سيغولين روايال وحقيبة البيئة والطاقة

سعيد بن عياد

بعد الضربة القاسية التي تلقاها الحزب الاشتراكي في الانتخابات المحلية الأخيرة، استنجد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بأسماء لها ثقل على الساحة السياسية بفرنسا من بينها السيدة سيغولين روايال رئيسة الحزب سابقا ومترشحة سابقة نافست نيكولا ساركوزي قبل أن تختفي من المشهد لسنوات.

ويعود الوجه النسوي الباريسي وبيده حقيبة تزن الكثير داخل الساحة الأوروبية والدولية تتمثل في حقيبة البيئة والطاقة قد تكون طوق نجاة لهولاند في مواجهة استحقاقات الرئاسة الفرنسية المرتقبة قريبا خاصة أمام عودة مرتقبة لغريمة ساركوزي، الذي لا يخفي دخوله السباق بالرغم من ملفات الفساد التي تثقل كاهله وتنغص أحلامه بالجلوس مجددا على كرسي عرش فرنسا.
الانتخابات المحلية الأخيرة شكّلت ضربة قوية للجناح الاشتراكي جعلت قيادته تستفيق على كابوس عودة للجناح اليميني، ولكن الأخطر ارتفاع أسهم اليمين الفرنسي المتطرف الذي قد تكون له الكلمة الفصل في حسم المنافسة التقليدية. قد لا تكون هذه الاستفاقة متأخرة نوعا ما إذا أعطيت لهذه المرأة الطموحة مساحة واسعة بما في ذلك قبول رفيقها الأول الدفع بها لتبوّء مقعد الترشح في 2017 أمام التفاف أطراف اليمين من الوسط إلى المتطرف على قرار بضرورة إلحاق الهزيمة باليسار التائه بين أمواج الأزمة الاقتصادية العالمية وتداعياتها على منطقة اليورو، ولكن أيضا الضائع بين توترات العلاقات الدولية في الداخل الأوروبي والعالم الواقع تحت مخالب نفوذ القوى الكبرى في النظام العالمي اللاّمتوازن تتقدمها الولايات المتحدة الأمريكية.
لكن إلى أيّ مدى يمكن لسيغولين أن تحقّق الأهداف التي سطّرت لها ومنها أن تنجح في إعادة جناحها إلى مستوى متقدم في المشهد الانتخابي الفرنسي؟ والحقيبة التي تحملها ليست بالهينة لارتباطها بالفضاء الإقليمي والعالمي مما يفرض عليها تنمية في الأداء على صعيد العلاقات مع الشركاء في الضفة الجنوبية للمتوسط وشرق أوروبا، حيث لا تزال مشاكل عالقة تثقل مسارات الشراكة ومن بينها مسائل تعلق بالبيئة والطاقة. وبالفعل تتطلب هذه المسائل إعادة إطلاق الحوار الإقليمي في الاتجاهين لتفكيك بؤر الاختلاف وإنتاج أفكار جديدة لا تقوم على المصالح الضيقة لكل طرف بقدر ما ينبغي اعتماد نقاش متوازن وشفاف يمكنه الدفع إلى حلول عادلة تستجيب لحقوق كل طرف، خاصة ما يشجع صيانة وبناء الاستقرار وعناصر التنمية المستدامة لتكون مفتاحا للازمات المتفجرة في جهات عديدة من العالم، من منطقة الساحل والصحراء حيث الموارد الطبيعية والأسواق إلى أوكرانيا ممر الغاز الروسي نحو أوروبا، مرورا بالملف النووي الإيراني وأم المشاكل القضية الفلسطينية وتطورات ضرب الاستقرار في الوطن العربي بما يسمى الربيع الذي أنتج فوضى غير مسبوقة تهدد الأمن والاستقرار برمّته.
في ظل كل الذي ورثته روايال في الحقيبة الموكلة لها، هل يمكنها أن تعيد تصويب السياسة الخارجية الفرنسية بما للبيئة والطاقة من ثقل في صياغة القرار الدولي لتعيد تصويبه نحو خدمة الشعوب في ظل تعززي السلام والأمن الدوليين بما يشجع على التنمية ضمن إطار أهداف الألفية للأمم المتحدة بعيدا عن السقوط أكثر في كفة هذه القوة أو تلك؟ وقد تعيد هذه المرة البريق الضائع للدبلوماسية الفرنسية لتتحمل التزاماتها تجاه القضايا الكبرى كفلسطين وحق الشعوب في تقرير مصيرها وأنسنة القانون الدولي من خلال دواليب البيئة والطاقة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024