخرى في الأفق، وبالرغم من هذه الممارسات المكشوفة والنوايا المبيتة للمغرب، فإن قناعة الفاعلين الماليين أقوى وأكبر من كل الدسائس، ففي كل مرة يمسّ هذا الخيار السلمي إلاّ ويعاود الجميع الإلتقاء في الجزائر لحل المشاكل المتبقية التي تتطلب الكثير من التواصل حول طاولة واحدة.
هي رسالة سياسية واضحة من كل الماليين الذين جدّدوا ثقتهم في الجزائر من أجل الاستمرار في الإشراف على إدارة الحوار بين أبناء مالي.
ومن جهة أخرى، فإن أوضاع المغرب الإقتصادية والإجتماعية بلغت درجة خطيرة، هذا ما دفعه إلى التخلي عن المواعيد الرياضية القارية وغيرها، نظرا للضائقة المالية وهو في كل ذلك يصدّ جام غضبه على جيرانه باختلاق روايات كاذبة خاصة منها الأخيرة على الحدود بينه وبين الجزائر .. كلها سيناريوهات مفبركة تكشف عن سياسة الهروب إلى الأمام، وعدم القدرة على مواجهة الحقائق في الواقع وحتى القفز في المجهول، جراء العجز المسجل في التحلي بوضوح الرؤية تجاه القضايا الدولية المطروحة على الساحة في الوقت الحالي، وهذا كله كذلك لإخفاء كل هذه الإخفاقات السياسية والإحباطات الدبلوماسية التي لحقت بهذا البلد.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024