تضاعف عددهم في العقد الأخير

أزمة اللاّجئين .. نحو مزيد من التأزّم

حمزة/ م

تضاعف عدد اللاجئين عبر العالم، في السنوات العشر الأخيرة ليصل إلى 79.5 مليون شخص نهاية 2019، وفق إحصائية حديثة للمفوضية الأممية للاجئين، هذا العدد المرشح بقوة للارتفاع، يأتي وسط تعقيدات سياسية وصعوبات لوجيستية تحول دون تقديم المساعدات اللازمة للمهجّرين قسرا من بلدانهم، فيما تنذر جائحة كورنا بموجة هجرة جديدة ستكون الأصعب على الإطلاق.

بمناسبة اليوم العالمي للاجئين المصادف لـ 20 جوان من كل سنة، قدم مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبوغراندي، عرضا أمام مجلس الأمن الدولي، كشف فيه أن «1 بالمائة من سكان العالم مهجرين، وأن سنة 2019 وحدها شهدت نزوح 8.7 مليون شخص، أغلبهم بالدول النامية».
وأفاد المتحدث، أن هيئته أحصت إلى غاية نهاية العام الماضي 79.9 مليون لاجئ، عبر العالم، في حصيلة تمثل ضعف الرقم المسجل قبل عشر سنوات.
تكفي هذه الأرقام، لإعطاء صورة واضحة عن حجم الأزمات التي عرفتها دول العالم الثالث في العقد الأخير، وكيف فشلت المجموعة الدولية في إطفاء النزاعات المسلحة وإرساء السلم والأمن الدوليين، بل إن كثيرا من الدول الكبرى ساهمت بشكل مباشر في انفجار الأوضاع الإنسانية بمناطق معينة ونزوح وتشريد ملايين البشر.
وبتقريب الصورة أكبر، يتضح حجم الخراب، في كل قرية أومدينة هجرها سكانها بحثا عن الحق في الحياة، لأنها كانت دون شك ساحة للمعارك وإراقة الدماء، بسبب اقتتال داخلي أوحروب بالوكالة.
مفوضية اللاجئين، قالت إن ثلثي اللاجئين مصدرهم خمس دول هي: سوريا (6.6 مليون)، فنزويلا (3.7 مليون)، أفغانستان (2.7 مليون)، جنوب السودان (2.2 مليون) وميانمار (1.1 مليون).
ويقابل عدد اللاجئين السوريين، قرابة 400 ألف قتيل سقطوا بالحرب الدائرة بسوريا منذ 2011، والتي بلغت ذروتها سنة 2014، بعد ظهور تنظيم داعش الإرهابي وتجميع أزيد من 90 ألف إرهابي قدموا من مختلف مناطق العالم للمشاركة في حرب مناولة عن القوى الكبرى، شردت الشعب السوري وقتلت منه مئات الآلاف ودمرت البنى التحتية.

تجاهل حقّ العودة

واللافت في الأرقام المنشورة بالصفحة الرسمية لموقع الأمم المتحدة، هوتجاهل اللاجئين الفلسطينيين، رغم أنهم النسبة الأعلى في العالم، وفق التقرير الاستراتيجي الفلسطيني الصادر شهر جانفي الماضي.
وبحسب ذات التقرير فإن الفلسطينيين في الشتات يقدر عددهم بـ 8.9 مليون لاجئ، ما نسبته 65 بالمائة من الشعب الفلسطيني، وعدد كبير من هؤلاء اللاجئين غير مسجلين لدى وكالة الأنوروا.
وتتعرض قضية اللاجئين الفلسطينيين إلى محاولة تصفية صريحة من قبل الكيان الصهيوني، من خلال إلغاء حق العودة، ويدعمه في المسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي أوقف صيف 2018 تمويل وكالة الأنوروا، بعدما كانت المساهمة الأمريكية تقدر بـ 350 مليون دولار سنويا.
تجاهل اللاجئين الفلسطينيين، يعكس مدى تراجع اهتمام الأمم المتحدة بالقضية الفلسطينية خاصة في بعدها الإنساني، وسقوط الضمير العالمي في مستنقع الرتابة والتواطؤ مع الاحتلال الصهيوني الذي يغتصب الأرض الفلسطينية منذ 1948، ويشرد ويقتل ويسجن كل يوم الفلسطينيين بدم بارد وأمام أنظار العالم، غير آبه لا بالمواثيق ولا القوانين الدولية.

مأساة لجوء عمرها 45 عاما

شعب الصحراء الغربية، يعيش هوالآخر، مأساة لجوء عمرها 45 سنة، بدأت باحتلال غاشم للمغرب لأرضه، بينما يستمر تغييب معاناة قرابة 200 ألف لاجئ، في التقارير الرسمية الأممية.
وأمام التغييب والتناسي، يشن المغرب من وقت إلى آخر، مناورات يائسة لتشويه اللاجئين الصحراويين، عبر التضليل الإعلامي، مع ممارسة أبشع أنواع التضييق ومنع الزيارات العائلية لسكان الأراضي المحتلة والسجن والاختطاف وزرع الألغام المضادة للأفراد على طول جدار العار.
ومثل الفلسطينيين، لا يرى اللاجئون الصحراويون، من حل لمآسيهم مع الاحتلال والفقر وسوء التغذية وتفشي الأمراض، إلاّ العودة إلى أرضهم في إطار الاستقلال النهائي عبر تنظيم استفتاء تقرير المصير.
لقد سئم الصحراويون، من التعامل الأممي مع قضيتهم بما يشبه المسكنات لمرض مزمن، وما كان هذا الوضع ليحدث، لولا ثقتهم في منظمة الأمم المتحدة، وتبنيهم للكفاح السلمي كخيار استراتيجي منذ عام 1991.
لكن الأمم المتحدة وبعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن، لم يستغلوا هذه الثقة، لتسوية آخر قضية تصفية استعمار في القارة الإفريقية، وبات الوضع في المنطقة مفتوح على كل الاحتمالات، خاصة وأن الشعور بالخديعة والإحباط يزداد يوما بعد يوم لدى الصحراويين.
وفي المجمل، لا يبدو أن للأمم المتحدة القدرة على التحكم في الأعداد الهائلة الحالية والمنتظرة اللاجئين، فالفشل في وضع الحلول الجذرية الاستباقية في المناطق المصدر، كهندسة السلم والأمن الدوليين على أسس صحيحة، يعني بالضرورة الاستعداد لمزيد من الأمواج البشرية التي ستخترق الحدود.
وبعدما لم تجد نداء الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيوغوتيرس، لوقف إطلاق النار في جميع أنحاء العالم والتفرغ لمواجهة فيروس كورونا، آذان صاغية، يتوقع ظهور عمليات هجرة واسعة خاصة من الدول الفقيرة التي أثر عليها الوباء وإجراءات الحجر الصحي.
لكن وضع الهجرة واللجوء، سيكون مختلفا هذه المرة، حيث ستبدي شعوب الدول المتقدمة (الغرب)، مقاومة شرسة للأجانب بشكل عام، فالركود الاقتصادي الذي تعاني منه منذ تفشي الجائحة، نجم عنه ضغوط كثيرة على مؤسسات الإنتاج والإنجاز من أجل إعطاء الأولوية في التوظيف لليد العاملة المحلية.
ومع دخول التنافس الدولي مرحلة جديدة، وبملامح إعادة تشكيل الجغرافية السياسية لكثير من الدول وفي عديد المناطق، يبدو أن مسألة اللجوء مقبلة على أرقام أكبر.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024