بعد تشكيل حكومة تمام سلام

عودة النقاش حول مفهوم “المقاومة”

جمال أوكيلي

كان متوقعا، أن يعارض فصيل سياسي معين البيان الوزاري، في لبنان قبل الشروع في مناقشته خلال جلسة علنية لمجلس النواب، خاصة النقطة المتعلقة بـ “المقاومة”، وبالرغم من التوصل إلى صيغة توافقية استبدلت المصطلحات، وهذا على أن تكون مطلبا لـ “المواطنين” وليس لـ “الشعب”، وقد قبل الجميع بهذه النظرة في اجتماع دام إلى ساعات متأخرة من الليل، إلا أن حزب الكتائب بقيادة أمين الجميل برفض التفاوض حول الجزئيات بدلا من الجوهر..

أي توضيح بدقة مفهوم المقاومة بأبعادها الأمنية والسياسية في نطاق حضور الدولة صاحبة القرار النهائي في تحديد استراتيجية الدفاع الوطني وحفظ كل ماله علاقة بالجانب حماية الأشخاص والممتلكات. وبهذا يكون حزب الكتائب قد أعاد العدّاد إلى الصفر وهذا عندما وقف حائلا دون تسجيل المزيد من التقدم في رؤية بناء المؤسسات اللّبنانية القادرة على مرافقة كل الأحداث الخطيرة بالمنطقة. وبخاصة إيجاد الحلول الفورية لملف اللاجئين السوريين الذين يقترب عددهم نحو المليون شخص في بلاد الأرز، اخلطوا كل الحسابات في لبنان نظرا للتوافد اليومي على الحدود أثّر بشكل مباشر في إرادة القادة اللبنانيين الراغبين في إيجاد إطار قانوني يستطيعون من خلاله الحسم النهائي في هذا المشكل العويص، للأسف لم يراع هؤلاء أن حكومة تمام سلام هي نتاج ولادة قيصرية بعد ١٠ أشهر من الإتصالات الشاقة والمضنية، ليعود هؤلاء إلى منطق آخر إعتقد البعض أنه ولى إلى الأبد من أجل مصلحة لبنان الداخلية والخارجية والتخلص من ما يعرف بالفراغ السياسي الرهيب في البلد.
ومدونة البيان الوزاري هي مجموعة من المحاور الكبرى لخارطة طريق الحكومة الحالية بقيادة سلام الذي هدّد بالإستقالة في حالة مواصلة المسعى القائم على تعطيل أعمال الجهاز التنفيذي، ومن الصعوبة بمكان أن يعاد النظر في التفسير الذي أعطى للمقاومة. وهذا عندما أنزلت من السقف الشعبي إلى مستوى المواطن، وهذا كله من أجل إقرار مبدأ السير على درب تحريك المؤسسات باتجاه آفاق واعدة منها الشروع في الإعداد لمرحلة الإستحقاقات الإنتخابية القادمة، ولا يحق لأي كان أن يعرقل هذه الإرادات الخيرة لخدمة لبنان بعد كل هذه المعاناة نظرا لتدهور الأوضاع في سوريا.
والوزن الأمني والسياسي لحزب الله لا يسمح له بترك “الكتائب” يملون شروطهم عليه أو يغيرون ما طاب لهم من مصطلحات حتى وإن عاد الجميع إلى نقطة الإنطلاقة وهذه عقلية مسؤولية.
ولابد من القول هنا بأن نصر الله وجماعته لا يفكرون حاليا في الحكومة بقدر ما تتجه عقولهم إلى سوريا، لأن حسم المعركة هناك يعني أوراق سياسية جديدة لهذا الحزب في الضغط على الداخل، وحتى الآن ما يزال يترقب الوضع عن بعد، ولم يحصل على هذه الأدوات في يده كون الأمور معقدة جدّا في سوريا إلى درجة ضبابية الأحداث أمنيا، خاصة لأن عناصره الذين يحسنون حرب العصابات وجدوا أنفسهم أمام جماعات يتقنون كذلك فنون القتال، أي أن ما وقفوا عليه خلال ٢٠٠٦ بعيد كل البعد عن اليوم في مقاومة “جيش نظامي” لذلك لم يحملوا أي واقعة في سوريا جديرة بالتذكير، لأن المعارضة المسلّحة تنتهج تكتيك الإنسحابات وإخلاء الأماكن التي تسيطر عليها حتى لا تتكبّد المزيد من الخسائر في الأرواح والعتاد، وتفادي بطش عساكر هذه الحرب.
كل هذه العوامل لها دخل مباشر في السير الحسن للمؤسسات السياسية في لبنان، وما يقدم عليه أمين الجميل والحريري ومن سار على دربهم من معارضة شديدة لحزب الله هو امتداد طبيعي وتحصيل حاصل لما قرّره نصر الله من إرسال لعناصره إلى سوريا كانت في الوقت السابق بواسطة المفخخات، اليوم تغيّر الأسلوب وهذا بنقل معارضة هذا الحزب إلى الأطر السياسية المعروفة في لبنان، وستزداد ضراوة إن لم يفصل في مصير الحكومة بمعنى منحها ثقة النواب للشروع في عملها، لأن لبنان ليست أمور أمنية وسياسية وإنما هناك شعب مثل كل الشعوب، يرغب في العيش الكريم لا تنقصه كهرباء ولا مياه ولا بنزين أي الخدمات اليومية، هذا لا يأتي إلا في ظلّ الإستقرار والهدوء وتفهم كل الأطراف لما يجري في البلد. ولا تكون الأولوية للسياسة فقط.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024