يستعد مجلس الأمن قريبا لعقد اجتماع قصد دراسة ومناقشة تطورات القضية الصحراوية على ضوء التقرير الذي عاد به المبعوث الأممي “كريستوفر روس” بعد قيامه بزيارتين إلى المنطقة منذ بداية السنة في سابقة هي الأولى، إذ لم يسجل وأن قام مبعوث قبله بجولتين في ظرف شهرين فقط...
ورغم أن مضمون التقرير لن يُكشف إلاّ على طاولة المجتمعين في مجلس الأمن هذا الشهر، غير أن ملامحه وما تضمنه من حقائق ومقترحات تبدو بأنها لا تصبّ في جعبة الاحتلال المغربي ولا تزكي مبادرة الحكم الذاتي التي يصر على فرضها كأمر واقع ترسيخا لاستيلائه غير الشرعي على الصحراء الغربية ..
ونستشف هذا الأمر من خلال التحفظ الذي أبداه المغرب على زيارة “روس” الثانية، حيث خصّه ببروتوكول منخفض، واكتفى موظف سام في الخارجية بلقائه ولم يستقبله لا رئيس الحكومة ولا رئيس البرلمان، بينما كان الملك محمد السادس في جولة في إفريقيا. كما تعمدت وكالة الأنباء المغربية حظر نشر أي خبر يتعلق بالزيارة التي تمّ التعتيم عليها إعلاميا واعتبارها لا حدث.
«روس” كتب تقريره وحدّد مقترحاته ليعرضه على “بان كي مون” الذي سيحوله بدوره إلى مجلس الأمن ليصدر قرارا يجب أن يكون فاعلا غير مفعول فيه وبه، ينصف الصحراويين ويفرض تنفيذ مقررات الشرعية الدولية وعلى رأسها الحق في تقرير المصير، وقبل ذلك وبعده وضع الاحتلال عند حده لينهي مسلسل انتهاكاته في حق الصحراويين من خلال توسيع “المينورسو” لتشمل مراقبة حقوق الانسان.الصحراويون وبرغم الخيبات المتتالية يعلقون آمالا كبيرة على ما سيقرره مجلس الأمن قريبا، كما يستبشرون خيرا بالدعم الدولي المتنامي لقضيتهم العادلة ويؤكدون بأن الحبل يضيق على الاحتلال الذي قربت نهايته.
حيدر وكينيدي تفضحان الاحتلال
قبل أسبوع، استقبل الكونغرس الأمريكي المناضلة الصحراوية أمينة حيدر، التي ألقت خطابا أمام لجنة الشؤون الخارجية، عرت من خلاله الاحتلال المغربي وكشفت جرائمه وخرقه الفاضح للشرعية الدولية.واستغلت حيدر المناسبة لمناشدة المجتمع الدولي التحرك قصد إقرار حق تقرير المصير في الصحراء الغربية، وفرض احترام حقوق الإنسان بها.وبخصوص مسألة حقوق الانسان أوضحت المناضلة الصحراوية، أن المغرب يواصل انتهاكاته تجاه المدنيين الصحراويين على مرأى ومسمع من البعثة الأممية لتنظيم الاستفتاء بالصحراء الغربية “المينورسو”، الموجودة منذ تاريخ الإعلان عن وقف اطلاق النار عام 1991 بالإقليم المحتل.
وعلى صعيد آخر أكدت حيدر- التي تعتبر أيضا رئيسة مجموعة المدافعين عن حقوق الإنسان بالصحراء الغربية - أن الشعب الصحراوي لا يخفي خيبة أمله بخصوص ممارسة شركات بعض بلدان الإتحاد الأوروبي نشاطاتها بطريقة غير شرعية بالأراضي المحتلة في مجال التنقيب عن البترول والمعادن والفلاحة والموارد الصيدية والطاقات المتجددة.وبما أن قمة الاتحاد الافريقي - الإتحاد الأوربي ستعقد اليوم، فقد اعتبرت حيدر أنه يتعين على الاتحاد الافريقي استوقاف الإتحاد الأوروبي كون النشاطات الاقتصادية التي يقوم بها المغرب وشركاؤه الأوربيون بالأراضي المحتلة سترهن المصالح الاقتصادية للأجيال الصاعدة بالصحراء الغربية.ودعت الإتحاد الافريقي الذي عُرف خلال السنوات الماضية بمساهمته المباشرة في تسوية النزاعات بإفريقيا إلى التحرك بحزم لدى الأمم المتحدة للمطالبة بتنظيم استفتاء حر وحيادي، بما يسمح للشعب الصحراوي بممارسة حقه الشرعي في تقرير المصير.
آلية لمراقبة حقوق الإنسان... ضرورة ملّحة
وأيّدت خطاب حيدر، رئيسة المنظمة الأمريكية غير الحكومية “روبرت كينيدي للعدالة وحقوق الإنسان” كيري كينيدي خلال لقاء نظمته بعثة الإتحاد الإفريقي بواشنطن بالاشتراك مع مركز روبيرت كينيدي بحضور ممثلي السلك الدبلوماسي المعتمد بواشنطن ووسائل إعلام وممثل جبهة البوليزاريو بالعاصمة الفيدرالية الأمريكية محمد يسلم بيساط.وفي الكلمة التي ألقتها، ذكرت سفيرة الإتحاد الإفريقي بواشنطن آمينة سلوم علي بأن المنظمة الافريقية تؤكد مجددا تمسّكها بلوائحها التي تدعو إلى الإسراع في تنظيم استفتاء بالصحراء الغربية التي تبقى آخر مستعمرة في القارة السمراء.وقدمت كينيدي من جهتها، شهادتها أمام المشاركين عن انتهاكات حقوق الإنسان العديدة التي ترتكبها السلطات المغربية ضد الصحراويين، والتي سجلتها خلال زيارتها للصحراء الغربية سنة 2012. وأشارت إلى أن هذه الانتهاكات تتواصل بسبب غياب آلية دولية لمراقبة حقوق الإنسان. وتساءلت عن سبب كون المينورسو هي البعثة الأممية الوحيدة لحفظ السلام التي لا تتضمّن عهدتها مراقبة حقوق الإنسان وإعداد تقارير بشأنها. ودعت في هذا السياق إلى “التحرك لإرغام المغرب على الالتزام بمسؤولياته”. وأكدت كينيدي على ضرورة تكثيف الأعمال لتحسيس الحكومات والمجتمع الدولي أكثر فأكثر حول انتهاكات حقوق الإنسان في الصحراء الغربية.