تمر أكثر من ثلاث سنوات على الأزمة السورية التي أودت بحياة الآلاف من المواطنين وتركت مئات الآلاف من الجرحى واليتامى والأرامل وهدمت عشرات المؤسسات والبنى التحتية وذلك نتيجة العنف والقتال بين أبناء الوطن الواحد بمشاركة العديد من المسلحين القادمين من عشرات الدول. ولم تنته الأزمة وأدرك السوريون وأصدقائهم أن الحل لا يكون إلا سلميا عبر الحوار وعن طريق الإنتخابات.
كان السوريون على موعد مع الانتخابات الرئاسية لتحديد مستقبل بلدهم الواعد حيث خرجوا إلى صناديق الإقتراع للإدلاء بحقهم الدستوري في اختيار رئيسهم وحامي حماهم بكل شفافية وبإشراف قضائي كامل وبحيادية وذلك أمس الثلاثاء بعد أن انتهت الحملة الانتخابية صباح الإثنين .
وبعد أن أدى المغتربون واجبهم الإنتخابي بالسفارات السورية بالدول المضيفة يوم الأربعاء الماضي وقد حرم البعض من أداء هذا الواجب ببعض الدول كأمريكا وفرنسا رغم ادعاءاتهما بالديمقراطية والحرية .
فالأحداث الدامية التي عصفت بسوريا مدة أربعين شهرا ومازالت للأسف لم تقف بآثارها عند حدود سوريا بل وصلت إلى لبنان أيضا ولذلك وجب التكاتف لإجتثاث الإرهاب من جذوره لأن عدم التكاتف سيؤدي إلى انتقاله إلى المنطقة كلها ولاسيما دول الجوار خاصة وأن العرب والمسلمين يواجهون خطر زرع الفتنة من طرف كيان غاصب لفلسطين وبعض الأراضي العربية.
فمسألة الأمن غير قابلة للتجزئة وأن الإرهاب لا جنسية له ولاحدود فإما أن يعيش الجميع في هدوء وأمان وإما أن تعم الفوضى في كافة ربوعهم وقد قال السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي يوم السبت أن الانتخابات الرئاسية ستعطي مفتاحا أوسع للتسوية في سوريا، مضيفا أن عملية فرز الأصوات تستكمل وسترفع للجنة العليا للانتخابات بعد الإنتهاء منها.
الانتخابات قرار سيادي
كانت كتل معارضة داخلية وخارجية رفضت المشاركة في الانتخابات السورية والتي لقيت إدانة من المجتمع الدولي فضلا عن اعتبارها من دول عدة غير شرعية، كما سبق وأن اعتبرت الأمم المتحدة أن إجراء الإنتخابات الرئاسية لا ينسجم مع اتفاقية جنيف ويعرقل التوصل إلى حل سياسي، فيما اعتبرت الحكومة السورية أنه قرار سيادي سوري بحت لا يسمح لأحد التدخل فيه لأن منظمة الأمم المتحدة التي تعتبر سوريا إحدى أعضائها يتضمن أحد بنودها عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وللأسف أمينها العام بان كي مون يخرق هذا البنيد ويتدخل في الشأن السوري الداخلي ومنهم من يدعم المعارضة بالسلاح فكيف يتحقق السلام.
ولذلك دعا الفاتيكان روسيا وأمريكا لحل المسألة السورية والتخفيف من غلو مواقف بعض الدول منها حيث قال منسق أعمال الكنيسة في الفاتيكان الكاردينال «روبرت ساره» يوم الخميس أنه لايمكن تسليح مقاتلين وتدريبهم مع الزعم بالسعي إلى السلام في سوريا داعيا موسكو وواشنطن إلى التحلي بالشجاعة للقيام بتحرك مشترك بشأن سوريا لاسيما وأن العديد من السيناريوهات الأمريكية في المنطقة أجهضت.
إقتراع وآمال
انتخب الشعب السوري أمس، رئيسا له للمرة الأولى في ظل صراع دموي لم يتوقف منذ سنين، ترشح لها كل من ماهر حجار وحسان النوري والرئيس بشار الأسد الذي يعد أكثر حظوظا من منافسيه بالفوز بالانتخابات لأنه أبقى على استمرار الدولة من الإنهيار رغم ماتعرضت له من خراب خلال ٤٠ شهرا. وترى الحكومة السورية أن الانتخابات التي نظمتها حلا للأزمة وإضفاء للشرعية على من يختاره الشعب، فيما ترى فيها أطراف أخرى معارضة أنها بحثا عن الشرعية لبقاء الأسد رئيسا.
أما أمين سر هيئة التنسيق الوطنية ماجد حبو قال أن إقبال السوريون في الخارج هو إصرار على محاربة الحل العسكري والبحث عن حل سياسي لوقف العنف، أما الكاتب والمحلل السياسي « حيان سليمان» فقال إن الانتخابات هي حل سياسي يتم وفقا للدستور السوري وتساءل كيف يمكن لدول تدعي الديمقراطية في إشارة إلى الولايات المتحدة أن ترفض الانتخابات ونتائجها ؟!
يقول رئيس لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي أن فوز الرئيس السوري بهذه الانتخابات يدل على أن المعارضة كانت تكذب على مدى ثلاث سنوات، معتبرا في نفس السياق أن واشنطن تخشى من الشرعية التي سيكسبها الأسد جراء هذه الإنتخابات .