بالرّغم من المناورات المغربية الفاشلة في منطقة السّاحل

إجماع دولي على آلية أممية لحماية الصّحراويين

جمال أوكيلي

عاد المبعوث الأممي الخاص للصّحراء الغربية السيد كريستوفر روس إلى المنطقة لتعميق التشاور من خلال الاتصالات المكثّفة التي أجراها مع المسؤولين الجزائريين والصحراويين قبل عرض تقريره حول القضية أمام مجلس الأمن في غضون الأسابيع  القادمة.
وفي هذا الاطار، استمع روس إلى الانشغالات السياسية للقادة الصحراويين بخصوص المسائل الملحة التي ما يزال المغرب يقف حائلا دون الأخذ بها أو بالأحرى الالتزام بها، منها تقرير مصير هذا الشعب وتدعيم “المينورسو” بآلية حماية حقوق الانسان للصحراويين، الذين يتعرّضون اليوم لأبشع صور الابادة والتّعذيب، أدانتها بشدّة الولايات المتّحدة وكلّ الشعّوب التوّاقة إلى الحرية والمساندة للشعب الصحراوي المكافح والرّافض للاحتلال المغربي لهذا الجزء العزيز على الصحراويّين.
وكل المؤشّرات السياسية تؤكّد بأنّ القضية الصحراوية توجد في الاتجاه الصحيح والسليم، وسيترجم ذلك تقرير روس بعد سقوط كل الطّروحات المغربية المبنية على الأكاذيب التاريخية التي لا أساس لها من الصحة، منها ما يسمّى بـ “الأقاليم الجنوبية” ثمّ ما ابتدعه “الحكم الذاتي”، وغيره من الأوهام التي يطلقها من حين لآخر لعلّه يحصل على مزيد من تعاطف حلفائه التقليديين على أنّه التصور الأوحد والوحيد للتخلّص من قضية شعب بأكمله.
ولا أحد اليوم يصدّق هذه الادّعاءات التي تلاشت بفعل نضال الشعب الصحراوي الذي يعطي يوميا لكل المشكّكين درسا في التضحية من أجل وطنه مهما كانت آلة القمع المغربية ووحشية عساكر الاحتلال، وهذا ما وقف عنده روس وكل الخيّرين في هذا العالم الذين يتابعون عن كثب وضع هذا الشّعب.
هذا هو الواقع الذي يلاحظ في الميدان أو على مستوى الأداء السياسي، بمعنى أنّ هناك تعاونا قويا من المسؤولين الصحراويين تجاه  عمل الأمم المتحدة، وهذا بفتح أفق واعدة لإيجاد الحلول المرجوّة لصالح شعب يرزح تحت احتلال غاشم لا يرحم صغيرا ولا كبيرا. ويزداد هذا الوعي لدى المجموعة الدولية بضرورة إيلاء العناية اللازمة للجانب الانساني في ملف الصحراء الغربية، وهذا في حدّ ذاته اعتراف ضمني بأنّ هناك احتلالا لأراض صحراوية، وهذه الحقيقة لا يستطيع أن يخفيها المغرب مهما حاول تغليط البعض من البلدان.
وما من يوم يمر إلاّ ويقتنع الرأي العام العالمي بأنّ المغرب ليس بالشّريك المؤهّل للتعامل معه حول ملف معين، كونه لم يبدِ أيّ تفاعل مع النّداءات الصّادرة عن أطراف عديدة لتسوية القضية الصحراوية التي تدعوه إلى احترام  الشّرعية الدّولية.
ففي الوقت الذي يعمل الصحراويون على إبراز عدالة قضيتهم للكثير من الأطراف، يسعى المغاربة للتشويش على أي توجه يندرج في هذا الاطار، وهذا بمحاولة استدراج بلدان السّاحل إلى مقترحاتهم الخيالية، وقد يخطئ من يعتقد بأنّ هذا البلد يريد العودة إلى إفريقيا أي إلى الاتحاد الافريقي، الذي ولد في غيابه وهذا بعد أن وصف منظمة الوحدة الافريقية خلال الـ ٨٠ بفضاء لـ “تام، تام”.  ولا ينسى أحرار هذه القارة هذا النعت آنذاك، أين كان هؤلاء طيلة هذه الفترة الذهبية من إنشاء وإقامة المؤسسات الافريقية، لا يحق اليوم لهذا البلد أن يتّخذ من السّاحل مدخلا لإفريقيا من أجل التشويش على القضية الصحراوية، والرّهان على أفكار هدّامة وخبيثة يراد منها تشويه صورة الصحراويين حيال ما يجري من أحداث في الساحل وما يقال عن الارهاب والارهابيين.
لم يجد المغرب من يصغي إليه في محاولة إيهام البعض حول القضية الصحراوية، وهذا بتغيير استراتيجية “الاقناع” من الشمال إلى الجنوب، مستعملا أساليب دنيئة لا تمتّ بأي صلة للأعراف المتّبعة والتقاليد المعمول بها في النشاط الديبلوماسي من أجل السعي للتأثير على البعض في عدم تحمّسهم لهذه القضية، وهذا باختلاق سيناريوهات مجنونة تنسج عبر الاعلام المغربي. هي كمية هائلة من الخزعبلات تلقى على مسامع النّاس، أغراضها مكشوفة وأهدافها مفضوحة، لا تنطلي على أحد أبدا لأنّنا اعتدنا عليها ولا نستغرب من تكرارها واجترارها في كل مرة. وكلّما شعر المغرب بالعزلة السياسية يسارع إلى البعض لكسر ذلك، كان في السّابق مع فرنسا والولايات المتحدة لكن اليوم تغيّرت الأمور باتجاه عمق إفريقيا.
وهناك حقائق سياسية نسيها المغرب في كل المسعى الذي يقوم به عند الأفارقة، وهي أنّ هذه البلدان محبة لمبدأ تقرير مصير الشّعوب، ولن ترضى عن ذلك بديلا كونها عانت ويلات الاستعمار كما يعاني الصحراويون من الاحتلال المغربي اليوم. وهذه الحقيقة السّاطعة لا يمكن للمغرب أن يحجبها، وسيلقى الرفض القاطع من أحرار القارة إن آجلا أو عاجلا.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024